”أحمد مهران” من صعوبة النطق إلى متحدث بمؤتمر TEDX و مصمم برامج تعليمية.. و السر هو موهبته الفريدة
يواجه الجميع صعوباتٍ كثيرةً في هذه الحياة، ممّا يجعلنا نتساءل عن جدوى الاستمرار بالمحاولة والكفاح، و للنجاح بعد الكفاح والتعب لذةً لم يجربها الكثيرون ممّن استسلموا في بداية الطريق، فالطريق إلى تحقيق الأهداف صعبٌ ومحفوفٌ بالصعاب والمشقات. و كان لنا حوار مع نموذج للكفاح و المثابرة و هو الدكتور "أحمد مهران" الذي أبى الاستسلام للظروف الخارجة عن إرادته ، بل و أستطاع تحقيق أهداف كانت شبه مستحيلة له .
أحمد مهران شاب في مستهل عمره فهو صاحب الـ 23عاما ، ولد عام 1997 في مدينة سوهاج بـ صعيد مصر ، و لكنه ولد بأكثر من مشكلة صحية ؛ مثلوا له عقبات كبيرة على مدى طويل من عمره ، حيث كان لديه مشاكل في التخاطب و الحديث ، فكان ينطق الحروف بصعوبة شديدة جدا ينتج عنها التشنجات ، و ولد أيضا بنقص الكالسيوم في العظام بشكل كبير مما عرضه لكسور كثيرة في صغره ، فوجدوا الأهل في عزلته عن الناس الحل الأمثل لـ حمايته من الأذى النفسي و وعرات الطريق ، حيث كان نشاطه محدود بين المدرسة و المنزل ، و لكن حتى هذا المشوار للمدرسة لم يكن ممهدا بالورود ، حيث انه تعرض لـ الاذى النفسي و الجسدي من أقرانه .
ظل أحمد في هذه العزلة لمدة 9 سنوات ، و لجأ أثناء هذه المدة إلي خلق صداقات مع الأشياء من حوله ، حيث انه ادرك صعوبة تقبل الأخرين له حيث انه تعرض للكثير من الكلام السلبي ممن حوله ، مثل " ده متخلف عقليا ، مش حيكمل و حيموت ، ربنا حيعوضك مكانه" ، و لكنه رفض التسليم بهذا الكلام وظل متيقنا من انه انسان طبيعي قادرا على تحقيق انجاز .
و كانت اللحظة الفارقة في حياته حينما أكتشف موهبته الفطرية و التي تدعي بـ "Open Scale Imagination" أي القدرة الغير محدودة على التخيل ، سواء تخيل أفكار أو مجسمات أو أشكال ، و من هنا توالت الإنجازات العظيمة في حياة أحمد مهران ، أبرزها تصميم برامج تعليمية طبقتها دول عربية و أجنبية ، و انفردنا معه في حوار يكشف فيه و لأول مرة أسرار و تفاصيل هذه الإنجازات فـ إلى نص الحوار ..
كطفل ، ماذا كان شعورك بعد ما قرروا الأهل عزلتك عن العالم ؟
لم يعزلوني أهلي عن العالم بالمعني الحرفي ، و لكنهم قاموا بذلك بسبب عدم قدرتي على التعايش مع ظروف القرية ، و ذلك بسبب انني ولدت بنقص كالسيوم في العظام فتعرضت لكسور كثيرة بجسمي فقد تعرضت لـ 8 حوادث كسر و أجريت عمليات جراحية بالعظام .
كطفل أزعجتني جدا هذه العزلة في البداية لعدم قدرتي علي لعب الكرة و اللهو مع الأصدقاء ، و لكنني بعد ذلك ادركت ان هذه العزلة لصالحي ، بالرغم من انها ليست حل صحيح 100% ، و لكنها ما كان متاح في ذلك الوقت.
بسبب العزلة لجأت لخلق صداقات مع الأشياء من حولك ، كيف صار الأمر ، وهل مازلت؟
في ذلك الوقت كان نشاطي مقتصر علي المذاكرة فقط ، فكانوا أصدقائي هم الكتب و الكشاكيل و الأقلام ، فكنت أحب الكتابة جدا و أصبحت أكتب شفرات لأستخدمها لاحقا سواء في اختراعاتي الحالية أو في مجال التعليم و تسهيله .
و التفكير في تكوين مثل هذه الصداقات كان نتيجة لموهبتي الفطرية ، حيث انني أملك قدرة عالية على التخيل من غير حدود ، فبدأت أخلق شخصيات من حولي وصل عددهم لـ 8 أصدقاء وهميين ، أقوم بخلق سيناريو للتفاعل فيما بيننا و تمثيل افعالهم و أداء أصواتهم .
