كرّموهم في حياتهم
ما إن انتشر خبر وفاة الفنان القدير عهدي صادق، حتى تسابق الكثيرون، فنانين و مخرجين و كُتاب في الحديث عن قيمة و موهبة الراحل وكيف لم يتم اكتشاف موهبته رغم سنين عمله الطويلة، وكيف لم يأخذ ما يستحق من تقدير وتكريم !! وأن الجميع قصّر في حقه، نفس الكلام تقريبا ظهر قبل أيام مع وفاة القدير أحمد حلاوة، ومن قبله زكي فطين عبد الوهاب والقدير هادي الجيار والقدير احمد خليل، القائمة طويلة من الاسماء التي عانت من النكران والتجاهل.
ولعلنا نتذكر حديث الراحل محمود الجندي عن ما واجهه من معامله سيئة في العمل "من مساحة الدور وترتيب الأسم والأجر وعدم تقدير" لا تناسب تاريخه الطويل واسمه الذي صنعه على مدار عقود من العمل و الجهد وهو الأمر الذي دفعه لإعلان الإعتزال، و مر كلام الجندي و اعتزاله مرور الكرام، ثم تذكره الجميع عند وفاته وقدموا له الاعتذار و تحدثوا عن تاريخه وقيمته الكبيرة !
هذه الأسماء الكبيرة رحلت مرتين، مرة عندما تنكر الجميع لهم ولتاريخهم ولقيمتهم الفنية، رحلوا عندما فضلوا العزلة و الابتعاد حفاظا على كرامتهم وتاريخهم الكبير على ان يطرقوا الابواب ويطلبوا العمل والتقدير، والمرة الثانية عندما رحلوا عنا جسدا ليعلنوا لنا، أن هذا العالم ليس لهم ولا لمن مثلهم من لا يجيدوا طرق الأبواب والحصول على العمل مقابل ماء الوجه والحياء.
لا اعرف ما السر في هذا التجاهل المُتكرر مع كل النجوم الكبار والاعتراف بقيمتهم و تاريخهم وتقصيرنا مع وفاتهم، ما الأزمة في تكريمهم وتقديرهم بما يستحقوا قبل رحيلهم وفي وجودهم !
عندما تم تكريم سمير غانم و حسن حسني كان اول تعليق لهم هو التعبير عن السعادة لاننا تذّكرناهم و كرمناهم في حياتهم، تخيل ان يكون اقصى حلم لشخص ان لا ينكره احد وان يتذكروا ما قدم لنا على مدار سنوات، سميرغانم وحسن حسني نجوم كِبار واصحاب تاريخ لن يتكرر ومع ذلك تحثوا عن النكران والاهمال، ما الحال مع اسماء اقل نجومية وشهرة.
أحمد راتب و أحمد حلاوة و هادي الجيار عانوا من الإهمال وعدم التقدير ولم يتذّكرهم إلا صديق العمر عادل إمام الذي كان حريصا على تواجد راتب في كل أعماله ومؤخرا حرص على تواجد حلاوة و الجيار معه.
في حياتنا و بيننا نجوم كثيرة من الصف الثاني تستحق التقدير و التكريم وايضا التواجد دون التنازل عن ماء الوجه والحياء، عاملوهم بما يستحقوا وهم بيننا، امنحوهم التقدير والتكريم مقابل ما قدموا لنا من عطاء على مدار سنوات وهم بيننا، ما أهمية التكريم والتقدير بعد الرحيل.