الدكتور سعد الزنط للديار: كما للعنف أسباب.. هناك عوامل يمكن بها بناء السلوك القويم
سعد الزنط: ظاهرة العنف المُمنهج اقتربت بوجود تنظيم الإخوان
الفاصل بين التنظيمات السياسية والدينية تم إذابته قصداً للانحدار بالمجتمع للهاوية
تطبيق القوة البدنية واستثمار الدوافع العدائية من ضرب وقتل وتحطيم وانتحار أصبح سلوك شائع نسبياً في المجتمع المصري وغير قاصر على مرحلة عمرية بعينها، وان تكن النسب الأكثر بين الشباب والمراهقين مما أربك النظام الاجتماعي والعلاقات بين أعضاء المجتمع، بظهور حالات القتل والاغتصاب والسرقه والاكراه والانتحار، هذا ما يعرف في علم النفس السلوكي بالعنف
ونتاج ارتفاع معدلات العنف في الفترة الأخيرة في المجتمع المصري كان للديار هذا الحوار مع الدكتور سعد الزنط مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، وإلى نص الحوار:
* رفض الاخر هل هو ثقافه عنفيه ؟ وان تكن ذلك فما هو نتاجها في ظل حدوث اهتزازت مجتمعيه تمثلت لنا في احداث 25يناير ؟
- للعنف ثقافة ناجمة عن بيئة مؤهلة تتبنى سلوك في غالبه سلبي وتراتبي ؛ تتراكم من خلاله مجموعة مِن النتوءات النفسية اكبر مع الزمن وتتشابك بحكم التعامل مع البيئة الحاضنة فتُنشيء في النهاية انسان غير قادر على التعامل السوي فيميل للصدام خاصة عندما تكون هناك مغذيات أخري كنقص التعليم وانخفاض مستوى الدخل وانتشار المرض هذا بشكل عام .. أما عن خصوصية رفض الآخر فهي احدي افرازات البيئة المنشئة للثقافة السلبية التي اشرنا لها
.. والتي يكون نتاجها مجتمع مليء بشتي صنوف الصراع ؛ متصدع وهش ؛ البنيان قابل للسقوط في اي لحظة .وقياساً على احداث يناير ؛ فأعتقد ان القياس لن يكون دقيقاً .. صحيح كان لدينا اكثر من ١٢٠٠ منطقة عشوائية معظمها على اطراف القاهرة الكبري لكن بالمقابل كانت هناك منظومة شبه متكاملة لدولة بها مؤسسات حتي لو وصفناها بالترهل.
* تظهر بكثره صور العنف في حلقات المجتمعات الضيقه كالعشوائيات والارياف ماهو السبب في ذلك ؟
- المناطق ذات السمات الخاصة كالعشوائيات والمجتمعات الريفية المتطرفة وكذا البدوية القابعة على الاطراف دائما لها ثقافتها الخاصة وتقاليدها وحتي لغتها ومفرداتها التي تتداولها .. وغالباً هذه المناطق تمثل قاع المجتمع على كل الاصعدة ربماً باستثناء البدوية منها نظراً للطبيعة المميزة لادارة شئونها القبلية والاقتصادية.
* هل تري شكل لعنف ممنهج داخل المجتمع المصري ؟
- أقتربنا من العنف الممنهج بوجود تنظيم الاخوان وباقي التنظيمات التي انبثقت منها .. وهو امر ادخل مصر في حرب - ليست جديدة عليها - واسعة ومكلفة ابتداء من ٢٠١١م وزادت حدتها منذ ٢٠١٣م .
* مادور المجموعات السياسيه في صور واشكال العنف ؟
- هناك خلط شديد سخره البعض لمسمي المجموعات السياسية .. فهذا المصطلح يحتاج لاعادة ضبط وتنقية ؛ فالخيط الفاصل بين التنظيمات السياسية والتنظيمات الدينية قد تم اذابته قصداً .. وقد اُستخدم الدين كأداة أدت الي الدخول بالمجتمع للهاوية وهو دور معاكس للدور السليم الذي يُنتظر منها .
* هل نحتاج لتنوع القوي العسكريه والسياسيه لاجراء مسوح ودراسات للعنف واشكاله بجانب المؤسسات المدنيه؟
- الدراسات المطلوبة لتشخيص الحالة التي عليها المجتمع موجودة ومعظمها دراسات معتبرة ومحترمة فقط هي في حاجة لتحديث استكمالا لمجهودات سابقة ؛ والاهم ان تفعل نتائجها وتوصياتها بإخلاص.. وأشير هنا الي المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذي يُعد في تقديري الاهم والاكثر وفرة ودقة في تناولة عبر ابحاثة الكثيرة لكل الظواهر الاجتماعية التي تعاني منها مصر من عنف وارهاب ومخدرات وهجرة غير شرعية وطلاق وانتحار.