و لكن حاليا أصبح لي حياة ، و تعرفت على عدد كبير جدا من الناس ، و عندما يغلبني الحنين لأصدقائي الوهميين أقوم بتجربة أداء ذلك العرض المختلق بشكل سريع و ليس مستمر.
كطفل عمره سبع سنوات، كيف حصلت على كل هذا الإصرار في انك طبيعي و قادر علي تحقيق إنجاز ، رغم الكلام السلبي حولك مثل "ده متخلف عقليا، مش حيكمل و حيموت ، و ربنا حيعوضك غيره"؟
في هذا الوقت كنت أسمع مثل هذه الكلمات من الناس من حولي أو من الجيران ، و لكنني لم إدرك معناها السلبي إلى أن كبرت ، فقط كنت أشعر إن هؤلاء ينظرون لي بشكل مختلف عنهم ، و كان هذا الكلام يؤثر علي بطريقة سلبية ، و لكنني كنت أحاول أن أتناسي ذلك الحديث و الانخراط مع شخصياتي الوهمية .
كيف اكتشفت موهبتك ، و استغلتها و طورتها ؟
اكتشفت موهبتي عن طريق الصدفة ، و هي عندما كنت بالمرحلة الابتدائية ، قام أستاذ العلوم بشرح درس لنا و كانت "حاجة مكلكعة علينا كطلبة" و لكنني قمت بفهم الدرس من أول مرة حيث انني استغليت موهبة التخيل فـ استطعت ان أصيغ الدرس بشكل جديد ، و عندما عرضته على أستاذي أنبهر بي ، و سألني "عملت كدة ازاي" فكانت إجابتي "معرفش" ، فقررت أن أعيد هذه التجربة بشكل متكرر في جميع دروسي ، إلى أن دخلت المرحلة الإعدادية ، فبدأت اقرأ عن القدرة عن التخيل ، و حينها اكتشفت انني أمتلك هذه القدرة بشكل كبير جدا .
ثم قمت بتطويرها عن طريق الاستمرار في إعادة صياغة الدروس أو تلخيصها ، حتي يستفيدوا زملائي و تيسير الدراسة لهم .
عام 2015 قررت تخرج من العزلة و تحقق لنفسك إنجاز فماذا فعلت ؟
في هذا العام أتممت الدراسة بالمرحلة الثانوية و حصلت علي مجموع 98 % و التحقت بكلية الصيدلة جامعة سوهاج ، و كنت في هذه الفترة لا أزال أعاني من بعض اللعثمة في حديثي ، بل انني فقدت النطق نهائيا لمدة 7 أيام ، و علمت أن هذا نتيجة الضغوطات و التنمر الذي اتعرض له يوميا ، حينها ادركت انه رغم عزلتي فأنا أتضرر أيضا ، و من هنا قررت أن انهي هذه العزلة و انطلق في العالم الخارجي ، و ابدأ في عرض أفكاري و مقترحاتي ، و كنت واثقا انني سأتعرض للانتقادات في حال عرض أفكاري ، و لكن يشاء القدر أن أجد داعمين لي يؤمنون بما أفعله و ما أريد فعله ، و ظل عددهم في الزيادة يوم بعد يوم حتي أصبح لي شعبية كبيرة حاليا .
كيف تغلبت علي المرض و اصبحت تتحدث بطلاقة؟
كان هدفي أن أتكلم بشكل صحيح من دون أن أتلعثم ، فبدأت أن أتدرب يوميا بعدت طرق مختلفة ؛ مثل أن أردد جمل من أفلام أجنبية ، أو انني أبحث عن نصوص عبر "الانترنت" لأقوم بترديدها ، أو أن أقوم بترديد كلمات متشابهة في الحروف أكثر من مرة حتي اتقنها .
كيف قمت بتصميم البرامج التعليمية و تطبيقها في بعض الدول ؟
كان شغف لدي أن أنجح في تصميم برنامج تعليمي ، فبدأت بدراسة مجال "Instruction designing " أي تصميم البرامج التعليمية ، فاستطعت دراسة الجانب العلمي و العملي لهذا المجال .
و استطعت تصميم أول نظام تعليمي في عام 2017 ، و تم تطبيقه بمدارس خاصة بـ سوهاج ، ثم تم تطبيقه في أماكن بمحافظات القاهرة و الجيزة و الاسكندرية و الفيوم ، و على الصعيد العالمي قمت بتطبيق هذا البرنامج في السعودية و الكويت و ليبيا و الأردن و الإمارات و فلسطين كدول عربية ، و روسيا كدولة أجنبية ، حيث نقوم بتجربة هذا البرنامج على مجموعة طلاب من كل دولة و إن نجح يتم تعميمه ، و إن يفشل يتم إجراء بعض التعديلات حتي يلائم طلاب هذه الدولة .
