على وقع انتهاء الهدنة.. طبول الحرب تدق مجددًا في أوكرانيا
دقت طبول الحرب مجددًا في أوكرانيا، لتعلن أن الأزمة، التي دخلت شهرها الحادي عشر، لن تضع أوزارها قريبًا.
تلك الأزمة، التي اندلعت على أبواب أوروبا، وأثقلت كاهل العالم، ودَّعت منتصف ليل السبت، هدنة من طرف واحد، أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ظهر الجمعة، شهدت تبادل اتهامات من الطرفين.
فبينما اتهمت أوكرانيا الجيش الروسي بعدم احترام وقف إطلاق النار، اتهمت روسيا في المقابل الأوكرانيين بمنع تطبيقه، مستنكرةً استمرار القصف المدفعي الأوكراني على مواقعها.
صحيفة الجارديان قالت : إنه في الساعات الأولى من صباح الأحد، مع انتهاء وقف النار رسميًا، دمر قصف أوكراني محطتين للطاقة الحرارية في دونيتسك، التي تسيطر عليها روسيا، وفقًا لمسؤولين نصبتهم موسكو.
وبينما قال المسؤولون إن المعلومات الأولية، أشارت إلى إصابات في القصف الذي وقع في زوريس ونوفي سفيت، لم تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن الهجمات داخل روسيا، أو على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا.
وقالت وكالة الأنباء الروسية تاس، إن شخصين قد يكونان محاصَرين تحت الأنقاض، بمحطة توليد الكهرباء المتضررة في نوفي سفيت، مشيرة إلى أن الضربة الأوكرانية نفذت بنظام إطلاق صواريخ متعدد.
ولم يصدر تعليق فوري من أوكرانيا، التي لم تعلن مسؤوليتها عن هجمات داخل روسيا، أو على الأراضي التي تسيطر عليها موسكو في أوكرانيا.
وصدت الدفاعات الجوية الروسية في وقت مبكر من صباح السبت هجومًا بطائرة مسيرة على شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014.
وقالت وكالة تاس الروسية للأنباء نقلًا عما كتبه حاكم مدينة سيفاستوبول، الذي عينته روسيا ميخائيل رازفوجاييف عبر "تلجرام" إنه جرى إسقاط المركبة الجوية غير المأهولة، السبت، فوق حاجز أمواج بالقرب من سيفاستوبول، وهي القاعدة البحرية لأسطول البحر الأسود الروسي.
في الجهة المقابلة، قال مسؤولون أوكرانيون، الأحد، إن روسيا شنت ليلاً قصفًا على مناطق شرقي أوكرانيا، أسفر عن قتل شخص على الأقل، بعد أن أنهت الهدنة التي أعلنتها في عيد الميلاد.
وقال حاكم المنطقة، أوليه سينهوبوف، على تلجراف، إن رجلاً يبلغ من العمر 50 عامًا توفي في منطقة خاركيف، نتيجة القصف الروسي.
وقال سيرهي هايداي، حاكم لوهانسك بشرقي أوكرانيا، عبر التلفزيون، الأحد، إن هناك قتالًا عنيفًا في المنطقة، مشيرًا إلى أن القوات الروسية نشرت وحداتها الأكثر استعدادًا للقتال ومعداتها الثقيلة في مدينة كريمينا، ما يعني أن الروس يتراجعون ببطء في المنطقة.
وأضاف هايداي أنه مع انخفاض الحرارة ليلاً إلى 15-17 درجة مئوية تحت الصفر (5 إلى 1 فهرنهايت)، سيزداد القتال، لأن الصقيع القاسي يعني أنه من الأسهل نقل المعدات الثقيلة.
في غضون ذلك، تردد صدى نيران القذائف حول الشوارع شبه المهجورة في بلدة باخموت الأوكرانية الأحد، وهو محور أعنف قتال في العملية العسكرية الروسية، بينما لم يتسن لوكالة رويترز التأكد من مصدر القذائف التي سمعت في باخموت.
وقال حاكم مدينة القرم سيفاستوبول، الذي نصبته روسيا السبت، إن الدفاعات الجوية أسقطت طائرة مسيرة، مشيرًا إلى أنها أحدث محاولة هجوم أوكراني على ميناء يوجد فيه أسطول البحر الأسود الروسي.
