همسةٌ رمضانية.. ( كنفُ الله ) (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ )؟!
غالب أهل التفسير قالوا إنَّ هذا (تهديد لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب حيث قال : ( الكريم ) حتى يقول قائلهم غرَّهُ كرمه بل المعنى؛ ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم - أي العظيم حتى أقدمت على معصيته وقابلته بما لا يليق كما جاء في الحديث يقول الله يوم القيامة ابن آدم ما غرك بي ابن آدم ماذا أجبت المرسلين)؟ وأن ابن عمر قال غره والله جهله، وروي عن ابن عباس والربيع بن خثيم والحسن مثل ذلك، وقال قتادة غره الشيطان.
ولكنَّ...
الفضيل بن عياض قال لو قال لي ما غرك بي لقلت (ستورك المرخاة)-ما ألذَّهُ من جواب!
وقال أبو بكر الوراق لو قال لي ( ما غرك ) لقلت (غرني كرم الكريم)،
والتفسيرُ الأجمل والأنقى جاء به البغوي عن بعض أهل الإشارة إنما قال ( بربك الكريم ) دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة .
لذلكَ...
سأتجرأ أنا - رغمَ أني آخر نطفةٍ في الزمان، وآخرُ قطفةٍ في المكان ولا عِلمَ لي بلسانِ الضادِ مثلما علمَ به الأولون -وسأوكّدُ بتصريحٍ لستُ عليه بمضطرٍّ لكني سأصرِّحُ به وأقول؛
دعكم مِمَّن قالَ أن الآية هي (تهديدٌ لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب) ، ذاك إنَّ الكريمَ قد أتى هاهنا بلفظ (الكريمِ) وما أتى بلفظ ( المتكبر) لكيلا نقنطَ من رحمته ومن عفوه ومن كرمه مهما عظُمَتِ ذنوبُنا وبوائقنا، ومثلُ ذلك قد أتى ب (الرحمن) على رأسِ الآيةِ المباركةِ (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وما أتى بلفظِ (الجبّارُ) عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ،
سنقف نحنُ جميعاً يوم القيامة حاملين أوزارنا على ظهورنا، ولولا رحمةُ الكريم لهلكنا جميعا إلّا الأنبياء الذين عصمهم (الكريم) من الخطأ بكرمٍ منه عليهم .
فإن قيلَ لي: "بل هي تهديدُ واضحُ يا أنتَ، فالزمْ غرزكَ ولا تتهورْ فتقلْ في كتابِ الله بغيرِ علمٍ"؟، فسأقول له : " أنت لن تقفَ يوم الدين بلا خطايا؟ ومادمتَ ستقفُ محمّلاً بالخطايا فستُسأَلُ مثلنا ( ما هذه الخطايا الخزايا ومَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ إذ إقترفتها يداكَ)؟ وستجيبُ حتماً يومئذٍ ؛ " غرَّني لفظُ (الكريمِ) في كتابِكَ المهيمنِ الحكيم ربَّاهُ.
لذلكَ...
إن سَأَلَنا -نحنُ عوامُ الناسِ الواهنون- ربُّنا الكريمُ يوم التغابن : " يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ" ؟
فسنجيبُ غرّنا ؛
كرمٌ من جلالِكَ لا حدََّ له،
وغفرانٌ لا صدَّ له،
وعفوٌ لا ضدَّ له، يا واسعَ المغفرةِ الجبارَ المتكبرَ.
فهلّا أطبْنا مطعمنا، و كففنا عن الناسَ شرَّ ألسنتِنا، وإستنكفنا من المداهنةَ على قولِ كلمةِ حقٍّ ، كي نعلمَ أنّّ هذه الآية المباركة هي أعظمُ بشرى في كتابِ الله (الكريم) التي تُشكّلُ لواذاُ نلوذُ بها كلمّا هوت بنا النفسُ في مهاوي الآثام المُهلكة وما أكثرها من مهاوي لكنَّ اللهَ..........................كريم.
ولا كريمَ سواه.