محلل سياسي عراقي لـ«الديار»: الانسحاب الأمريكي سيسبب كارثة.. والأمور ستسوء خلال حكم رئيسي
اتفاقية الإطار الاستراتيجي تمثل بُعدًا وبصيرة لأمريكا في العراق
على العراق تنويع مصادر الحصول على السلاح
الخروج الأمريكي من العراق سينعكس على لبنان وسوريا واليمن
الجيش العراقي يعاني من التفكك بسبب تعدد المذاهب
الكاظمي سيتعكز على المساعي الأمريكية لإزاحة الميليشيات الإيرانية
ربما يوجد انقلاب عسكري عراقي قريبًا
سياسة النظام الإيراني واحدة في ظل أطماعه
رئيسي يتمتع بسمعة سيئة في مجال حقوق الإنسان
يمر العراق بتحديات كبيرة وأزمات راهنة متعددة منها قضايا الفساد المالي والإداري المتغلغل في الجسد العراقي وتفشي الإرهاب المسلح والتنظيمات الإرهابية متعددة المذاهب ومسلسل الحرائق والكوارث الذي لا يتوقف في مخيمات اللاجئين والمستشفيات الحكومية ولعل آخرها كارثة مستشفى الحسين الخاص بعزل مرضى كورونا في محافظة ذي قار.
ويبقى التحدي الأكبر بالنسبة للعراقيين والحكومة العراقية هو الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية من العراق مع نهاية العام الحالي في ظل تأكيد كبار المسؤولين العراقيين والأمريكيين هذا السيناريو.
ويترقب العراقيون زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لأمريكا يوم الاثنين المقبل، حيث سيلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومن المقرر أن يكون الشق الأمني والعسكري محور المباحثات بين الدولتين، وسيكون انسحاب القوات الأمريكية من العراق ومهمة الجنود الأمريكيين المنتشرين على الأراضي العراقية، الحديث الأبرز خلال الزيارة المهمة.
ويبحث الجانبان اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقعتها الولايات المتحدة والعراق في نوفمبر عام 2008، وصادق عليها مجلس النواب العراقي في نهاية العام نفسه ودخلت حيز التنفيذ في شهر يناير من عام 2009.
الأستاذ الدكتور عبد الكريم الوزان، الأكاديمي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، تحدث، في حوار خاص لـ«الديار»، عن السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة والعلاقة بين العراق وإيران في ظل الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي. وجاء نص الحوار على النحو الآتي:
كيف ترى اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقعتها الولايات المتحدة والعراق في نوفمبر عام 2008 وصادق عليها مجلس النواب العراقي؟
لا بد من تطبيق الاتفاقية لأسباب عديدة منها الجانب الأمني الهش في العراق والخلافات السياسية داخل البلاد والتهديدات الداخلية كتنظيم داعش الإرهابي، كما أن هذه الاتفاقية تمثل بُعدًا وبصيرة لأمريكا في العراق من حيث الحفاظ على مصالحها والوقوف ضد طموحات إيران داخل العراق؛ نظرًا لأن موقع البلاد مهم لواشنطن. وقد استفاد العراق من هذه الاتفاقية خاصة الإطار الاستخباري لمتابعة تنظيم داعش وجيوبها والاستفادة من تدريب القوات العراقية.
هل تتضمن الاتفاقية التزامًا أمريكيًا بالدفاع عن العراق ضد أي تهديد أمني داخلي أو غزو خارجي؟
لا بد أن تضمن الدفاع عن العراق طالما دخلت قوات أمريكية للعراق وفي ظل الحفاظ على مصالحها وصراعها مع الدولة الإيرانية وقطع طريق الحرير الذي تريده طهران من أجل الوصول إلى إسرائيل عبر سوريا ولبنان، كما تتضمن الاتفاقية الحماية الأمنية للعراق.
هل يتسبب الخروج الأمريكي من العراق في نتائج كارثية أكثر فداحة مما يحدث أفغانستان؟
إذا تم الخروج الأمريكي في العراق فإن ذلك سيقوي الموقف الإيراني وسيقوي ميليشياتها والأذرع المسلحة الإيرانية ليس في العراق فحسب بل في لبنان وسوريا واليمن وسيعطيها بعدًا كبيرًا وستكون النتائج كارثية، حيث سيقع العراق فريسة بين إيران وتنظيمات داعش.
هل الجيش العراقي قادر على التصدي للقضايا التي تمس حقوقه الاقتصادية والسياسية والسيادية فيما يتعلق بجميع التحديات؟
أما عن قدرة القوات العراقية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فإنها تعاني بشكل كبير من تفكك في الجانب الأمني والتنظيمي؛ بسبب وجود مذاهب واتجاهات فكرية وسياسية متعددة داخل قوات الجيش.