و لكن حتي الان لم يتم الموافقة من مصر على تطبيق البرنامج بشكل عام ، و لكنني أسعي حاليا للحصول على موافقة من وزارة التربية و التعليم ، و وزارة التعليم العالي ، لتطبيق هذا البرنامج التعليمي بالمدارس و الجامعات .
ما هي الوسائل و الطرق التي يتتبعها البرنامج التعليمي الذي قمت بتصميمه ؟
يقوم النظام على الدمج بين 3 مميزات :
HR : بنعرف من خلاله الشخص المتعلم من البداية بنقاط القوة الشخصية عنده علشان يستخدمها ف عملية التعلم
Planning : بنساعد فيه الشخص يصمم خطة التعليم المناسبة لإمكانياته المادية و الشخصية و الجسدية و الروتينية من حيث عامل الوقت و الفرص المتاحة
Mentorship : بنوفر للشخص نظام متابعة و تقييم دائم و مستمر علشان نخليه يعرف هو وصل لفين ف رحلة تعليمه بشكل يخليه يطور من نفسه أول بأول
حدثنا عن الإنجازات التي حققتها .
أنا خريج كلية صيدلة دفعة 2020 ، و استطعت حتي قبل التخرج أن أعمل في أكثر من شركة للصيدلة .
عملت في مجال الموارد البشرية "HR Manger" في إحدى الشركات ، فكنت مسؤل عن توظيف العاملين و متابعتهم و مساعدته للتطوير من أنفسهم .
عملت ك Soft Skills Facilitator أي تعليم الطلبة كيفية تطوير مهاراتهم الشخصية ، و استطعت خلال 3 سنوات أن أدرس لأكثر من 7000 شخص تعليم مباشر على أرض الواقع ، و من خلال الانترنت قمت بتعليم أكثر من 50000 شخص .
كنت متحدث في مؤتمر TEDX Zagazig الرابع في ٢٠١٩ ، _ و هو مؤتمر عالمي يهتم بعرض النماذج الناجحة _ و تحدثت بصفتي مصمم برامج تعليمية .
مؤسس شركة Sa3edi x Ninja للخدمات التعليمية ٢٠٢٠ .
تم تكريمي في عام 2017 كواحد من الشباب المؤثرين في محافظة سوهاج و الصعيد .
و تم تكريمي عام 2020 كشخصية مؤثرة على السوشيال ميدا من حيث الأثر التطبيقي .
ماذا كان رد فعل الأهل و الجيران بعد أن حققت كل هذه الإنجازات ؟
الوضع اختلف 180 درجة ، حيث بدأوا في دعمي و تشجيعي بل ومشاهدة مقابلاتي التليفزيونية ، و أضاف قائلا :" اللي كان مصبرني على الأذي اللي سببوه ليا ، أني كنت واثق انهم هيدعموني في يوم من الأيام ، و الحمد لله اللحظة دي اتحققت" .
ما هو طموحك و ما هي مشاريعك القادمة ؟
رغم إني طبيب صيدلي و لكن طموحي و جميع مشاريعي القادمة تتلخص في شركة Sa3edi x Ninja ؛ حيث اني قمت بتأسيسها لاهتمامي بمجال التعليم و تطويره ، Sa3edi x Ninja تمثل شركة لتصميم أنظمة التعليم ، فضلا عن جانبها التعليمي الذي يتيح للطلاب التعلم بنظام حديث و مختلف ، فأسعى لأن أقوم بإنشاء مقر للشركة على أرض الواقع .
و أيضا أطمح بأن أصمم برامج أخري للتعليم ، و أن تتطبق هذه البرامج في المدارس و الجامعات على مستوى العالم .
بماذا تنصح الشباب؟
في مبدأ مؤمن بيه جدا و هو " أنك هتتحاسب على حياتك بالكامل ، فلازم تاخد حقك منهاا بالكامل" ، و أضاف قائلا : "و من ضمن حقوقنا في الدنيا هو احترام الناس لينا من خلال نجاحنا " ، و أختتم حديثه بـ : "اللي واقف مكانه و بيتحجج بالإمكانيات مش هينجح ، و لكن السعي و الاجتهاد لتحقيق هدفك و حلمك هيمكنك من تحقيق كل اللي كنت شايفه مستحيل " .