السفير عبد الولي الشميري لـ«الديار»: أوصي الجيل المعاصر ومن بعده بعدم هجر الكتاب.. ومصر هي التي أيقظت اليمنيين ثقافيا وعلميا وسياسيا
إذا أردت أن تعرف شخصاً فالحوارُ هو المفتاح إلى قلبه و فكره ضيفُنا اليوم هو شخصية سياسية وأدبية بارزة من الطراز الأول و واحد من أهم الشعراء على مستوى الوطن العربي ٠نتحدث في الحُوَار عن تجربته الشعرية و الأدبية فهو من أخلص للشعر وعاش لأجله صاحب كلمة معبرة سيكون لنا فسحات أدبية فنية أنيقة و فواصل راحة و تأمل معه٠
السفير الدكتور عبدالولي الشميري مؤلف وشاعر وسياسي ورجل أعمال ٠حصل على الدكتوراه في الأدب العربي و ماجستير في الأدب المقارن دبلوم عالي في العلوم العسكرية و دورات تدريبية عديدة في مختلف التخصصات المهنية والعلمية.
له نحو عشرين مؤلفاً في الشعر والنقد والسياسة، شغل عدد من المناصب السياسية أبرزها سفير اليمن في القاهرة حتى العام 2011. مؤسس ورئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب في صنعاء.المندوب الدائم للجمهورية اليمنية جامعة الدول العربية القاهرة٠ ولد في بادية شمير محافظة تعز باليمن سنة 1956 ٠تلقى دراساته العلمية في عدد من المدن والبلدان منها زبيد وتعز باليمن أبها بالسعودية لاهور بباكستان لندن ببريطانيا القاهرة بمصر.
الرتبة العسكرية (عميد). أسس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون بصنعاء سنة 1993م وتأكد من النظام الأساسي لمؤسسة الإبداع وموقع الإبداع.
أسس منتدى المثقف العربي في القاهرة ويرعاه يقيم ندوته الشهرية. أصدر مجلة المثقف العربي اللندنية بالقاهرة ويرأس تحريرها.
أصدر مجلة تواصل القنصلية الثقافية العسكرية الشاملة ويرأس تحريرها ٠أسس مكتبتين ثقافيتين إحداهما بصنعاء بمؤسسة الإبداع، والأخرى بالقاهرة بحي المهندسين متوقفتين للجمهور.
محاضر في عدد من الكليات والأندية والجامعات المصرية والعربية والبريطانية والإسبانية والإيرانية والمعاهد العليا.
عضو مشارك لأكثر من عشرين مؤسسة ومركز وجمعية ثقافية وأدبية وعلمية في أرجاء الوطن العربي وخارجه. شارك في مئات من المؤتمرات القطرية والدولية وزار أكثر من ثمانين دولة من دول العالم.
ألف موسوعة أعلام اليمن و التي تحتوي على تراجم و سير أعلام اليمن في مختلف العصور وتعتبر الموسوعة عمل فريد يساهم في توثيق تاريخ اليمن ويساعد الباحثين في تاريخ اليمن و المهتمين بالأدب و الشعر و الإرث الثقافي لهذا البلد العظيم، فإلى نص الحوار...
- من هوالدكتور عبد الولي الشميري؟
-- أنا الدكتور عبد الولي بن عبد الوارث بن فرحان الشميري من بادية شمير ولدت في مديرية مقبنة من محافظة تعز في شهر أغسطس سنة ٠1956
- من صاحب الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية وما العراقيل التي تعرضتُ لها في حياتك حتى تصل إلى ما تصبو إليه؟
-- علاقتي مع الشعر من صباي في قريتي حيث كانت بين يدي دواوين التصوف الشهيرة الرقيقة مجزأة في شكل ملازم خطية أو محفوظات شفهية من قصائد الصوفية المبدعين بالرقة والحب ومنهم قصائد من ديوان الشاعر اليمني المتصوف الشهير عبد الرحيم البرعي الذي كان من سكان قرية تسمى النيابتين في جبل برع من محافظة الحديدة ثم شاعر التصوف الكبير البليغ عمر بن الفارض المصري الشهير.
