الكاتبة إنجي الحسيني لــ «الديار»: هدفي إعادة إحياء القيم والأخلاق عبر القصص القصيرة والروايات
تراجع معدلات القراءة كانت إحدى أسباب تنامي الإسلام السياسي
أتحسس طريقي في الحياة الأدبية وآراء النقاد حملت لي الكثير من التشجيع
طوعت الكلمات فجعلت منها سطورًا تحمل في طياتها قصص حياتية تقدم القيم الإنسانية في أبهى وأجمل صورها، قدمت مفاهيم مختلفة عن الحب والتسامح والوفاء والإخلاص، وخطت بقلمها مآسي وأوجاع تمثل جرس إنذار لخطر كبير وهو قلة الوعي لدى الشباب، وفقدان حاسة التذوق الأدبي والفني، وكأنها قادمة من جيل الماضي تقدم معاني الحب بصيغة الحاضر ورؤية اليوم بعقلية حضارية دمجت التحضر بالتقاليد، هي الكاتبة إنجي الحسيني.
والتي اتجهت لكتابة القصة القصيرة، بعدما أثقلت موهبتها في الكتابة، من خلال عملها في المركز المصري للبحوث والدراسات ككاتبة أفلام وثائقية، ثم أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "بعد الرحيل " في ديسمبر ٢٠١٨، والتي كرمت عنها من جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، وحمل لها عام 2019 الكثير من النجاحات حيث حصلت على درجة الماجستير من كلية الفنون الجميلة عن "الخامات المصنعة وطرق توظيفها بالحيز الداخلي والخارجي للمجمعات السكنية"، كما احتفلت بإصدار كتابها الثاني وروايتها الأولى "ثمن الخداع.
وفي العام 2020 احتفت بتوقيع كتاب جرس إنذار في معرض الكتاب، وهو كتاب مقالات سياسي اجتماعي، وكذلك مجموعتها القصصية "ريال فضة"، وتمكنت خلال فترة قصيرة من تحقيق شهرة واسعة داخل الأوساط الثقافية والاجتماعية والأدبية، وباتت ضيف رئيسي على منصات العديد من الفعاليات الأدبية والثقافية، لتقدم تجربة جديدة وتكاد تكون فريدة وسط الأقلام الأدبية النسائية، وكان لنا معها هذا الحوار:
* في البداية، حدثينا عن كتابة الأفلام الوثائقية السياسية وتأثير ذلك على رؤيتك الأدبية؟
-- كتبت الكثير من الأفلام الوثائقية عن بعض أفراد الأسرة الحاكمة الإماراتية والذين لهم علاقات طيبة ودور عظيم في توثيق العلاقات المصرية، كما سجلت من خلال تلك الأفلام بعض المشاهد السياسية التي تستحق التوثيق كعلاقة دولة قطر والأمير تميم ببريطانيا وظهور تنظيم نسائي إرهابي جديد تحت مسمى" الزينبيات" وكذلك وثقت ما يسمى بجماعة أنصار السنة المحمدية وغيرها من المواضيع الهامة والتي قد لا يعرفها الشخص العادي.
وكانت لتلك الأفلام أثرها الغير مباشر على الأعمال الأدبية لأنه كان لازمًا البحث والتدقيق عن المعلومة والصورة المصاحبة لها في تشويق يشد المشاهد وخاصة أن تلك الأفلام لها جمهور معين، مما اكسبني مهارة كيفية صناعة المادة التشويقية وكيفية صياغتها.
* التفكير في كتابة القصص والروايات، كيف بدأت؟
-- الكتابة في حد ذاتها بدأت من خلال كتابة المقالات السياسية والاجتماعية، وبعدها كتابة ما يشبه الخواطر والآراء المجتمعية، ثم فكرت في كتابة قصص قصيرة ونشرتها بالعديد من المواقع الإلكترونية إلى أن نصحتني إحدى الزميلات بتجميع تلك القصص في مجموعة قصصية.
* أول أعمالك الأدبية ما تقيمك لها، وما هي أبرز الانتقادات التي وجهت لها؟
-- صعب أن يقيم كاتب أو فنان عمل له، خاصة إذا كان في بداية طريقه الأدبي أو الفني لأنه يعتبر في مرحلة التعلم، لكن آراء النقاد حملت لي الكثير من التشجيع والحث على الكتابة، وقد رأوا إنني أملك موهبة الكتابة وقد نصحوني بتنوع القراءات والاختصار في بعض القصص واستخدام العامية بدلًا من الفصحى مما يتناسب مع أبطال العمل ونوعية القصص التي أقدمها.
