الشيخ أحمد علي تركي يكتب: شهر الفضائل والخيرات
له في القلوب مكانة وله في النفوس منزلة باركها الرحمن وخلدها القرآن قال تعالى :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} البقرة 158
جاء رمضان ليغرس في نفوسنا الرحمة وفي قلوبنا التقوى وفي صدورنا الخشية؛ ليطهر قلوبنا ويزكي أخلاقنا ويرشد أعمالنا ويصلح عاداتنا ويقربنا من خالقنا وإلهنا ومعبودنا.
فالله قد أودع فيه من الفضائل وجمع له من المكرمات ما لا يجتمع في سواه.
فهو الشهر الذي اتصلت فيه السماء بالأرض فبدأ فيه الوحي وانطلقت من إحدى لياليه الرسالة فحلت بركات السماء على الأرض.
هو الشهر الذي ابتدئ فيه نزول القرآن كلام الله خير كتاب أنزل على خير نبي أرسل إلى خير أمة أخرجت للناس.
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.
بل فيه أنزلت كتب السماء كلها كما روى الإمام أحمد عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان.
شهر فيه ليلة القدر التي جعلها الله خيرا من ألف شهر{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْر} القدر:3ـ5
وقال عليه الصلاة والسلام: فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم..
صحيح النسائي
شهر رمضان جعله محلا لعبادة الصيام التي هي من أحب العبادات إلى الله وهي له من دون الأعمال كما جاء في الحديث: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها قال الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي.. متفق عليه
هو شهر مضاعفة الأجور والحسنات، ورفع الدرجات كما في الحديث: عمرة في رمضان تعدل حجة... متفق عليه
هو شهر دخول الجنان والعتق من النيران، قال عليه الصلاة والسلام: إذا كان أول ليلة من رمضان صُفِّدَت الشياطين ومردة الجن وغُلِّقَت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد كل ليلة يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة... رواه البخاري
وروى البخاري عَنْ سَهْلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ : أَيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ... رواه البخاري ومسلم
وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال صلى الله عليه وسلم: الصيامُ والقرآنُ يَشْفَعانِ للعبدِ يقولُ الصيامُ: أَيْ رَبِّ! إني مَنَعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشَفِّعْنِي فيه ويقولُ القرآنُ: مَنَعْتُهُ النومَ بالليلِ فشَفِّعْنِي فيه فيَشْفَعَانِ رمضان هو شهر الفرح في الدنيا والآخرة.
ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ فالفرحة الأولى بتمام النعمة وإكمال العبادة والثانية بعظيم الأجر والمثوبة.
رمضان شهر الدعاء المستجاب:
روى البيهقي بسند حسن عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ ودعوةُ الصائِمِ ودعوةُ المسافِرِ.. صحيح الجامع
وفيه أيضا: ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل والصائم حين يفطر ودعوة المظلوم.
وفي سنن ابن ماجة عن عمروا بن العاص مرفوعا: إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد.
رمضان شهر المغفرة: شهر رمضان تكثر فيه أسباب المغفرة، وكأن التوبة والمغفرة من أعظم مقاصد هذا الشهر الكريم
قال صلى الله عليه وسلم: مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ... رواه البخاري ومسلم
وقال عليه الصلاة والسلام: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ... متفق عليه
وفي حديث مالك بن الحويرث قال: صعِد رسولُ اللهِ المنبرَ فلمَّا رَقِيَ عتبةً قال: آمينَ ثمَّ رَقِيَ أُخرَى فقال آمينَ ثمَّ رَقِيَ عتَبةً ثالثةً فقالَ آمينَ ثمَّ قال: أتاني جبريلُ فقال يا محمَّدُ مَن أدرك رمضانَ فلم يُغفَرْ لهُ فأبعدَه اللهُ فقلتُ آمينَ الحديث.