ومن هنا بدأ الشعر في حياتي مع المتصوفين الربانيين في الأربطة العلمية وعلمائها في كل الربوع والديار من تريم إلى زبيد وزاد من ولوعي بالشعر الرقيق حب والدي رحمه الله للتصوف وإشعاره ولكني كنت أجد نزوعا أخفيه إلى الغزل وكنتُ اتغزل بالجمال والجميلة غزلاً لا أجرؤ على المجاهرة به وإذا نشرت لي قصيدة في أحدى الجرائد الأسبوعية أتذكر منها جريدة كان أسمها الصباح تصدر في الحديدة وبعضها في جريدة الجمهورية في تعز ولكن بأسماء مستعارة خوف الافتضاح في مجتمع قبلي ومتصوف.
حيث إذا رأيت جميلة لا اتمالك دون أن أصف شغفي ولكني إما أخفيها أو أخفي إسمي عنها وبعضهن لا أعترف أنها من شعري خوفا من أن لا يتقبلها ذلك المجتمع أو أن تصل لسمع والدي رحمه الله الذي كان شديد التصوف والذكر والتلاوة والأدب إضافة إلى أن المجاهرات يستنكرها ذلك المجتمع وقد أُسميها لشاعر مجهول و تنشر ويحفظها شباب القرى وتغنيها راعيات الغنم وفي حفلات النساء والأعراس ولكن اترابي في الصبا وبعضهن يعرفون أنها لي وهذه لمحة قصيرة من بواكيري مع الشعر قبل أن تراني دواوين الشعراء الكبار التي تدفقت إلى اليمن تدريجياً فيما بعد كالشوقيات وديوان حافظ إبراهيم وكنت شغوفا بقصائد وصوت عمر أبو ريشة السوري التي كان يلقيها بصوته وإلقائه في المناسبات وبعضها من راديو صوت العرب ليلاً واحفظها من خلال الاستماع لألقائه الشاجي في الراديوهات هذه بعض من قصتي مع الشعر في البدايات.
- كيف ترى العلاقات اليمنية المصرية و ما العوامل المميزة التي تحدد العلاقات بين البلدين؟
-- مصر هي التي أيقظت اليمنيين اولاً بكل ملامح اليقظة الثقافية والعلمية ثم الطبية ثم السياسية من خمسينيات القرن الماضي نسميه القرن العشرين وزرعت وهج التمدن والملامح التعليمية الرسمية حتى الجامعات وتحملت أعباء وتكاليف ثورات وتدريب وتعليم معظم الشعب اليمني.
واليمن الجمهوري في كل القطاعات ومازالت جسور التعليم والموالاة والاحتواء الثقافي التعليمي والطبي قائمة ومتينة وحصانة ولن تستغني عنها اليمن.
-لك عشرين كتابا في الشعر و الادب و الثقافة و السياسة، و التاريخ… هل يمكنك أن تحدّثنا عن الشعر العربي، فالكل يرى أنه يمر بحالة تقهقر في ظل الظروف والتحولات التي نَمِر بها؟
-- الشعر العربي حالياً لم يجد في ظل أوضاع الأوطان المحزنة من يكشف عن المواهب ولم تجد مؤسسات كفؤه تحتضنها لهدف الإبداع فقط ومع اختفاء المنابر الشهيرة والأسمار والمناظرات وخفوت مجالس كبار الشخصيات والمحبين والمثقفين بالشعر كما كانت من رجالِ ونساء في كل ريف ومدينة وزاد في خِذْلان الشعر المعاصر إطفاء شهرة المواهب الكبرى في كثير من الأقطار وبروز الشعر المهتري الذي لا يصلح أن يطلق عليه شعراً.
وتعدد العاجزين البكم شعر المدعومين من ممدوحيهم ووسائل إعلامهم ولأسباب لا عَلاقة لها بالإبداع الشعري واللغوي… وهدم المال العربي قيم كثير من المواهب وكثرت مؤخراً المسميات الغريبة الحديثة للبيت الشعر والمضامين التي كانت تجمل وتزين الكُمّةُ بحسب موقع ورودها والتراكيب العروضية التي جعلت البيت الشعري له رنين وإيقاع موسيقي مدهش وجميلاً عبر العصور.
