الإتحاد الأوروبي يطلق أكبر مهمة تدريب عسكري لمساعدة أوكرانيا
قرر الاتحاد الأوروبي إطلاق مهمة تدريب جديدة لنحو 15 ألف جندي أوكراني، وذلك بعدما توصل الشركاء الأوروبيون إلى استنتاج مفاده أن النطاق الحالي من الدورات التدريبية ليس كافياً ويحتاج إلى تنسيق الجهود تنسيقاً أفضل، كما لمساعدة أوكرانيا على مواصلة قتالها الشجاع ضد روسيا.
وبذلك أكبر مهمة تدريب للاتحاد الأوروبي لدولة ثالثة، ومستوى جديداً من الدعم العسكري لدولة تواجه منذ نحو 8 أشهر حرباً همجية من جانب روسيا.
لكن السؤال المطروح حالياً ما إذا كانت مهمة التدريب هذه ستجعل دول الاتحاد الأوروبي طرفاً في النزاع، إلى هواجس أخرى لا تزال مفتوحة، بينها كيف ستموّل المهمة، إذ تفيد الأرقام من بروكسل بأنها ستكلف نحو 106,7 ملايين يورو، من دون أجور المدربين التي ستتحملها الدول التي توفر التدريب.
أورد موقع وزارة الدفاع الألمانية، أن الدورات التدريبية العسكرية المزمع إجراؤها على الأراضي الأوروبية على مدى 24 شهراً، والتي يجب أن تبدأ منتصف نوفمبر الحالي، ستشمل مهام التخطيط العسكري والاستراتيجي، التدريب على المراكز القيادية من خلال عمليات محاكاة، عدا عمليات إزالة الألغام والتدريب القتالي على الأسلحة المقدمة وأحدث صناعات الأسلحة، بينها كيفية استخدام نظام الدفاع الجوي إيريس تي أس ال أم، كما التدريب على الصيانة والتمرين الطبي، فضلاً عن الدفاع ضد الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية الجديد في هذه المهمة أن القوات العسكرية في دول الاتحاد ستتدرب أيضاً على الحرب.
وبالإضافة إلى استخدام البنية التحتية ومرافق التدريب في الدول الأعضاء لضمان شراكة تدريب سريعة وفعالة من حيث التكلفة والمرونة والاستدامة اللوجستية، سيتم إنشاء مقار للبعثة في بولندا وألمانيا، فيما أوردت تقارير أنه سيكون هناك معسكر تدريبي في مدينة فيسبادن الألمانية، حيث أحد مقار الجيش الأميركي في أوروبا، وذلك لتنفيذ المزيد من التدريبات على أنظمة الأسلحة الغربية، بعدما كان قد تم تدريب نحو 2000 جندي أوكراني على تشغيل أنظمة المدفعية والطائرات من دون طيار.
وأعلنت وزارة الدفاع الألمانية، في بيان رسمي أنها ستلعب دوراً تنسيقياً في مهمة التدريب العسكرية، عدا أنها ستقوم بتدريب لواء يصل عديده إلى نحو 5000 جندي أوكراني. وقد أثبتت الدورات التدريبية للجنود الأوكرانيين التي تمت في ألمانيا جدواها، وينطبق هذا خاصة على التدريب على استخدام أنظمة الأسلحة والصيانة، مثل مدافع الهاوتزر أو قاذفات الصواريخ، إلى الدبابات المضادة للطائرات.
وفي ظل الحديث عن أن أوروبا ستنجذب كلها إلى محاربة روسيا، تُطرح تساؤلات عما إذا كانت هذه المهمة ستشكل خطوة نحو المشاركة المباشرة في الحرب. وفي الإطار، أبرزت زود دويتشه تسايتونغ، أن تدريب الجنود الأوكرانيين من قبل الاتحاد الأوروبي، وهو منظمة مدنية إلى حد كبير، يعتبر أقل خطورة من الناحية السياسية في بروكسل، مما لو كان حلف شمال الأطلسي قد تولى هذه المهمة، رغم أن ذلك لا يغير حقيقة أن الناتو يقدم مساهمة كبيرة لأوكرانيا من خلال تسليم الأسلحة. وكان منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قد اعتبر أنه ليس هناك من شك في أن روسيا على وشك خسارة هذه الحرب أخلاقياً وسياسياً وحتى عسكرياً، ولذلك يجب الاستمرار في دعم أوكرانيا.
وذكرت شبكة "ايه اردي" الإخبارية، نقلاً عن خبراء قانونيين، أن ليس هناك من شك في أن الحرب الروسية على أوكرانيا تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، وبصورة أدق، بما يتعلق بحظر ميثاق الأمم المتحدة لاستخدام القوة.
وفي الوضع الحالي لأوكرانيا لها الحق في الدفاع عن النفس ضد هذا العدوان، حتى أنه وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، يمكن ممارسة الدفاع عن النفس فردياً أو جماعياً ولذلك يمكن للدول الأخرى دعم كييف، بما في ذلك عسكرياً، وهذا يشمل تسليم الأسلحة ومهام التدريب، واستخدام جنودها في المهمات جنباً إلى جنب مع الأوكرانيين سيكون قانونياً من المنظور الدولي. لذا، فإن التقييم القانوني يضفي الشرعية على دعم أوكرانيا من ألمانيا وغيرها.
وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة كولن كلاوس كريس، إن تسليم الأسلحة أو التدريب ليسا مدخلاً للنزاع المسلح، وألمانيا لن تكون طرفاً في الحرب، موضحاً أن الدول تصبح طرفاً في الحرب فقط، إذا أرسلت جنوداً إلى المعركة أو شاركت مباشرة في الأعمال العدائية الأجنبية، وإذا ما تعرضت للهجوم، كما هي الحال مع أوكرانيا. ينفي الاتحاد الأوروبي بشدة نية المشاركة في الحرب، ويعتبر المهمة فقط عنصراً آخر في سياسة التكتل لدعم أوكرانيا ما دام ذلك ضرورياً.
وحيال التكاليف، اعتبر الكاتب السياسي أريك بونزه، أن المبلغ المقدم من الاتحاد الأوروبي ليس كبيراً، ولكن نظراً إلى الدعم المقدم لأوكرانيا من إمدادات الأسلحة، هناك حديث عن توسيع صندوق تسهيل السلام الأوروبي، لتأمين المزيد من الأموال. مع تزايد المدفوعات، هناك شح في أموال الاتحاد الأوروبي.
ودعمت إدارة بايدن أوكرانيا بأسلحة بقيمة 16 مليار دولار، منها على شكل التزامات تعاقدية على مدى السنوات الثلاث المقبلة. هذا في وقت يطالب الجمهوريون الذين يتقدمون في استطلاعات في الانتخابات النصفية بتقديم مساعدات أقل لأوكرانيا.