من رحم المعاناة يولد الإبداع .. جومانة ابو جزر: حققت حلم أبي وانتظر الإفراج عنه اليوم .. وأقدم رسالة شكر للإمام الطيب
كلمات والدها لم تفارق أذنها، فتعالت على جراحها وواجهت مرارة الحياة وقسوتها بما تملكه من إيمان وثقة بالله والنفس، حتى حققت الوعد الذي قطعته على نفسها بأن تصبح "طبيبة أسنان" أو كما تمنى والدها الأسير في سجون الاحتلال .
"جومانة" علاء أبو جزر، ابنة مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، البنت الأولى البكر الوحيدة لوالديها، توفيت والدتها وهي رضيعة عمرها لايتخطى أربعة أشهر، واعتقل والدها قبل أن تتم عامها الأول، ثم توالت في حياتها حالات الفقد .. فتبناها جدها ورعاها ثم توفي وكانت في الخامسة من عمرها، ثم تولى رعايتها عمها "أيمن" الذي عوضها عن فقدان الأب فكانت تناديه بأبي، واستشهد بحرب ٢٠١٤م .
لم يكن أسر والدها وحبسه بسجون الاحتلال نقطة ضعف لها بل كان دافعا وعزيمة لها في أن تخطوا خطواتها نحو هدفها، الذي تمناه والدها كثيرا .. ساعدتها جدتها الثمانينية "مريم أبو جزر" التى واجهت هي الأخرى حياة قاسية فقدت فيها زوجها الشهيد شحادة أبو جزر، ثم ابنها أيمن بعد اعتقال والد "جومانة" .. كانت لي أما وأبا وأخا وأختا .. ساعدتني في تخطي الصعاب وقدمت لي كل الدعم المادي والمعنوي فكانت سببا في حفظي للقرآن وتفوقي بالدراسة، بتلك الكلمات بدأت "جومانة" حديثها ل "الديار" .
وتابعت: حفظت القرآن الكريم في سن صغيرة، وحصلت على ١٢مستوى في اللغة الإنجليزية بمعدل مرتفع، وكان المعلمون والمعلمات على ثقة عالية ودعم مستمر لي ومشاركتي في جميع المناسبات حتي أنهم كانوا يأتون للبيت يشاركوننا مناسباتنا، فلم تكن تربطني بهم علاقة معلم وطالبة، بل كانوا جزاء من أسرتي .
واستكملت: الاحتلال سمح لي بزيارة والدي مرة واحدة منذ خمس سنوات، وأنا في الثانية عشرة من عمري، وأثناء الزيارة أخبرني أبي أنه يتمنى أن يراني طبيبة، و"تأخذ أنفاسها" ثم تقول: حققت ماتمنيته ياوالدي وتفوقت في الثانوية العامة، وحصلت إلى ما يؤهلني لطب الأسنان، باعثة إليه رسالة يملؤها الحب وتكسوها دموع الاشتياق بأنها على قدر المسؤولية والثقة وترفع رأسه بأي مجال تستطيع أن تكون فيه فخورة به وبما حققته رغم الظروف التى مرت بها هى وجدتها .
ووجهت رسالة شكر وتقدير للإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والرئيس اافلسطيني محمود عباس؛ لحصولها على منحة للدراسة بجامعة الأزهر، مضيفة: كل الشكر لمن كان سببا في هذه المنحة، وأتمنى لهم جميعا كل الخير .
كما وجهت رسالة لأطفال غزة، قائلة: على أطفال غزة أن يتحلوا بالصمود والصبر والتحدي، وأن يكونوا قادرين على المسؤولية، مشيرة إلى أن أكثر أطفال عزة مروا بقصص شبيهة لقصة جومانة، من قصص فقد لذويهم سوأء استشهاد الأب والأم، أو غيرهم، فلابد أن تكون هذه الظروف دافعا لأطفال غزة لا أن ينكسروا في هذه الحياة .
واختتمت: مصر دولة شقيقة، فهي قبلة العلم والعلماء وتتميز بجامعاتها وكوادرها الأكاديمية والتعليمية، وكانت مفاجئة سارة حصولي على منحة الأزهر الشريف .. وبفارغ الصبر والشوق انتظر خروج أبي الذى كان من المتوقع خروجه اليوم الثلاثاء، ولكن منعت سلطات الاحتلال خروجه رغم أنه قضى ١٧عاما بسجونهم .. ولكن لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .