جريدة الديار
الأحد 22 ديسمبر 2024 02:13 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

فورين بولسي.. السلام بين روسيا وأوكرانيا في 2023 بعيد المنال

اثار قصف روسي 7لى كييف
اثار قصف روسي 7لى كييف

استبعدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إقرار السلام في أوكرانيا، خلال عام 2023، وذكرت أن الأوضاع على الأرض تشير إلى أن موسكو وكييف متمسكتان بموقفيهما من استمرار القتال، حتى تحقيق النصر.

و في تحليل للكاتب يوجين تشوسوفسكي، كبير المحللين في معهد نيولاينز للدراسات السياسية والاستراتيجية،قال فيه أن إمكانية حدوث انفراجة تسفر عن سلام دائم بين الدولتين المتحاربتين، قد تكون بعيدة المنال خلال العام الجديد، لأن الطرفين يعتقدان أنهما قادران على الفوز في ساحة المعركة.

وأشارت المجلة إلى أنه مع تجاوز الحرب الروسية في أوكرانيا عتبة 10 أشهر في 24 ديسمبر، كانت حصيلة الصراع الذي طال أمده هائلة، إذ أسفرت الحرب عن مئات الآلاف من الضحايا، العديد منهم من المدنيين الأوكرانيين، بينما أجبرت ملايين على الفرار من ديارهم.

وأفادت بأن العالم لم ينج حتى الآن من توابع هذا الصراع، إذ أثر في كل شيء من الطاقة إلى الإمدادات الغذائية، سواء في شكل تضخم أو نقص، في الدول الأكثر ضعفًا.

وقالت فورين بوليسي: لا يبدو أن الحرب ستنتهي في وقت قريب، إذ لا توجد أي إشارات تمنح أي وميض ضوء على أن الطرفين قد يستمعان لصوت العقل خلال الفترة المقبلة.

وبينت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يُظهر أي استعداد للتراجع عن أهدافه الحربية، كما أنه أشار إلى أن الصراع يمكن أن يتحول إلى عملية طويلة الأمد، وأضافت أن هناك أنباءً عن هجوم روسي أوائل العام الجديد.

وأظهرت التطورات الأخيرة، مثل تبادل الأسرى البارزين بين روسيا والولايات المتحدة، أن الدبلوماسية لا تزال قادرة على تحقيق نتائج ملموسة، في حين تكثف أوكرانيا ارتباطاتها الدبلوماسية مع واشنطن وباريس وأنقرة، من خلال مكالمات وزيارات رفيعة المستوى.

وعما تشير إليه هذه العلامات المتضاربة بشأن استمرار الحرب، حددت المجلة الأمريكية 3 عوامل يمكنها تصعيد القتال وإطالة أمد الحرب، بدأت بالنجاحات التي حققتها القوات الأوكرانية في ساحات المعركة، بما في ذلك استعادة العديد من الأراضي، مثل خاركيف وخيرسون.

وأشارت إلى أن هذه الاختراقات قد تدفع روسيا لإطالة أمد الحرب أكثر من أي وقت مضى.

وذكرت أن أهداف بوتين الأولية من الحرب لم تتحقق حتى الآن، فلم تسقط كييف سريعًا في يد الروس، ولم تنهر حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وإنما استعادت القوات الأوكرانية مناطق رئيسة ممن احتلها الروس بداية الحرب، بفضل الدعم المستمر من الغرب، وتفاني الحكومة الأوكرانية وجيشها والشعب في مواجهة الجيش الروسي، بخلاف الأخطاء العملياتية الروسية وسوء التقدير السياسي.

ورأت المجلة الأمريكية، أن هذه النجاحات أجبرت روسيا على استهداف الطاقة الأوكرانية والبنية التحتية المدنية، من خلال ضربات الصواريخ والطائرات من دون طيار في الأشهر الأخيرة، مع محاولة موسكو إلحاق أقصى قدر من الألم الاقتصادي بالبلاد مع حلول الشتاء.

وقالت: لقد أجبرت المقاومة الشرسة من أوكرانيا، موسكو على تغيير استراتيجيتها الأولية بعدد من الطرق، حيث انسحبت القوات الروسية من الجبهة الشمالية للصراع، مع التركيز على جنوب وشرق أوكرانيا كجسر بين مواقعها في شبه جزيرة القرم ودونباس.

واتبعت موسكو تعبئة عسكرية جزئية وهو أمر قال الكرملين إنه لن يفعله وأعلنت ضم المناطق الأوكرانية الأربع: دونيتسك ولوهانسك وزابوريزهزيا وخيرسون، لتعزيز موقفها هناك، لكن حتى هذه الإجراءات لم تمكّن القوات الروسية من ترسيخ موطئ قدم في البلاد، مع استعادة أوكرانيا لأراضيها في هذه المناطق، حتى بعد هذه التحركات.

وهكذا حسب المجلة أصبح الصراع الأوكراني أكثر تركيزًا عندما يتعلق الأمر بالحرب البرية، بينما اتسع نطاق الحملة الجوية والطائرات من دون طيار الروسية ضد أوكرانيا، مستهدفة البنية التحتية للطاقة، وترك ملايين المنازل بلا كهرباء.

وعن الوضع الأوكراني على الأرض، رأت "فورين بوليسي" أن أوكرانيا في وضع جيد عسكريًا، لاستعادة المزيد من الأراضي في الجنوب والشرق خلال العام الجديد، حيث أثبتت الدولة قدرتها على استخدام طائراتها من دون طيار لضرب خطوط الإمداد العسكرية الروسية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم وداخل روسيا في مدن مثل كورسك.

ومع ذلك، فإن الأرض التي ستتمكن أوكرانيا من استعادتها، تعتمد جزئيًا على الدعم الغربي المستمر من حيث المساعدة العسكرية ، فضلاً عن المساعدات المالية لمساعدة البلاد في حماية بنيتها التحتية الحيوية وإعادة بنائها.

وأضافت المجلة أن التعهد الغربي الأخير بمواصلة دعم أوكرانيا ماديًا وعسكريًا، بما في ذلك تقديم أكثر من مليار دولار كمساعدات طارئة لموسم الشتاء وقرار الولايات المتحدة بتزويد البلاد بصواريخ "باتريوت" والموافقة على حزمة مساعدات بـ 45 مليار دولار، قد يؤدي إلى إطالة أمد الحرب في العام الجديد.

وقالت المجلة إن التحدي الحاسم، خلال العام الجديد، سيكون مستوى الدعم الدولي لروسيا أو على الأقل إظهاره.

وأضافت أنه في حين أثبتت واشنطن و(الناتو) استعدادهما المستمر لدعم أوكرانيا وعزل روسيا، هناك دول أخرى لم تشارك في هذه الجهود.

وأوضحت أن دولًا مثل الصين والهند وتركيا، رفضت الانضمام إلى جهود معاقبة روسيا، كما أن هذه الدول والعديد من الدول غير الغربية، زادت علاقاتها الاقتصادية بموسكو منذ بدء الصراع.

وبينت المجلة أن هذه العلاقات مكّنت روسيا من تجاوز ضغط العقوبات من الغرب وتجنُّب الانهيار الاقتصادي، ما سمح لها بالحفاظ على تمويلها للمجهود الحربي ومواصلة الضغط عسكريًا رغم نكساتها.

وأضافت: لكن إذا صعدت موسكو من حدة الصراع خلال العام الجديد، ستعيد هذه الدول النظر في مستوى تعاونها الاقتصادي والسياسي مع روسيا.

وتابعت: لا يمكن لموسكو أن تأخذ هذه العلاقات كأمر مسلم به لافتة إلى أن العلاقات الاقتصادية والسياسية المستمرة، بين روسيا ودول مثل الصين والهند، لا تعادل الدعم الكامل للغزو الروسي.

وأشارت إلى أنه بينما تظل وسائل الإعلام الحكومية الصينية موالية لروسيا، لم تعلن بكين حتى الآن دعمها الرسمي لموسكو، ومازالت الهند متمسكة بحياديتها، بينما دولة أخرى مثل تركيا التي تقيم علاقات جيدة مع روسيا انتقدت الحرب مرارًا، فضلًا عن كونها عضوًا في "الناتو".

ومع ذلك -تضيف المجلة- فإن هذه الدول لديها مصلحة عملية في الحفاظ على وارداتها من الطاقة الروسية، خاصة الصين التي تسعى لتحدي النظام الذي تقوده الولايات المتحدة والغرب بشكل أوسع.

وأوضحت أنه إذا صعّدت موسكو من مستوى الصراع خلال العام الجديد مثل متابعة التهديدات باستخدام أسلحة كيميائية أو نووية من المرجح أن تعيد هذه الدول النظر في مستوى تعاونها الاقتصادي والسياسي مع روسيا.

أخيرًا حسب المجلة، هناك الوضع السياسي الداخلي في كل بلد، لافتة إلى أن بوتين أثبت قدرته على الصمود في وجه المعارضة المناهضة للحرب، مع الحفاظ على مجلس الأمن الروسي وصناع القرار الرئيسين في صفه، وبالمثل، أثبت الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قدرته ليس فقط على البقاء في السلطة ولكن أيضًا في الحصول على تفويض.

لكن إذا لم يتمكن أي من الطرفين من تحقيق نصر عسكري، من المرجح أن تتزايد الخسائر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للصراع بمرور الوقت، وقد يصبح المسار الدبلوماسي أكثر جاذبية.

ومع ذلك، يواصل الكرملين بذل جهوده لكسب المعركة بعيدًا عن المفاوضات، بينما أظهر استطلاع للرأي أجرته مجموعة التصنيف مؤخرًا أن 85 في المئة من الأوكرانيين يؤيدون استمرار الحرب حتى استعادة جميع الأراضي، بما في ذلك شبه جزيرة القرم وأجزاء دونباس التي فقدتها عام 2014.

ونوهت المجلة الأمريكية، إلى أن الصراع الأوكراني يمر بعام صعب، مع تقلبات وانعطافات غير متوقعة، سواء كان ذلك بمزيد من التصعيد العسكري، أو التحولات السياسية، أو التقدم الدبلوماسي الذي ينطوي على وساطة دولية.

نهاية المطاف، يجب أن تنتهي جميع الحروب، إما من خلال نصر عسكري حاسم، وإما بحل دبلوماسي بين الأطراف المنهكة، لكن بقاء البوتينية في إشارة لتشدد بوتين بالحرب ومقاومة الشعب والدولة الأوكرانية، يعنيان أن عام 2023 قد لا يشهد حلًا دبلوماسيًا ولا نصرًا مؤكدًا على الأرض، لأي من الطرفين.