الإعلامية تسنيم سلطان تكتب للديار ( هبة شريقي: لا أحب كلمة جمهور خاصة عندما تضاف إليها ياء الملكية
علمتها المحبّة أن تستظلَّ بنورها، تقطف من سمائها مئة جناح، تحلق في سماءِ البساطة لتكون سهلة ممتنعة، ثم تمارس طقوس الطواف حول آلهة الشعر.....
هلمّوا معي مع العزيزة " هبة شريقي " ..
_طبعا كما المعتاد في بداية الأمر
اترك لك المجال لنعرّف القرّاء على نفسك بشكل أكبر..
من هي " هبة شريقي " !
اسمي عيونٌ حائراتٌ..
ثمّ عمري ضحكتانِ طويلتانِ
ولا هويّة لي..
جسمي طحينٌ أسمرٌ
وخياليَ المائيُّ وهمٌ مخمليّ..
هبة رمضان شريقي، عمري ٢٦ سنة، درست الأدب الإنجليزي مدّة ثلاث سنوات، ثمّ اتّجهت مؤخّراً لدراسة المجال الذي أحلم به وأرى نفسي فيه منذ الصغر "الإعلام"، وأكتب محاوِلةً أن أزيد بحر الأدب نقطةً.
_كيف كانت مرحلة الطفولة بالنسبة لهبة؟
باختصار، كنت حالمة، أسابق الزمن للوصول إلى ما أنا عليه الآن، وما زلت أسابقه بروح تلك الطفلة، للوصول إلى ما سأكون عليه مستقبلاً.
_حدثيني عن أول شعور انتابكِ عند وقوفكِ أمام المنبر..؟
شعور الرّهبة بالتّأكيد, يحلم الموهوبون كلّهم بلحظة التقاء أعمالهم بالنّاس مباشرةً دون أيّ ستار, خاصّة موهوبي الشّعر, ولحسن حظّي أو لسوئه لا أستطيع التحديد, في أوّل مرّة ألقيت فيها الشّعر كان هناك عدد هائل من الحاضرين, وقفتُ بثباتٍ أتحدّى نفسي وقلت: عليكِ ألّا ترتجفي, لكنّني لم أستطع السيطرة على حبال صوتي, فخرج الصّوت مرتجفاً تلك الارتجافة المحبَّبة التي أضفت إلى الإلقاء شيئاً قالوا عنه آنذاك أنّه جميل, وأحببت أن أصدّقهم.
_ما هي أكثر مشكلة عانيتِ منها وقفت عائقاً أمام حلمك؟
المشكلة كانت في البدايات الأولى, إذ لم يكن هناك مَن يرشدني إلى الطّريق الصّحيحة كتابةً وانتشاراً, لكنّني حوّلت المشكلة إلى تحدٍّ أيضاً؛ فاشتغلتُ على موهبتي اشتغالاً مضاعَفاً, حتّى تعرّفت إلى أصحاب الـ"كار", فنهلتُ من منهلهم ورافقتهم رفقةً طيّبة في طريق الشّعر.
_كيف كانت تجربتك في أمير الشعراء؟ ومن قام بطرح الفكرة عليك وشجّعك للمشاركة في هذا البرنامج؟
تجربتي في أمير الشعراء تنقسم إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى في موسمه السّابع, إذ شجّعني بعض الأصدقاء الشّعراء للاشتراك معهم في المسابقة, ووصلت إلى مرحلة الـ150 شاعراً, لكنّ اللجنة لم تجز قصيدتي حينها للانتقال إلى المرحلة التي تليها, فاكتفيتُ بحلاوة زيارتي إلى أبو ظبي والتّعرّف إلى العديد من الشعراء وتكوين صداقات مع بعضهم ما زالت مستمرّة حتى الآن. ثمّ المرحلة الثانية في موسمه التّاسع, إذ ابتسم لي الحظّ لأصل إلى مرحلة البثّ المباشر, تلقّيت خبر تأهّلي بفرح غامر وبكاء لم أستطع كبحه, ثمّ كدتُ لا أصدّق سمعي عندما اختارتني لجنة التحكيم للعبور إلى مرحلة الـ15 شاعراً, وخرجتُ في النهاية من المسابقة نتيجة عدم حصولي على التصويت الكافي, تُوِّجتُ بمحبّة الكثير ممّن تابعوا البرنامج, وبصداقة العديد من الشعراء المشاركين أيضاً, وهذا أجمل ما في الأمر. أمّا المرحلة الثالثة, فهي الأصل, امتدّت نحو 14 سنة من متابعة البرنامج بمواسمه كلّها, والحلم بالاشتراك فيه والوقوف أمام لجنة تحكيم من خيرة نقّاد الوطن العربيّ.
