رانيا بكري تكتب: غارقة في بحر الأحزان 1 (خواطر)
![](https://media.eldyar.net/img/25/02/13/607460-17394455304603120.jpg)
يحمل الليل أسرار الشك واليقين، فما تبدأ الشمس أن تغييب حتى يأتيني "الحزن" صديقي الصدوق، رفيقي في ضربي منذ نعومة أظافري، وفي يده باقات زهور سوداء من الدموع والأوجاع، نعم، أنا تلك التي تدعي السعادة أمام الأخرين، وما أن أخلو بنفسي حتى أغرق في بحر أحزاني.
نعم، أنا الخاسرة في تلك الحياة، تساقطت أوراق سعادتي أمام عيني ورقة تلو الأخرى، فما لبثت في هذه الحياة إلا قليلا حتى غابت شمس أمي، تركتني وحيدة في ذلك الظلام الدامس، كنت أودعها وأنا أشعر بتلك البرودة التي تسيير داخل جسدي، صقيع كاد أن يمزق أوتار قلبي وعروقي، تجمدت دمائي، أرهقت روحي، أمي، أمي، أمي، أحقا أنا في بين تلك الجدران وأنت في مكان آخر.
كنت أنظر إلى الجدران وأسقف الغرف، وعقلي متوقف تماما، قلبي يرتعد، أوصالي تتمزق، حياتي تغييب عني، هناك كانت تقف، هنا كنا نتكلم، بجوارها كنت أجد راحتي، تعصف بي الأفكار وتضربني الخواطر، ولكن يبقى شيئا يدفعني لأبقى، أبي، نعم، أبي، كادت حياتي تنتهي لولا إني خفت أن أتركه وحيدا، قاومت، لا، بل ادعيت المقاومة.
نعم، ادعيت المقاومة، تظاهرت بالقوة، تماسكت أمام الناس، وأنا أشعر بداخلي بالمرض والوهن والضعف والعجز، رسمت فوق تلك الضحكة العابثة على وجهي لأتظاهر بالقوة، وما هي إلا أيام ثقال تمر، حتى يأتي الموت مرة أخرى زائرا بيتنا، كنت أنتظره أن يأتيني ليخلصني من تلك المعاناة، ولكن جاء ليأخذ أخر أمل لي في تلك الحياة.
أحقا، فاضت روح ذلك الرجل الذي كان أأول قدوة في حياتي، تلك اليد القوية التي كانت تحملني وأنا ضعيفة، ذلك الرجل الذي كان يضعف أمام دموعي، ويخاف من غضبي، قوة تحمل رحمة، حزما ظاهر من خلفه قلب يفيض حب، حاولت وحاولت وحاولت أن أتماسك وأنا أنهار من داخلي، لولا خوفي من الله عز وجل لكنت أنهيت تلك المعاناة وهربت من الحياة هربا.
لكني بقيت، أعيش وتعيش معي معاناتي، وذكرياتي، وآلامي، وخوفي، وماضٍ كنت أتمنى أن أعيش فيه دوما وحولي كل من أحبهم، أخترت أنى أبقى ويبقى معي حزني وآلامي، لأبقى أنا غارقة في بحر الأحزان.