يأتي ذلك، بينما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فشل وقف إطلاق النار المؤقت، الذي أمر به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال عطلة عيد الميلاد، قائلًا في رسالة عبر مقطع فيديو مساء السبت: لقد قالوا شيئًا عن وقف مفترض لإطلاق النار، لكن الحقيقة أن القذائف الروسية ضربت مرة أخرى باخموت ومواقع أوكرانية.
وأضاف الرئيس الأوكراني: لقد تأكد مرة أخرى أن طرد الروس من الأراضي الأوكرانية والقضاء على كل الفرص المتاحة لروسيا لممارسة الضغط على أوكرانيا وكل أوروبا، هو فقط ما يعني استعادة وقف إطلاق النار والأمن والسلام.
وفي خطابه، مساء السبت، قال زيلينسكي إنه مسرور لأن كثيرين حضروا قداس عيد الميلاد في دير الكهوف بالعاصمة كييف.
وفي الكنيسة، التي تعد أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، احتفلت الكنيسة الأرثوذكسية الجديدة في أوكرانيا بقداس عيد الميلاد، ولأول مرة منذ عقود باللغة الأوكرانية بدلًا من الروسية.
كثف الغرب مساعداته العسكرية لأوكرانيا، في الآونة الأخيرة، كان آخرها ما أعلنته الولايات المتحدة عن مساعدات عسكرية لكييف بثلاثة مليارات دولار، في حزمة قال البيت الأبيض إنها تتضمن مدرعات من طراز برادلي وناقلات جنود مدرعة ومدافع هاوتزر ذاتيّة الدفع.
وعن تلك المساعدات العسكرية، قالت الرئاسة الأوكرانية: عام النصر بدأ مضيفة أن الحزمة الأمريكية تشمل أيضًا صواريخ هيمارس الدقيقة وصواريخ سي سبارو المضادة للطائرات.
ولم تكن أمريكا في السباق وحدها بدعم كييف، فالحكومة الألمانية أعلنت، الجمعة، أنها سترسل 40 مدرعة من طراز ماردر إلى الجيش الأوكراني، في الربع الأول من 2023، في أول إعلان لعمليّة تسليم ملموسة لهذا النوع من المعدات.
وعن تلك الأسلحة، قال الكاتب والمحلل الألماني أندرياس كلوث، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن الغرب يساعد أوكرانيا في الانتصار من دون التسبب في اندلاع حرب عالمية ثالثة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا اتخذت خطوة كبيرة إلى الأمام في هذا الاتجاه.
وأعلنت الدول الثلاث أنها سوف تقدم للأوكرانيين أنواعًا جديدة من الدبابات، بحسب المحلل الألماني الذي قال إن الأمريكيين سيرسلون مركبات قتالية مدرعة من طراز برادلي، بينما يقدم الألمان مركباتهم المماثلة من طراز ماردر، أما الفرنسيون فسيقدمون مركبات مماثلة طراز إيه إم إكس- 10.
قال كلوث رئيس التحرير السابق لصحيفة هاندلسبلات الألمانية، إن مركبات برادلي وماردر بها أسلحة ومسارات، لكن هدفها توصيل جنود المشاة حيثما تكون هناك حاجة إليهم، بينما مركبات إيه إم إكس- 10 يها عجلات بدلًا من المسارات، وتجمع المعلومات الاستطلاعية.
وبينما قال إن أوكرانيا في حاجة ماسة لهذه المركبات، أكد أن كييف ستحتاج إلى ما تسمى دبابات المعارك الرئيسة مثل إم1 أبرامز الأمريكية، أوليوبارد 2 الألمانية، أو لوكلير الفرنسية، كونها قادرة على اختراق الخطوط الروسية، واستعادة الأراضي الأوكرانية من قبضة روسيا.
ورغم ذلك، فإن مركبات برادلي وماردر وإيه إم إكس- 10 تمثل تحولًا، كونها أكثر من أي أسلحة أخرى أرسلها الغرب لأوكرانيا، تتخطى الخط الغامض بين المركبات الحربية الدفاعية والهجومية.
ويضيف كلوث أن الأمريكيين سيرسلون منصات إطلاق صواريخ باترويت، كما سيضيف الألمان بطارية باتريوت ثانية من مخزوناتهم، مشيرًا إلى أنه لكي تدافع أوكرانيا عن نفسها وشعبها، عليها طرد الروس من المناطق الأوكرانية، التي زعم بوتين ضمها: خيرسون، وزاباروجيا، ولوهانسك، ودونتسك.