معلومات استخباراتية .. ثلاثة أرباع مكونات المسيرات الإيرانية غربية
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن معلومات استخبارية جديدة، تم جمعها من طائرات من دون طيار إيرانية أُسقطت في أوكرانيا،كشفت أن أغلبية أجزاء الطائرات يتم تصنيعها من قِبل شركات في الولايات المتحدة وأوروبا ودول حليفة، ما أثار القلق بين المسؤولين والمحللين الغربيين، ودفع الحكومة الأمريكية إلى إجراء تحقيق فوري.
وبحسب الصحيفة، يُظهر توثيق الأجزاء الغربية كيف كانت طهران تُسلح نفسها وحلفاءها بأسلحة جديدة قوية، رغم كونها هدفًا لواحد من أكثر أنظمة العقوبات شمولاً في التاريخ الحديث.
ووفقًا لوثائق راجعتها "وول ستريت جورنال"، تقدر المخابرات الأوكرانية أن ثلاثة أرباع مكونات الطائرات الإيرانية المُسيرة التي أُسقطت في أوكرانيا أمريكية الصنع.
ووفقًا لمحققين أوكرانيين، تم التوصل إلى هذه النتائج بعد أن أسقط الجيش الأوكراني العديد من الطائرات من دون طيار ، بما في ذلك طائرة إيرانية من طراز مهاجر-6 اخترقها العملاء منتصف الرحلة وهبطت كما هي.
وحسب الصحيفة الأمريكية، تم التحقق من المكونات، التي حددتها المخابرات العسكرية الأوكرانية، من قِبل اللجنة المستقلة لمكافحة الفساد، أو ناكو، وهي منظمة غير ربحية مقرها كييف فتشت الطائرة من دون طيار.
ووفقًا للتقرير، فإنه بين أكثر من 200 مكون تقني حددها المحققون الأوكرانيون، تُشكل الأجزاء الداخلية للطائرة من دون طيار التي تم الاستيلاء عليها، تم تصنيع نصفها تقريبًا بشركات مقرها الولايات المتحدة، وقرابة الثلث بشركات يابانية.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن المسؤولين عن الرقابة على الصادرات في الولايات المتحدة، ومسؤولي الشركات التي صنعت أجزاء الطائرات، لم يتمكنوا من تأكيد مصدر المكونات، بينما رفضت سفارات اليابان وألمانيا وإسرائيل والصين في الولايات المتحدة التعليق على الأمر.
ورفضت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة الرد على أسئلة الصحيفة عن استخدامها للأجزاء الغربية، لكنها قالت إن طهران مستعدة للقاء المسؤولين الأوكرانيين على مستوى الخبراء التقنيين، للتحقيق في مزاعم ملكية الطائرات من دون طيار أو أجزاء منها.
كانت العقوبات الأمريكية المفروضة على الاقتصاد الإيراني تهدف جزئيًا إلى قطع البلاد عن التمويل والتجارة الدوليين اللازمين لتمويل وتطوير جيشها، بما في ذلك الطائرات من دون طيار. وبالمثل، فإن الحظر في الولايات المتحدة وأوروبا على صادرات المكونات التجارية التي يمكن استخدامها للأسلحة المتقدمة، مصمم لمنع إيران والأعداء الآخرين من اكتساب الخبرة الفنية للغرب.
وحسب الصحيفة الأمريكية، تمثل المكونات الغربية الصنع التي يبدو أنها ترشد وتقوي وتوجه الطائرات من دون طيار مشكلة مزعجة لزعماء العالم، الذين يحاولون احتواء تطوير الأسلحة الإيرانية وانتشارها.
بينما ينظر المسؤولون الأمنيون الغربيون إلى أسطول الطائرات العسكرية الإيرانية من دون طيار، إلى جانب الصواريخ الموجهة بدقة التي يمكن أن تحملها، على أنها تهديد مباشر أكبر من برنامج إيران النووي.