وللاسف كل تلك المقومات انتحل ديوانها وسطى غير الموهوبين عليه حقاً فاختفت جماليات القصيدة الأصيلة التي جاءت من موهبة حقيقية وليست من صنعة أو شُريت بمال أو وظيفة ولكن المواهب الإبداعية الحقيقية لم تمت ومازال في الفلك كواكب ومواهب من الذكور والإناث وإنما تنتظر الإفاقة وعودة النبلاء.
-ألا تشعر بأن هناك تبايناً بين الشعر المعاصر والشعر في الأزمنة الغابرة؟
-- ليس تبايناً فقط لقد كان الشعر هو الذي يقدم الشاعر ذاته وعصره ومكانه وزمانه ويصف يومياته وإنسانه ويخلد أسماء الرابي والوهاد والنبات وموارد المياه وطبائع الليل والنهار والمرأة والرجل والحروب والقرى وأهلها حتى بعض الحيوانات حتى لم يتجاهل ذكر الطفل الرضيع والمرأة وحملها والأنواء والمواسم والكواكب والقمر والشمس وذلك بأساليب وقدرات وثقافات حتى وصفيات بعض النبات فتكشف القصيدة عن مستوى الشاعر وتدفقات موهبته وكنوز معارفه.
كما تصف صراحة الحبيبة والحبيب بكل جمالياته وصفاته وأحواله وتذكر الأسماء والقوم والمهن والمعارك والسخاء والبخل وكل تلك الذي ذكرتها بالفاظ وجمل لا تصلح غيرها مكانها وإن وضعت فلن تكون كذلك إضافة إلى بيان وبديع وسبك لا يستطيع غير الشاعر الحقيقي الموهوب الإتيان كذلك وغيره يأتي دورهم حسب قوة الذائقة والملكة في القدرة على الحفظ والتداول والنشر والأسمار حيثما حل وارتحل ولذلك سمي الشعر بديوان العرب ويخلد الشعر الجزل البليغ المتكامل أسم الشاعر عبر العصور وآلاف السنين.
كما أضحى سمة متجددة تظهر وتختفي على اتساع ثقافة وذوق إنسان العصور حتى اليوم يظهر نوابغ ومواهب بالغة التدفق والإبداع والنبوغ بين حين وآخر وفي بعض الأقطار تظهر وتوجد وبإمكانية عصرهم وثقافاتهم المتعددة ونوع معاصريهم وبيئاتهم وهذا عن الشعر الذي نعرفه شعرا وأحببناه من عهد الصبا والشباب والخطى نحو الشيخوخة.
أما ضجة وضجيج الوسائل الإعلامية الحديثة بما يسمى اليوم شعرًا حديثًا أو معاصراً أو أحدث وبما تسمى مدارس جديدة أو بأي من الأسماءومسميات جديدة لا يسهل حفظها ولا الحفاظ عليها ولا نشرها وليس لها ارتباط رقيق ولا دقيق ولا صريح بانسانمجتمع اليوم وعصره فتظهر موجات فردية أحياناً ذات الأعمار القصيرة بمسميات شعرية ثم تتلاشى.
وإذا كنت لم أتحدث هنا عنه ولا عن نقده ولا وصفه ولا أمثلة على ما قلت فأترك ذلك لذوقك وكما قالت الحكمة الشعرية الخالدة (وللناس فيما يعشقون مذاهبُ).
-السفير عبد الولي الشميري لم يشغله الهم العام عن تقديم الكثير من وقته وجهده للشأن الثقافي وللمبدعين.. فهل تعبتَ من كتابة الشعر؟
-- الشعر…لي وفي حياتي راحة القلب والوجدان فيه راحة لي وسلوان وللأسف الشعر لم ينل من وقتي ما ينبغي له وبعض موضوعات أشعاري تثير غضب المعاصرين المخالفين لموضوعاتها فليس سهلاً إطلاقها في ذائقة مجتمعنا ومنعني منه كثيراً طبيعة العلاقات وتعدد الوظائف والإنشغالات وتراكم الأعمال والمسؤوليات العديدة والتنقلات والواجبات المقدسة لم أجد في الوقت متسعاً لكل ما أرغب من الشعر الذي أريد له من موضوعات الكتابة ومازالت بعض مؤلفاتي لم تطبع منها في مجالات الرواية والتاريخ والأدب والثقافة والإبداع وأحاديث سردية الذكريات والوقائع بعضها لا تحتمل البوح.
