لطيفة محمد حسيب القاضي تكتب: الفن مقابل الثقافة
يسير الفن بجانب الثقافة لأن كلاهما وسيلة للتعبير عن الذات وما يدور في نفس كل إنسان وعلى هذا المنوال فإن الفن والثقافة يسيران جنبًا إلى جنب.
ومن هنا فالفن هو تمثيل الواقع، أو التواصل بين العاطفة، أو التعبير، أو غير ذلك من الصفات لأنه يندرج نحو مجموعة أنشطة ينفذها البشر مثل النحت والتصوير والموسيقى وتعتبر الهندسة المعمارية نوع من أنواع الفنون أيضًا، والإعلام المرئي والمسرح جميعهم فنون راقية.
كان الفنُ موجودًا منذ عصورِ ما قبل التاريخ ومستمر في الأزهار حتى وقتنا الحالي .
الثقافة هي مفهوم مركزي للأنثروبولوجيا لأنها تعتبر مفهوم أساسي للإبداع والمخيلة والصور الخلاقة، وتصنيف الخبرات مع الرموز المختلفة وعلى هذا الجانب فالعولمة قوة ساعدت على تغيير الثقافة بشكل رئيسي في جميع أنحاء العالم .
الفن والثقافة كلاهما مرتبط أحدهما بالآخر لأن جميع الأعمال الفنية التي تم إنشاؤها كانت نتاج ثقافي ومن هنا فإن الفن والثقافة مرتبطين مع بعضهما البعض ليشكل الفن أحد جوانب الثقافة والمعرفة، والنتيجة هي التأثير الكبير والمستمر للفن والثقافة.
يستقطب الفن والثقافة المجتمع وبناء قدرات الأفراد والتأثير عليهم ولهذا فإن تمويل الثقافة يرتكز على وعي المجتمع بأهمية علاقة الثقافة بالفن وكلاهما قيمة انسانية مشتركة لا غني عنهما حيث أن الفن يأخذ دورًا تاريخيًا لأنه يوثق.
أعتبر أن الفن المتوافق مع الثقافة أساس الفكر العربي المتمثل بالتعبير عن ما يجول في النفس البشرية الإنسانية ومن هنا فإن الفن جزء لا يتجزأ عن الثقافة فيجب أن يُدرس الفن الحديث لتلاميذ المدارس لكي يحثهم على فهم طبيعة الثقافة الفنية ومدى تأثيرها على كل الشعوب في كافة أنحاء العالم .
الثقافة والفن من أبرز الأمور التي ترتكز عليها كافة أعمال كل الدول كما أنهما يعكسان الواقع وجميع الحقائق التي تدور حول العالم، ويساهمان في إيجاد فرص للعمل في العديد من المجتمعات المختلفة لجميع الدول من خلال السياحة لأنها تساعد على جذب السياح من كافة الدول لتبادل الثقافة والمعرفة وعرض أعمالهم واستقطاب جميع الموهوبين.
من هنا فإن الواقع الفطري لجميع البشر يتأثر بشيئين هما القصص والعواطف لذلك تكمن أهمية ربط الثقافة بالفن للمحافظة على حياة كل البشرية من الفناء ولهذا السبب يعتبر وسيلة للتفكير والتأمل من ناحية أخرى فكل الأعمال الفنية الإبداعية تُشكلها الثقافة وكما يمكن لأي دولة المحافظة على تراثها وحضارتها من خلال تقديم أعمال فنية تاريخية خاصة بالفلكلور القديمة وثقافتها التي تتميز بها. ويندرج التأثير أيضًا على تنمية جميع جوانب الشخصية التي تتمثل في الجوانب المعرفية والاجتماعية والجوانب العاطفية ذلك من خلال مساعدة الأفراد على تعلم المزيد من أشكال الفنون المختلفة والعديد من العلوم العامة والعلوم الإنسانية وزيادة الثقة بالنفس.
أن إنفاق الأسرة على المواد الثقافية مثل شراء الكتب يؤدي إلى خلق جيل واعي ويتشكل لديه الكثير من المعرفة بقيمة الأشياء وفهمها بالطريقة الصحيحة وينطوي ذلك عن طريق الفهم الجيد لأهمية الثقافة وارتباطها بالفن .ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي فقد شكلت وعي غير أخلاقي لأبنائنا وأصبحنا لا نستطيع التحكم بهم و بثقافتهم لأنهم ينساقون إلى التقليد الأعمى لثقافات ليس هي من ثقافتنا الأصلية بل ثقافة غربية إباحية مكتسبة لم نعد قادرين على أن تحجب عنهم حريتهم ونُحكم رقابتنا عليهم فضَلّوا عن استيعاب مفهوم القيم والمُثل العليا فأصبحنا نقود الأجيال الجديد إلى التحرر الظاهري بدل من مساعدتهم على فهم المعنى الحقيقي والعميق للحرية واصبحنا نشجعهم على تقليد كل ما هو آت من العالمِ المتقدمِ وكأنه عالم مثالي وليس من صنع البشر، وهنا لابد علينا من استعادة الدور البناء للثقافة والفنون على كافة المستويات وخاصة المستوى الأسَري من أجل مساعدة أفراد المجتمع للتكيف مع أي اختلافات محيطة به والاستيعاب الحقيقي للثقافات الأخرى ولكن ليس لهدف التقليد الأعمى من أجل التعاون الجماعي المثمر وهذا لايتم إلا إذا زرعت كل أسرة في أبنائها الوعي بكيفية التفكير الصحيح والفكر الواعي للفنون والثقافة والعلوم وهذه النهضة سوف تشمل المجتمع ككل.
يجب من رفع مستوى الوعي الفكري الثقافي لكل المجتمع حتى نصل إلى درجة النضج الفكري الثقافي حتى نتخلص من التبعية والهوان.