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، ومقره واشنطن، الذي نشر تحليله الخاص للطائرات الإيرانية من دون طيار الشهر الماضي قوله: الأولوية فهم كيف ينتهي الأمر بالأجزاء الأجنبية في الطائرات الإيرانية من دون طيار".
وقال تقرير المعهد إنه إلى جانب المكونات الغربية، هناك أيضًا أدلة على أن الشركات الصينية ربما تزود إيران بنسخ من السلع الغربية لإنتاج الطائرات القتالية من دون طيار.
ووفقًا لمسؤولي الصناعة المطلعين على الأمر، فقد بدأت الوكالة الفيدرالية الأمريكية المسؤولة عن فرض ضوابط التصدير مكتب الصناعة والأمن بوزارة التجارة- تحقيقًا في الأجزاء الغربية المنشأ لهذه الطائرات.
ورغم رفض مسؤول كبير بوزارة التجارة الأمريكية التعليق على الأمر، فإنه قال: إن الأسلحة التي تستخدمها روسيا ضد الشعب الأوكراني تمثل أولوية قصوى بالنسبة لنا، وسنحقق في أي تصدير غير قانوني قد يكون مرتبطًا بهذا الجهد.
وبينت "وول ستريت جورنال" أن موسكو بدأت استخدام الطائرات الإيرانية من دون طيار لمهاجمة البنية التحتية الحيوية، بعد سلسلة من النجاحات الأوكرانية في ساحة المعركة خلال الصيف، دفعت القوات الروسية إلى التراجع.
وأشارت إلى أن نموذج شاهد - 136 (طائرة من دون طيار تحمل ذخيرة وتستعمل مرة واحدة) الإيراني، حظي باهتمام عالمي غير مسبوق، خصوصًا بعد أن بدأت روسيا استخدام هذه الطائرات، التي أُطلق عليها طائرات "كاميكازي من دون طيار" لأنها تضرب أهدافًا من خلال اصطدامها بها، بدلاً من إطلاق أسلحة.
لكن بحسب التقرير تؤكد المكونات الغربية الصُنع الصعوبة التي تواجهها السلطات الأمريكية، في محاولتها لوقف انتشار طائراتها من دون طيار في طهران.
ووفقًا لمسؤولي الصناعة والأمن الغربي، فإن العديد من الأجزاء لا تخضع لضوابط التصدير، ويمكن شراؤها بسهولة عبر الإنترنت وشحنها إلى إيران عبر دول أخرى لا تجذب الانتباه.
وأشاروا إلى أن عمليات إعادة الشحن هذه تُعد انتهاكًا للقانون، رغم أنه قد يكون من الصعب منعها.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت الثلاثاء، عقوبات على العديد من الشركات والإيرانيين والروسيين والإماراتيين، الذين قالت إنهم مسؤولون عن إنتاج ونقل الطائرات الإيرانية المُسيرة التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.
ووفقًا لوثائق المخابرات الأوكرانية وتقرير "ناكو"، فقد تم تصنيع المحركات المؤازرة في مهاجر- 6 التي تسمح للمشغلين بمناورة المركبة غير المأهولة عبر الهواء، من قِبل شركة تونيغاوا سايكو اليابانية.
كانت وزارة التجارة اليابانية اتهمت العام الماضي الشركة بتصدير محركات مؤازرة إلى الصين من دون تصريح، بعد أن عثر محققو الأمم المتحدة على أحد الأجزاء في طائرة إيرانية من دون طيار.
وقالت الشركة لوسائل إعلام محلية، إنها لا تعرف أنها سُتستخدم في طائرات عسكرية من دون طيار.
لكن وفقًا لتقرير الاستخبارات الأوكرانية، وناكو، فقد تم تصنيع مجموعة من المكونات الإلكترونية الأخرى من قِبل وحدات إنفنيون تيكنولوچيز المملوكة لألمانيا وشركة ميكروشيب تيكنولوجي، ومقرها أريزونا، وهما اثنتان من أفضل مصنعي الرقائق في العالم.