كما إن بعض القصائد ما تزال حبيسة لم تنشر لموضوعاتها التي لن يكون سهلاً إفشاء ما تحمله، ولكن بعض المؤلفات جاهزة للإخراج على برامج النشر وأجهزة الحاسوب وعزائي في جهود الباحثات والباحثين في أطروحات الرسائل العلمية التخصصية التي صدرت في عدد من كليات الجامعات في عدد من الدول.
-لقد قمت التدقيق العديد من المخطوطات الهامة فعملت على إعداد (موسوعة أعلام اليمن) التي تضم كل أسماء المؤلفين و المثقفين والعلماء في اليمن منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا حدثني عن هذه التجربة و كيف قمت بهذا العمل الضخم؟
-- "موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه" في عشرين مجلداً ضخماً طبعت في بيروت نشرت في عدد كبير من معارض الكتب الدولية في عدد كبير من البلدان وأصبحت في المكتبات العلمية العامة الشهيرة كمكتبة الكونجرس والمكتبة البريطانية الكبرى ومكتبة الإسكندرية ومكتبة فرانكفورت وبرلين وفي باريس ودار الكتب الروسية٠ أما الوطن العربي فقد ولجت كل الدول وشاركت في المكتبات التجارية وانتشرت أكثر من خلال موقعها والتطبيقات الألكترونية العديدة لجميع الأجهزة باختلاف أنواعها مجاناً ونزلت بكميات كبيرة في شتى الدول وأصبحت على أرفف مكتبات الكليات والجامعات تلك نعمة علي وعلى الأعلام.
وقد بدأتها بأقدم وأكبر الإعلام في اليمن سيدنا هُود رسول الله أول الأنبياء بعد سيدنا نوح عليه السلام وقبل ثمود و قبل صالح وقبل عصر إلى الأنبياء سيدنا إبراهيم عليهم جميعاً الصلاة والسلام تلك ومن ذلك العصر كانت بداية وزمن موسوعة أعلام اليمن وتقدر زمنيا بأكثر من 20 ألف سنة ومروراً بازمان الحضارات القديمة الضاربة في القدم وملوكها ونقوشها ابتداء من حضارة معين ثم حضارة سبأ وذريته والملوك والدول المتسلسلة عبر الأزمان وما فيها من ديانات وآلهات وأرباب ما احتوتها آلاف السنين حتى وصلت بها إلى نهاية العقد التاسع عشر قبل القرن العشرين الميلادي ومستمر في تدفق المعلومات والتصحيحات والإضافات فهي موسوعة الإنسان على أرض اليمن قبل العصور.
- ديوان "قيتارا" عند قراءته يكاد يحملنا إلى عالم النغم الجميل فكانت القصائد تتميز بالأسلوب الرقيق و العذوبة والابتعاد عن غامض الكلام … حدثني عن رحلتك في كتابة هذا الديوان؟
ديوان "أوتاري" المطبوع يحمل ظروف مرحلته وأماكن ولادته …إما "قيثار" فقد ولد في مرحلة مختلفة ومكان غير الأماكن السابقة وظروف يناسبها قيثار بقصائده التي هي فيه مكاناًو زماناً ،وفيه أنفاس مختلفة عن ما قبله وعن ما بعده فالمكان قد تغير والزهر تنوع والورود تفتحت عن أكمامها إلى حد يسمح بنشر قصائد قيثار بذلك العنوان لكني لم أثقله بشيء من شعر البواكير ولا المزيج من المشاهد المنوعة والسنوات المتباعدة زماناً ومكاناً واجتماعياً وموضوعاً مثل ديواني أزهار الذي حملته بعض الطفوليات والتعدد والتجارب العملية في الحياة والوظائف وقصصيات مبكرة وبعضاً من الإجتماعيات.
لكن الشاعر مثلي ذو الالتزامات العديدة أمام بداياته الإجتماعية والوظيفية والريفية وأمام مناهج التلقي ودراسات المتطلبات من القديم والجديد والقواعد العلمية واماكنها وقيود مجتمعه وموقعه ومتطلبات النشأة والاجتماعيات وعدم التحرر الذي لايتناسب مع نشر بعض القصائد وحال الحال عن اطلاقها ونشرها لكن قيثار شكل نقلة مكانية وزمانية وأجواء مختلفة عما سبق وفي طبعته الأولى والثالثة ملامح التغير فمنها ما أضيف ومنها ما اختفى، والشاعر ذو الارتباطات في مجتمعه وموقعه ووظائفه والالتزامات المتنوعة والصفات العدّة لا يعتبر حراً ولا طليقاً كالاحرار ليعلن عن إبداعاته كلما كتب أو القى كما يشاء ومن هذا المسار والسياق جاء ديوان قيثار.
