لانتحارِ الفكريِ على شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِ .. بقلمٍ : محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ
لكلِ عصرِ أدواتهِ وأمراضهِ وما أكثرَ أمراضِ هذا العصرِ؛ عليكَ إذا دخلتْ هذا العالمِ الجديدِ أنْ تتقبلَ كلُ شيءِ فيهِ ، أوْ ترفضُ وتبتعدُ عنْ هذا العالمِ الافتراضيِ ، وبدونِ طرحِ الأسبابِ ؟ أوْ أنْ تصدقَ كلُ شيءٍ يطرحُ وتلغي العقلَ والفكرَ وتسيرُ معَ الموضةِ الجديدةِ ، وتمنحَ ثقتكَ للآخرينَ بكلِ سذاجةٍ ، وتمضي حياتكَ مفروغا منْ كلِ معنى .
يحدثَ ذلكَ يوميا في الواقعِ عندما تتصفحُ صفحتكَ علي الفيسبوكْ ؛ وأنْ تتابعَ الموادُ المنشورةُ وتقفُ بينَ الفكرِ والعقلِ والموادِ المطروحةِ والتعليقاتِ . منْ فلاسفةِ عصرِ الفيسبوكْ والفيديوهاتُ . المنتشرةَ في جميعِ المجالاتِ ، فالكثيرُ استغلَ في تجميلِ صورتهِ في كتابةٍ أولاً وظيفةً جديدةً وما أسهلها فالسماءِ مفتوحةٌ بدونِ مراقبٍ . ، وعليكَ أنْ تختارَ أنْ تختارَ أنْ تعيشَ صفةُ ذكرٍ أوْ أنثى . فعصرنا أمراضهَ تختلفُ عنْ الأمراضِ المزمنةِ التي تعلمنها منْ الأمراضِ المزمنةِ في التربةِ المصريةِ منْ الأمراضِ المتوطنةِ ، التي تتغيرُ وتتبدلُ وفقا لأدواتِ هذا العصرِ منْ تكنولوجيا الاتصالاتِ ، ففي بدايةِ منتصفِ السبعينياتِ والثمانينياتِ منْ القرنِ المنصرمِ ومعَ هجرةٍ المصريينَ للعملِ في دولِ الخليجِ بدأتْ موضةً جديدةً منْ حالاتِ " التدينِ الظاهريِ " في الملبسِ والشكلِ ، أنْ يرتديَ الرجلُ جلبابا قصيرا ويكونُ اللونُ أبيضٌ ، أوْ أنْ يطلقَ لحيتهُ ، ويمسكَ بيدهِ المصحفَ وسواك ، وأنْ ترتديَ المرأةُ نقابا أوْ خمارا ويصبحُ الحاجُ فلانَ حتى ولوْ لمْ يذهبْ للحجِ المهمِ الملبسِ في اعتقادهِ سوفَ يعطيهُ صكُ الغفرانِ بهذا الثوبِ ؛ ومعَ انتشارِ شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِ ، ظهرتْ أنماطٌ جديدةٌ للتدينِ بالتصويرِ في الأماكنِ المقدسةِ .
ومواقعُ خاصةٌ بذلكَ أطلقتْ عليها مسمى جديدٌ " إسلامٌ فيسبوكَ " وهيَ إظهارُ التدينِ منْ بوستاتْ طولِ اليومِ وتعليقاتُ مقررةٌ الكلِ يعتقدُ أنها تعطيهُ صبغةٌ للرجلِ التقيِ أوْ لقبٍ جديدٍ داخلَ المجتمعِ " بيراعي ربنا " فيكتبُ أذانُ الفجرِ هبوا للصلاةِ وهو ُ تحتَ البطانيةِ ؛ المهمِ يكتبُ تعليق أوْ بوست ؛ هؤلاءِ منْ المنافقونَ الجددُ في صورةِ النفاقِ الدينيِ منْ التدينِ لذلكَ عمقتْ السوشيالْ ميديا التدينُ الظاهريُ وحولتهُ منْ المفهومِ القديمِ " الجلابية البيضاءَ القصيرةِ والشالِ واللحيةِ " إلى " بوست أوْ كومنتْ " علي صفحاتِ التواصلِ الاجتماعيِ ؛ وأصبحتْ منْ أنواعِ السخريةِ التدينُ علي الفيسبوكْ وخاصتا منْ التعليقاتِ ؛ وتجدُ النفاقَ وإظهارَ التدينِ في شخصٍ أوْ سيدةٍ سيئةٍ السمعةِ أوْ امرأةٍ منْ النوعِ الذي يطلقُ عليهِ المرأةُ اللعوبة ؛ تريدَ إظهار تدينها أوْ ثقافتها في كتابةٍ بوست قامتْ بلصقةٍ منْ صفحةٍ أخرى . فيبدأُ أغلبِ التعليقاتِ منْ الرجالِ وإظهارِ إعجابهمْ بأسلوبها الراقي والإيمانِ والثقافةِ . وكلَ الكلماتِ المعسولةَ رغمَ أنَ البوستْ فارغ منْ المضمونِ أوْ موضوعِ الساعةِ ومنقولٍ . ، المهمَ لكلِ إنسانِ الحقِ في التدينِ بالشكلِ المناسبِ لهُ ؛ حيثُ يبقى التدينُ موضوعا وإظهارهُ موضوعا آخر ، وفي الإظهارِ يأتي الخلطُ بينَ ما هوَ ضروريٌ ويحققُ غايةً في التعبدِ ، وما هوَ مفتعلٌ ومغالى فيه .ولهُ صورٍ أخرى منْ صورٍ ظهرتْ باسمِ التدينِ منْ أصحابِ شركاتِ توظيفِ أموالِ وتجارةِ أراضي في المدنِ الجديدةِ باسمِ رجلٍ متدينٍ ! ؟ ؛ لذلكَ فإنَ المثقفَ هوَ الذي يقومُ بمهامَ لمْ يكلفهُ بها أيُ أحدٍ " عندَ الفيلسوفِ " غرامشي " لذلكَ يبتعدُ الكثيرُ منْ المثقفينَ والنخبِ والفلاسفةِ في الحياةِ الجديدةِ عنْ موضةٍ السوشيالْ ميديا . خوفا منْ الانتحارِ الفكريِ أمثال كثيرٍ منْ الفلاسفةِ أمثال ( بولتزمانْ ) جراءَ ما لاقاهُ منْ النقدِ ضدَ نظرياتهِ الفيزيائيةِ . فالكثيرُ منْ الفلاسفةِ انتحروا بسببِ آرائهمْ داخلَ المجتمعِ وأدواتهِ الجديدةِ فقدَ قطعُ الفيلسوفِ " سنيكا " شرايينهُ وانتحرَ ، وألقى " دولوزْ " بنفسهِ منْ النافذةِ ، واعتبرَ " تشوبنهاورْ " أنَ الانتصارَ على الحياةِ يكونُ بالانتحارِ ، وتلقفَ ألبيرْ كامو " الفكرةِ وحولها إلى انتحارٍ فلسفيٍ ، . هلْ أصحابُ الفكرِ والمثقفينَ وفلاسفةِ العصرِ مقبلونَ على الانتحارِ الجماعيِ بسببِ الفوضى العارمةِ علي السوشيالْ ميديا أمْ أنها هيَ نفسها انتحار فكريٍ ! !
واللهِ غالب على أمرهِ ولكنَ أكثرَ الناسِ لا يعلمونَ }