* وهل يفيد اتباع منهج المصطلحات (العداله الانتقاليه - وفض النزاعات – والحوار المجتمعي ) في نبذ العنف الان ؟
- هذه المصطلحات وغيرها ليست وليدة اليوم ؛ وقد استخدمتها دول كثيرة عبر تاريخها وخلف كل ازمة ويمكننا تفعيل ذلك فقط يكون لدينا رؤية استراتيجية هي جزء منها .. فكما للعنف اسبابه فهناك عوامل بها يمكننا بناء السلوك القويم .. ولنسأل انفسنا ماذا نريد من انسان الغد ؟! أي الهدف منه .. ومن هنا يمكننا تصميم خارطة بناؤه.. لدينا ثلاثة منظومات يجب اعادة النظر فيها : منظومة القيم الاخلاقية - منظومة القيم الوطنية - منظومة القيم المهنية .. بها يمكن الوثوب للهدف..
* هل هناك علاقه بين غياب خدمات الاستشارات النفسيه بالمدارس والجامعات في نفاقم ظاهرة العنف ؟
- أشياء كثيرة غابت عن مجتمع التعليم في كل مراحلة وليست الاستشارات النفسية او الاجتماعية فقط .. غابت القدوة ؛ غاب الوعي القومي ؛ غابت مكملات العملية التعليمية التي كانت تؤديها القوى الناعمة..( الثقافة / الاعلام / الدراما/ المؤسسات الدينية ..).
* هل هناك معناة لدي الشباب في ادراك مفهوم الواجب نحو المجتمع - وماهو السبب وراء هذا ؟
- كنا دوماً نقول شبابنا بخير وقد كان هكذا بالفعل لكنه اليوم أمسي مختلف.. شبابنا يعني مستقبل وطن وكلاهما مثار شك كبير .. الجمهورية الجديدة يتم تشكيلها بأفضل ماتكون الامكانيات لكننا تغافلنا عن الاهم فيها وهو من سيستلمها ويديرها .. الشباب يحتاج للكثير ومن خلال تجربتي التي اعتبرها الاكثر ثراء في ملف التعليم والتدريب والوعي في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها دعيني أوجز لك الأمر في عبارة بسيطة : " نحن نحتاج لاعادة تربية الاجيال واعدادها لتحمل المسئولية : الاسرة - التعليم الاساسي - الاعلام - المسجد والكنيسة - الثقافة - الشباب والرياضة - الاحزاب السياسية - منظمات المجتمع المدني .. وإلا فالمعاناة ستكون شاملة في نفس الوقت الذي أرى سماء المستقبل ملبدة بالتحديات والتهديدات الجسام .
* وهل نحتاج الي دعم منهج التفكير النقدي في المراحل التعليميه لمناهضة الافكار الهدامه التي تؤل بدورها الي العنف ؟
- بدون جعل التفكير النقدي جزء من بناء العقلية النقدية للشباب يصعب تصور المصريين كما عهدناهم. لكن دعيني ألفت ان التفكير النقدي أسلوب تناول مقابله التابلت الذي سوف يقضي على كثير من المهارات والقدرات ؛ وليس معني ذلك اني ضده او ضد الحداثة لكن هناك خطورة في تطبيقه كأداة مهمة في منظومة تعليم تحتاج جميعها للمراجعة وعلى يد متخصصين وليس هواة أو سماسرة..
* كيف تري العلاقه بين العنف والحراك الثقافي المدني في المجتمع المصري ؟
- لايوجد حراك مدني ولاتوجد ملامح ثقافة مؤثرة .. ماذا صنعت منظمات المجتمع المدني أو الاحزاب السياسية وماذا قدمت وزارة الثقافة … الدولة هي قاطرة التغيير ومادونها يستمد قوته منها .. العنف تحول الي ارهاب .. يحتاج لمعالجة سليمة على مستوييه في المنع والحرب..
* كيف يكون الدور التوعوي بنبذ العنف مؤثر ؟
للاعنف لن يكون الا بوجود مشروع قومي تقوده الدولة وتوزع الادوار على كل المؤسسات المعنية ويراقب التنفيذ بدقة ..وبمشروع عدالة اجتماعية موازي يراعي ظروف وثقافة المصريين كلٍ حسب بيئته ( الريف- الحضر - البدو ).. وبمراجعة منظومة القوانين الحاكمة بلا مسطرة واحدة .وبتطبيق القانون بلا مواربة . وباغلاق ملف الفساد واعادة هندسة مؤسسات المكافحة وضبط الاداء فيها .
* كيف يصبح اللاعنف ثقافة عامة؟
بآلية اختيار القيادات مختلفة تتبع رئيس الدولة.. ونكتفي بمؤسسات الرقابة والامن على المعلومات او الرأي فقط . واعود فأذكر .. "التعليم الاساسي بداية طريق التغيير في مصر.