* الحب في حياتك وتأثيره على أعمالك؟
-- الحب قيمة كبيرة لا يحسن أغلبنا التعبير عنه، وأنا أحاول إبراز تلك القيمة من خلال كتاباتي وقد برزت تلك القيمة في قصة "رحلة العمر" وعلاقة الحب التي تربط الأب بأبنائه وقصة "الانتقام" وهي قصة حول أخت تربي أختها كأبنة لها وتنتقم لوفاتها وكذلك قصة "سميرة " وهي قصة متشابكة العلاقات الحب فيها متعدد الصور ولم يتم اختزاله في شخص الحبيب كما هو معتاد.
* من رأيك كيف يساهم الأدب في التصدي لتيارات الإسلام السياسي؟
-- يتم ذلك عندما يحمل العمل الأدبي الأفكار التنويرية وتصحيح لمفاهيم خاطئة، وأعتقد أن خير من قدم ذلك هو الكاتب وحيد حامد عندما قدم لنا على سبيل المثال أفلام كـ: الإرهاب والكباب، ودم الغزال، وكذلك الكاتب لينين الرملي والذي قدم فيلم "الإرهابي".
* هل قلة الأعمال الأدبية والفنية الهادفة كانت وراء تنامي تيارات الإسلام السياسي؟
-- نعم، هو أحد الأسباب بالطبع، وليس السبب الوحيد، فالإرهابي لا يتذوق الفن والموسيقي بل يحرمهم، فكان ولابد أن يظل الفن في تقديم دوره الذي يخدم به المجتمع لأن هناك الكثير من الأعمال تؤدي دورًا عكسيًا وتثير السخط واللا انتماء كأعمال المخرج خالد يوسف على سبيل المثال.
* تجربتك مع معرض الكتاب وتقيمك له؟
-- كانت التجربة الأخيرة موفقة، حيث تعاقدت مع أكثر من موزع، ولاقت كتبي رواجًا معقولًا بالنسبة لكاتبة مازالت تحسس الطريق، وسعدت بالإقبال الكبير على المعرض، وكأن المعرض يحمل في طياته الأمل.
* كيف تري مستقبل الأدب والقصة الأدبية في ظل تراجع معدلات القراءة؟
-- لا يمكن تحديد دقة تلك المعدلات لأن ثقافات الشباب اختلفت، والكثير منهم قد يقرأ بالإنجليزية لكتاب عالميين ولكنهم لم يقرأون لنجيب محفوظ أو توفيق الحكيم مثلًا، والبعض الآخر يميل لقراءة الكتب على شاشات المحمول، أما عن مستقبل القصة أو الرواية فأنا أرى من وجهة نظري الخاصة إنه لا خوف عليها والدليل أن الكاتب أحمد مراد على سبيل مثال حقق شهرة واسعة برواياته وكتبه، وإذا كان الشباب عازفًا عن القراءة فكيف تم بيع تلك الروايات وتحقيقها مبيعات عالية ؟!!!
* في ظل تزايد الإقبال على أفلام العنف وتراجع الأفلام الرومانسية كيف ترين مستقبل الروايات في مصر؟
-- الأفلام الرومانسية موجودة ولكنها قليلة وحققت نجاح كبير من خلال شباك التذاكر، فالمشاهد يبحث تمامًا عن الشيء الذى يفتقده وسأذكر أفلامًا مثل سهر الليالي، وعن العشق والهوى، وحب البنات، أنت عمري.. للأسف فهناك روايات جميلة في مضمونها ولكن الحظ لا يحالف أصحابها للوصول بها لشاشة السينما أو التليفزيون، فالموضوع فقط مرتبط بتوفير الفرص لتلك الروايات.
* ما هي أهم وأبرز الرسائل التي تقديمها في أعمالك؟
-- أهم ما أريد تحقيقه هو أن يمسك القارئ بكتابي مهما كان سنه ويشعر بمتعة القراءة في المقام الأول، ثم أقدم رسائل مختلفة وهي" الحرية والحب والخيانة والإخلاص والتسامح وغيرها من تلك الرسائل النبيلة التي تختلف حسب الحبكة الدرامية للعمل.
* الانتقام والخيانة والتلاعب كيف قدمتي تلك الصور في أعمالك؟
-- ظهرت تلك الصور ونقائضها من خلال "الحدوتة"، وأستطيع أن أقول إنني قدمت الثلاثة صور مجتمعة في روايتي ثمن الخداع من خلال شخصية البطل، ولكنني في النهاية انتصرت لقيمة التسامح، ففي النهاية فأنا أتوجه بكتاباتي لفئة الشباب فكان لابد أن أعلي من تلك القيم.
وهناك قصة قصيرة تسمى حميدة البدوية قدمت صورة ضابط يستغل مشاعر إحدى البدويات للقبض على عنصر خطير وهنا أقدم صورة المتلاعب مقابل الزوجة الخائنة واترك الحكم القارئ ماذا لو حملت العملة وجهًا آخر وكان التلاعب الغرض منه نبيل ووطني.