- هل تشعر بالغربة؟
-- هذا سؤال مثير في مجتمعنا ومفاهيم أبناء الزمن والوطن لكني أشعر أشعر أشعر.
- هل يمكن أن تودع أسرارك للمرأة؟
-- الأسرار كالكتاب مقسمة أنواع وفصول وعناوين وموضوعات فمنها ما يودع عند المرأة دون تخوف ولا قلق ومنها مالا يقال للمرأة ولا لغيرها.
-هل برأيكم بأن الرواية طغت على الشعر في الآونة والأخيرة؟
-- المدعون للشعر حديثا كثيرون وقدراتهم ومواهبهم متفاوتة وبعضهم يبحثون عن الصفه واللقب لا يطيب لي النقد ولا الحديث عن أسماء لكن ذوق القراء وثقافتهم يضعونه حيث يقتنعون.
الرواية التي تزخر بعلم البديع والصور الفنية والتصوير الذي يجذب القارئ بحكايات مليئة بالحكايات الوصفية المبتكرة من الخيال والافتراضات فن لذيذ وخلاب ابتداء من مدرسة عبد الله بن المعتز ومروراً بفن المقامات الأدبية الشهيرة قديماً وتطوراتها حتى اليوم هناك مدارس متنوعة تخضع المواهب للابتكارات الوصفية المصنوعة بين حكايات الواقع وافتراضات الخيال بعمق كل ذلك من مواهب وقدرات تنشأ وتتطور من خلال القراءة وعشق الوصفات وصناعة قصصية من الخيال.
تلك تبدأ بالاطلاع ثم تظهر المواهب حتى صارت من متطلبات الفن و الإدهاش وجاذبيته الفيلم والمسلسلات وحكايات الأسمار من وحي الخيال، ثم صارت وسيلة شهرة ثم تكسب وما أكثر المتفرغين لنسخها وقد تكون مزيجاً من النثر والشعر لكنها فن جميل إذا أبدعه المتفرغين بمواهب وعلم.
- ما قولكم في الرواية المعاصرة في الأدب العربي؟
-- الرواية المعاصرة في الأدب العربي لم تبلغ حد روايات بديع الزمان الهمذاني أومقامات الحريري البصري ففي مقاماتهم ابتكار وعلم وإبداع لكن الروايات العربية المعاصرة كثيرة والأجود المثير منها قليل جداً ونادرة وأن وجدت فهي ضعيفة وتكاد تكون انسحبت من عالم الثقافة الأدبية العربية أو لبقايا السينما فقد فهمها معاصرون خطأ وأنها مصدر ثروة وشهرة.
بينما كانت في قمة الزهو والمترجمات في عصور التمدد الحضاري والتأثر والتمازج بين الحضارات والثقافات بين محاكي الثقافة العربية والفارسية ابتداء من كليلة ودمنة فما بعد ومع الأدب التركي التصوفي بين قونيا مكان الرواية التركية الجميلة المترجمة لعشرين لغة جلال الدين بن الرومي الشهيرة وإلى حلب وبغداد وفي عصر الدول والإمارات وقبل بدايات الجمهوريات في تمازج تاريخي بديع في مصر لروائيين أكفاء في القرن الأخير فنالوا بها شهرة عالمية وظهر بعدهم حديثو المراس قليلوا المواهب وأعدادهم عشرات ابدعوا روايات بديعة كان لها الحظ في ظهور المسلسلات والأفلام السينمائية.