وردًا على ذلك، قال بريان ثورسن، المتحدث باسم شركة ميكروشيب تيكنولوجي: إن الشركة تهتم بالحفاظ على سلامة سلسلة التوريدالتي تشمل فحص العملاء، مشيرًا إلى أنه إلى جانب وجود أكثر من 120 ألف عميل في قطاعات الصناعة والفضاء والدفاع وغيرها، يبيع الموزعون الخارجيون أيضًا منتجاتها في جميع أنحاء العالم.
وأضاف ثورسن: من دون الوصول إلى الجهاز نفسه، لا يمكننا تقديم المشورة بشأن ما إذا كان المنتج يتبع ميكروشيب أو مزيف.
بينما قال متحدث باسم شركة إنفنيون: إن الشركة لا تبيع أيًا من منتجاتها لإيران.لكن، وفقًا لصور الجهاز في مهاجر- 6 وكتيبات الشركات
استعرضتها الصحيفة- يبدو أن عدسة الأشعة تحت الحمراء التلسكوبية عالية الدقة المستخدمة في مهاجر - 6 للمراقبة والاستهداف، مطابقة لنموذج صنعته شركة أوفير أوبترونيس سولوشين الإسرائيلية.
من جانبها، قالت "إم كيه إس إنسترومينتس"، الشركة الأم لشركة أوفير، إنها لا تبيع لإيران وإنها تلتزم بالقوانين الأمريكية وغيرها من القوانين المعمول بها دوليًا، بما في ذلك ضوابط التصدير والعقوبات.
وترى "وول ستريت جورنال" أنه قد يكون تحديد أصول مكون معين أمرًا صعبًا، حتى بالنسبة للشركات التي تنتجها.
وقد اشتبهت المخابرات الأوكرانية في أن الكاميرا التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء تم تصنيعها بواسطة سييرا أوليمبيك تكنولوجيا وهي شركة مقرها ولاية أوريغون الأمريكية تستخدم عدسات أوفير، وفقًا للتقرير.
لكن كريس جونستون، مؤسس شركة سييرا أوليمبيك ورئيسها التنفيذي، قال بعد مراجعة الصور: إن بعض أجزاء الكاميرا متشابهة، لكن بعضها الآخر مختلف، ما يشير إلى أنها لم تنشأ من شركته.
وأوضح أن شركة سييرا أوليمبيك رفضت طلبات الشراء التي قدمها قبل سنوات إيراني، ونبهت السلطات الفيدرالية حينها، لكنه قال إنه بإمكان الإيرانيين الحصول على أجزاء من طائرات عسكرية غربية أُسقطت في العراق وأفغانستان أو من خلال وسطاء.
وأضاف جونستون: هناك العديد من الثغرات في قوانين التصدير، فضلًا عن وجود فاعلين سيئين يرفضون الامتثال لقوانين التصدير الأمريكية وتلك الخاصة بالدول المضيفة لهم.
وقال تيمور خان، الباحث الإيراني الرئيس في منظمة أبحاث الصراع المسلح، وهي شركة خاصة مقرها المملكة المتحدة تحقق في تهريب الأسلحة العالمية يتعين على الشركات القيام بعمل أفضل لضمان ألا ينتهي الأمر بمنتجاتها بأيدٍ مشكوك فيها.
وأضاف: تقع على عاتق كل وسيط في سلسلة التوريد مسؤولية معرفة عملائه، ومساعدة المحققين لتحديد شبكات الاستحواذ.
وحذر كبار مسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية في الأسابيع الأخيرة من أنهم يخططون لفرض عقوبات على قنوات الشراء التي تستخدمها إيران لتجهيز طائراتها من دون طيار، لكن بعض خبراء الصناعة يقولون إن هذه الجهود ليست كافية.
وقال جيمس روجرز، الأستاذ المشارك في دراسات الحرب بجامعة جنوب الدنمارك: إن الوقت قد حان لأن تضع الأمم المتحدة قواعد جديدة لمنع انتشار تكنولوجيا الطائرات من دون طيار إلى جهات معادية في جميع أنحاء العالم، مضيفًا: هذه مشكلة عالمية وتتطلب حلاً عالمياً.