_ما هي البصمات التي تركها أمير الشعراء في داخلك؟
أكّد لي اشتراكي في المسابقة أنّ الشّعر يعطي الشّاعر بقدر ما يعطيه, والقصيدة تبقى عارية إذا لم يُلبِسْها النقّاد ما يليق بها, ومع ذلك, فإنّني أحبّ القصائد عاريات.
_هل هناك فرق بين هبة شريقي قبل أمير الشعراء، وهبة شريقي بعد أمير الشعراء؟
بالتّأكيد, إن لم يكن هناك فرقٌ فهذا يعني أنّ المسابقة لم تضف إليّ شيئاً. أن تكوني تحت الضّوء يعني أنّك تحت ضغط المسؤوليّة, مسؤوليّة أيّ كلمة تقولينها, وأيّ ردّة فعل أوّليّة, علّمتني هذه التجربة أن أفكّر أكثر قبل أن أقول أيّ شيء, حتى إن كان هذا الشّيء كلمة "مرحباً".
_ما هو جديد هبة شريقي التي تخطط لتقديمه لجمهورها؟
أنوي طباعة مجموعة شعريّة, وخوفي تجاه ذلك بقدر حماسي, لذا أمشي مشي السّلحفاة في هذه الطريق, وأعمل بجديّة أكبر على إكمال مجموعة قصصيّة بعنوان: "أحمر عزيز".
_لكل أدب رسالة, ما هي الرسالة التي تحملينها في أشعارك؟
لا أحبّذ استخدام كلمة "رسالة" في ما يتعلّق بالأدب, فعلى الرّغم من أنّه يؤدّي غرضاً هادفاً في حياة الكثير من القرّاء, إلّا أنّه يخرج من رأس (غالبيّة) الكتّاب بلا هدفٍ سامٍ على وجه التحديد, نكتب لأنّنا نريد أن نطرد الوجع صدورنا, ولأنّنا نريد أن نشارك النّاس أفكارنا, نريد أن يفهمنا أحد وأن يشعر بنا لنشعر أنّنا لسنا وحيدين.
_دائماً ما نرى الشاعر يميل لنوع أدبيّ معين, ما هو النوع الذي تميل مشاعرك له، وهل أنت مع فكرة أن يميل الشاعر للّون المطروق والمرغوب في الساحة الأدبية، أم ليس مهماً عندك إن كان مرغوباً به بكثرة؟
يقول توماس هنري هكسلي: "حاول أن تتعلّم شيئاً واحداً عن كلّ شيء, وكلَّ شيءٍ عن شيءٍ واحد". جرّبت أن أخوض في مضمار الأنواع الأدبيّة أغلبها, فمن الشّعر بلونيه الفصيح والمحكيّ, إلى القصّة والرّواية, ولي في الأخير محاولة جدّيّة أعمل على إنتاجها بشكل لطيف, وأفكّر دوماً في كتابة "الدراما" يوماً ما, كما أحلم بأن أعمل فيها, ولي محاولات جادّة أيضاً في كتابة أدب الأطفال, لكنّني أميل بقلبي إلى الرواية, تورّطني الروايات باكتشاف عوالم جديدة, وترضي لي شغفي بخوض المغامرات النفسيّة. ولستُ مع فكرة أن يكتب الشّاعر ما يرغب فيه "الجمهور", لأنّ الشّعر أكبر بكثير من أن يتبع "الموضة".