ولكن لا يمنع ذلك من أن الجيش العراقي لديه خبرة كبيرة ومعلومات استخباراتية؛ لذلك فإنه قادر على صد هجمات داعش؛ ولكنه غير قادر على صد الميليشيات بالكامل لأن صد الميليشيات يعني صد دولة إقليمية كبرى تمتد حدودها مع العراق أو بمعنى آخر الجيش العراقي يقاتل دولة إقليمية كاملة وهي إيران، غير أن إمكانات الجيش محدود لمقاتلة جيوب التنظيمات داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
هل تنجح حكومة مصطفى الكاظمي في التوازن بين المساعي الأمريكية نحو الحفاظ على علاقتها مع العراق من ناحية ومطالب الأحزاب السياسية بشأن خروج الأمريكان من ناحية أخرى؟
من المهم أن تنجح الحكومة العراقية في التوازن بين الأمرين، فالميليشيات تمثل إيران وهناك خلاف واضح في المصالح بين إيران وأمريكا، وأرى أن مصطفى الكاظمي سيتعكز "يتكئ" على المساعي الأمريكية لإزاحة الميليشيات، وسيحصل على دعم كبير خارجي؛ ولن تكون أي مطالب سياسية للأحزاب في ظل رعاية أمريكا مصالحها، فهي لا تعبأ بمصالح الأحزاب العراقية.
وأتوقع أن تكون هناك سيناريوهات مطروحة خلال الأيام المقبلة قبل الانتخابات ربما تزيح الميليشيات وربما تأتي بنظام غير النظام الموجود حاليًا أو ربما وجود انقلاب عسكري عراقي أو ربما أي سيناريو آخر.
ما رأيك في سعي الحكومة العراقية الراهنة للحصول على مزيد من الأسلحة روسية الصنع بعد امتناع الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية عن منح الجيش العراقي أسلحة؟
الحكومة العراقية يجب أن تعتمد على مزيد من الأسلحة المتنوعة، ففي عالم المصالح لا يمكن أن ترمي أي دولة بثقلها على دولة واحدة كبرى حتى إن العراق تسليحه روسي قبل عام 2003؛ لذلك يجب أن يأخذ العراق في الحسبان تنويع مصادر السلاح، وربما نفسر اتجاه العراق نحو السلاح الروسي بالتوجه الإيراني الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بالاتحاد السوفيتي، وفي حال اقتراب العراق كثيرًا من الخندق الأمريكي والبريطاني ستمنحه الدول كثيرًا من الدعم وسيكون قريبًا إلى التحالف الدولي مع هذه الدول.
ما تعليقك على إعلان زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر أنه لن يشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر المقبل؟
الصدر عوَّد العراقيين على أنه يأتي ويجيء ويذهب ويعود ويستقيل ويعلن ويصرح وينسحب من الساحة ويعود مرة أخرى، ويبدو أنه شعر برد فعل كبير جراء فاجعة حريق مستشفى الحسين التعليمي في محافظة ذي قار، فوزير الصحة والبيئة الدكتور هاني العقابي محسوب على تياره، والوزير الذي قبله أيضًا حسن محمد التميمي محسوب عليه أيضًا؛ فهذه انتكاسات انعكست بشكل كبير على مقتدى الصدر، وبدأ العراقيون يتظاهرون، ويرددون هتافات ضد التيار الصدري، وبدأ الصدر يشعر بالخطر القادم من أمريكا.
وعليه؛ إذا شارك أو لم يشارك مقتدى الصدر في الانتخابات، فإنه في حال توافر الأمان للشعب العراقي فإنه سينتخب المناسب بغض النظر عن انحساب هذا أو ذاك.
كيف ترى العلاقة بين العراق وإيران في ظل الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي؟
إذا كان إبراهيم رئيسي أو حسن روحاني أو محمود أحمدي نجاد فإن العراق لديه ارتباطات كبيرة وأواصل مع إيران سياسية ومذهبية وحدودية وجغرافية واقتصادية وتاريخية؛ لذلك إذا جاء هذا أو ذهب ذاك فإن سياسة النظام الإيراني واحدة بحكم العوامل السابقة، بالإضافة إلى حكم الأطماع الإيرانية في العراق، وبحكم البروباجندا التي تستخدمها إيران في تحقيق مشاريعها؛ لذلك أتوقع في عهد رئيسي أن تتشدد العلاقة في الساحة العراقية ضد المصالح الأمريكية.
وأتوقع أيضًا الأمور ستسوء كثيرًا في ظل عهده ورئاسته وسينعكس الوضع على الداخل وأمريكا وبريطانيا تجاه إيران خاصة أن رئيسي يتمتع بسمعة سيئة في مجال حقوق الإنسان، إذ نبذته منظمات حقوق الإنسان والدول الأخرى.