-لمن يقرأ السفير الشاعر و الأديب الدكتور عبد الولي ومن أين تستمد طاقتك الشعرية؟
-- الشعر فيض خيال فيه عاطفة يمليه شجو وأفراحٌ وأحزانُ
والشعر موهبة السماء فطائرٌ يشدو، على فنن وآخر ينعبُ
منذ صباي وفي مراتع أحلامي عشت في البادية التي تحمل كلما في قصيدة الشعر العربي العريقة والفصيحة منذ عصور الفصحى والبادية والريف والجبل ولها شعرائها المشهورون حتى الآن في الحب والحرب والعشق والمرعى والخيل والجمل وأنواع النبات ومسمياتها ثم حملت من مقامات علم البديع ثقافة الكلمة والمفردة وتسلحت بقواعد اللغة مفرداتها وجملها بين يدي علماء البيان والنحو والصرف في الأربطة العلمية ونهلت من دواوين الشعراء المبدعين من المشاهير ملوك المفردات والجمل في كل الأغراض وتذوقت القصيدة العربية الفصيحة بكل بحورها العروضية.
ولكني أيضا أعترف بفضل القصيدة والمشاعر الوجدانية الصوفية في العصور الوسطى فهي أعذب المناهل وأرق المشاعر وكنوز العواطف وكلها حب ومناجاة ومنح الله كوكبة من أولئك الشعراء من أقطار عدة روحانية المعنى وسحرية اللفظ وبديع الصور فغصتُ مع تلك النصوص الرقيقة وشربتُ من مواردها العذبة وربانية المناجاة ما جعلني أشعر أني شربت من معينها كأسًا من الشعر والشعور.
لكن سؤالك عن ماذا اقرأ حاليا فنعم حاليا أتابع رواية إنجليزية مثيرة صارت أشهر رواية عالمية ربما تصل أو تتجاوز.
رواية قصة مدينتين لتشارلز ديكتز
ورواية أخرى شهيرة وتجري أحداثها خلال الثورة الفرنسية لكني ندمت على وقتي معها
بعد ظهور الرواية العالمية المعاصرة الأشهر والأمتع لمختلف الأعمار والأفلام هي هاري بوتر للكاتبة البريطانية ج. ك. رولينج اخترقت أرقام الانتشار والإعجاب عالمياً والدخل المالي التي قد تبلغ تتجاوز بانتشارها رواية الأمير الصغير القصيرة التي ترجمت ب 160 لغة
ولكني أحببت هاري بوتر فهي جديرة بالقراءة في بعض أوقاتي٠
-ماذا يعني لك:-
- البحر؟
-- البحر: روح الجسد الأرض وعلى شاطئه التقط أنفاسي وقلمي وأوراقي وأرسل العينين تصطاد جواهر الصور ولآلئ الخيال فتنجب قصيدة.
– الوطن؟
-- الوطن: كل مفردات ومعاني الحب وطن.
– القصيدة؟
-- القصيدة: بوجداني ها هي اوتاري وازهاري وقيثاري هي لساني ومعز في وأنغامي في الشجو والشجن وستظل و طفولتي في ريف جبلي من بادية شمير كلما فيه عصافير وبلابل وحمام وعنادل وأزهار وشلالات ومرعى ومأوى في كنف أمومة حنونة وقلم من شجر اليراعة.
– الطفولة؟
-- الطفولة: تجتاحني وتبكيني بذكرياتها وأقاصيصها وهي أنا حتى الآن.
– المساء؟
-- مساءاتي :كلها على ضوء القمر أو شمع يتقد بزيت وحولنا وشوشات الشجر وعملي في تلك اللحظات الحفظ لما تعلمت نهاراً وتكرار السابق حتى لا أنساه ،أو مراشقات شعرية لصبايا القرية في بدايات الغزل.
- كلمة أخيرة؟
-- أحييك من القلب د.لطيفة فأنت تخترقني الذكريات بلطف وشهية إبداع وفي ظل تنوع الظروف التي تمر بنا ونمر بها …فلكِ كل الشكر الجزيل..
ومن خلالك أوصي الجيل المعاصر ومن بعده بعدم هجر الكتاب والصفحات وعدم الاكتفاء ثقافياً بالدوائر الصوتية فقط فالقلم والحبر والورق ومجالس الأسمار والاستماع للثقافة السماعية وادخار الكتب المطبوعة هي جامعة العلوم الخالدة عبر العصور فالمكتبة يَنبوع المعرفة والثقافة منذ ألهم الله الإنسان بالقلم والحروف..
وكم ساعات في اليوم والليلة للقراءة تعني كم مسافات تقطع في طريق المعرفة مع حسن اختيار الكتاب والكاتب..