مدير المركز الثقافي اليوناني بالقاهرة لـ«الديار»: الثقافة والسياحة وجهان لعملة واحدة
► العلاقات الثقافية بين مصر واليونان نموذاجاً فريداً في التأثير
لما كانت الثقافة واحدة من أوجه الحضارة التي تكونت عبر الأيام والسنين وتعكس طبيعة الشعوب وتميزها عن بعضها وتحوي بين ثناياها مصدراً يحرك السائح لإكتشافه كانت "الديار" في حوارها مع مدير المركز الثقافي اليوناني بالقاهرة السيد / خرستو بابادوبلوس، على موعد للتعرف عن كيفية إستثمار الثقافة في تنشيط السياحة البينية بين مصر واليونان وكيف أثرت الثقافة في العلاقة بين البلدين، فإلى نص الحوار...
- ما هي طبيعة العلاقات الثقافية بين مصر و اليونان؟
-- منذ عام 3000 قبل الميلاد كانت هناك علاقات تجارية تجمع اليونان ومصر ومع وصول الإسكندر الأكبر سنة 332 قبل الميلاد بدأت العلاقات اليونانية المصرية تشهد توطيداً وإزدهاراً كبيراً وهو ما إنعكس على العلاقات الثقافية بين البلدين اللتين يجمعهما في ذات الوقت البحر الأبيض المتوسط والذي تعد شعوبه من الشعوب الغنية والثرية ثقافياً.
وتمثل العلاقات الثقافية بين مصر واليونان نموذاجاً فريداً في التأثير والتأثير المتباين فمعروف أن الفلاسفة اليونانيون القدماء كانت إسهاماتهم في الثقافة العالمية مصدر مهم ومن بينهم كان أفلاطون وأرسطو وسقراط وهذه هي أشهر الأسماء المعروفة والتي زار العديد من فلاسفة اليونان القديمة مصر وتأثروا وأثروا كذلك بثقافتهم في تكوين الثقافة البينية بين البلدين.
وأيضاً كان هيردوت والكثير من المؤخريين اليونايين ممن زارو مصر القديمة نماذج أثرت وتأثرت بطبعة الحال في الثقافة ولعل الأساطير اليونانية تأثرت بالأجواء المصرية القديمة وهو ما يتضح في الإلياذا والأوديسيا، وكذلك كان المسرح اليوناني القديم تأثر بمصر وشعبها وحضارتها القديمة.
وعلى مر العصور تطورت العلاقات بين البلدين حتى وصول محمد علي باشا إلى الحكم المولود في بلدة كافالا (كوالا) وهي بلدة يونانية والذي أصبح بيته الذي ولد فيه متحفاً باليونان وهو ما شجع الكثير من اليونانيين على التواجد والحضور إلى مصر والعيش بها وممارسة العديد من الأنشطة التجارية والصناعية، ومضت هذه العلاقات والتواجد اليوناني في مصر حتى وصل عدد اليونايين إلى قرابة الـ 300 ألف يوناني متواجد بصورة دائمة في أرجاء مصر وهو ما يفسر تعاون المرشدين العاملين في قناة السويس مع المصريين بمجرد إعلان الرئيس جمال عبدالناصر قرار تأميمها.
ومن أهم الشعراء العالميين قسطنطين كافافس الشعار السكندري المصري اليوناني والذي يجسد طبيعة العلاقات الثقافية اليونانية المصرية في أعظم صورها، وهو وإن دل فإنما يدل على مدى التأثير المبيني في طبيعة العلاقات بين الشعبين اليوناني والمصري.
- ما هي أهم القواسم المشتركة بين الشعبيين المصري واليوناني؟
-- هناك العديد من القواسم المشتركة بين الشعبيين فكلاهما يطل على البحر الأبيض المتوسط والذي يجعل من التشابة في العادات والتقاليد حجر زاوية مشترك بين الشعبيين وهو ما إنعكس على الثقافة بين الشعبيين وتسجد في الفن بصورة واضحة فعشق الشعب اليوناني للثقافة المصرية هو شئ لا جدال فيه ويفسر ذلك ولع اليونانيون بالموسيقى المصرية والسينما التي عمل بها الكثير من اليونانيون وخاصة في الأفلام القديمة (الأبيض وأسود) وكذلك تصوير الأفلام اليونانية في إستديوهات مصرية مع بداية القرن العشرين لما كانت في هذه الاستديوهات من إمكانيات متقدمة حينها.
واليوم وفي الوقت الحالي تدرس اللغة اليونانية بشقيها القديم والحديث في العديد من الجامعات المصرية وهو ما يوطد العلاقات الثقافية بين البلدين وينقل الثقافة في صورة مختلفة يمكن من خلالها الإطلاع على ثقافة اليونان.
كما يسهم المركز الثقافي اليوناني سواء بالقاهرة أو الأسكندرية من خلال ما ينظمه من فاعليات في تنشيط حركة الثقافة البينية بين البلدين.
- كيف يمكن إستثمار الثقافة في تنشيط السياحة البينية بين البلدين؟
-- الثقافة والسياحة وجهان لعملة واحدة فبلا شك تعكس الثقافة من خلال روافدها مدى التعاون بين الشعوب وهو ما يمكن البناء عليه في الترويج السياحي البيني بين ومصر واليونان.
فهناك العديد من الأماكن السياحية والأثرية في مصر التي يحرص اليونانيون على زيارتها لما لها من رصيد لديهم سواء ثقافياً أو تاريخياً فالآثار المصرية هي محط إهتمام السائح اليوناني بصورة كبيرة وكذلك الثقافة المصرية والعلماء والأدباء المصريون.
ولعل الأسكندرية هي من أهم المدن التي يحرص اليونانيون على زيارتها لما بها من آثار ومعالم يرتبط بها اليونانيون بصورة قوية إضافة إلى مكتبة الأسكندرية التي تمثل شعلة ثقافية هامة على المستوى العالمي.