_ما هي مكانة الحبّ عند هبة شريقي؟
الحبّ بالنّسبة إليّ اللعنة التي لا أتمنّى زوالها, والمرض الذي لن أسعى إلى الشّفاء منه مهما اشتدّت أعراضه, هو محرّك وحيي الأساسي, وببساطة, لا أستطيع العيش بلا الكتابة.
بعد أمير الشعراء زاد حصيلة المتابعين لك.. لذا سؤالي يقول: عندما يزعجك أحد المتابعين بتعليق له على إحدى منشوراتك هل تنفعلين أم هناك دبلوماسية خاصة تتبعينها مع جمهورك؟
قلت لك إنّ البرنامج جعلني أكثر مسؤوليّة تجاه ما أريد قوله. لا يستطيع أحد التعليق على منشوراتي في صفحتي الشخصية على الـ(فيسبوك) سوى الأصدقاء, وقد اخترت أغلبهم بعناية, واختارني الأصدقاء الباقون بدافع المحبّة بالتأكيد, إمّا محبّة (هبة) أو ما تقوم بنشره, لذا قلّما أجد تعليقاً مسيئاً, وإن وجدت أكون أمام خيارين, إمّا أن أرسل لصاحبه رسالة أحاول من خلالها تقريب وجهات النظر, أو أقوم بحذف صاحب التعليق, وذلك يرجع إلى مدى إساءة التعليق, وصاحبه بالطبع. أمّا في الصّفحات العامّة, بالطّبع وجدت -ككلّ المشتركين- تعليقات مسيئة خلال رحلتي في البرنامج, اكتفيت بقراءة بعضها, ثمّ تابعت مرحي مع الأصدقاء كأنّ شيئاً لم يكن.
بالمناسبة, لا أحبّ كلمة "جمهور", خاصّة عندما تضاف إليها ياء الملكيّة.
_هل صادفت أحد المعجبين لك في الشارع وطلب منك صورة للذكرى؟ وهل تحبين هذه التصرفات أن تتكرر معك أم تشعرين بتذمر منها؟
والله لم يحصل, وهذا سؤال جعلني أبتسم, ما بالك لو كان واقعاً!
لم يسبق لي أيضاً أن أوقفت فنّاناً أو شاعراً قابلته في الشّارع مصادفةً لألتقط صورةً معه, أشعر بأنّ ذلك ليس من حقّي, ثمّ إنّه لن يضيف إليّ شيئاً مهمّاً. لكن لو حصل ذلك معي بالطبع سأكون مسرورة لمَ الكذب! أعتقد أنّها تجربة مثيرة.
_ما الشيء الذي يمكن أن يبكيكِ وما الشيء الذي يمكن أن يجعلك تضحكين بعد موجة بكاء؟
الفرح غريب عن دارنا, لذا قد نطرده -إذا زارنا- على هيئة دموع. دمعاتي سخيّة, قد تبكيني أغنيّة باغتتني في وقت غير مناسب. ومجنونة؛ قد يضحكني ما لا يضحك أحد في وقت غير مناسب أيضاً.
_أود ختام اللقاء معك بسرّ لم تخبريه لأحد غيري وللجمهور هل تستطيعين منحنا هذه السعادة لنعرف أحد أسرارك؟
مممم, السرّ الأكبر أنّني لا أستطيع الاحتفاظ بسرّ يخصّني, للأسف, دائماً هناك شخص واحد على الأقلّ يشاركني سرّاً من أسراري.
وأرى أنّ الحبّ شمس, من السذاجة محاولة إخفائها في درج الأسرار, ومن غير العدل إطفاؤها لألّا تُرى. أنا أحبّ يا تسنيم, قلت من زمن: "وأزرع الحبَّ نجماً في فضا رحمي.. وأجهض الحبَّ, يوماً ما سأنجبُهُ". يبدو أنّني أنجبتُه أخيراً, ولا أريد الاحتفاظ بهذا الفرح سرّاً, افضحيه.