زهور الوهابي، النائبة البرلمانية المغربية لـ”الديار”: أطالب السلطات المعنية بإلغاء عقوبة الإعدام من كل القوانين لأنها غير مجدية
► مجتمعاتنا العربية لا تعترف بكفاءة ومجهودات المرأة وهناك مجالات حكرا على الرجل فقط
إلتقت «الديار» بالنائبة البرلمانية، زهور الوهابي، عن حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض،
وعضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وطالبة في سلك الدكتواره في مجال القانون والعلوم السياسية، لتتحدث معها حول المجال الحقوقي والتشريعي بالمغرب، وأبرز القضايا المثارة بالمملكة، وحقيقة إلغاء عقوبة الإعدام، فإلى نص الحوار...
- بداية.. من خلال القضية التي هزت الرأي العام المغربي وبلغ صداها دوليا عبر وسائل الإعلام الأجنبية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، إثر قضية اختطاف واغتصاب وقتل الطفل عدنان بوشوف.. ماذا يقول القانون المغربي في حال اغتصاب القاصرين وخاصة إذا اقترن الاغتصاب بالقتل؟
-- ظاهرة اغتصاب الطفولة أو الإعتداء الجنسي على الأطفال هي ظاهرة مؤلمة وقاسية جدا، وخطورة هذه الأفعال المشينة لا تنعكس فقط على مستقبل الأطفال بل تشكل خطورة على مستقبل البلاد ككل فهم جيل المستقبل.
ورغم أن المشرع المغربي ذهب إلى سن عقوبات قاسية في مجموعة من الفصول بدءا من الفصل 484 وإلى الفصل 487، رفعت فيها العقوبة الحبسية من سنتين إلى عشرين سنة، وتم التميز فيها بين هتك العرض والاغتصاب، إلا أن الإشكال اليوم ليس قانونيا فقط، بل يتعدى ذلك إلى ضرورة التحسيس والتوعية بخطور هذه الأفعال ورفع منسوب الإحساس بالخطر عند الأطفال، وتكاتف المجتمع المدني وإنخراطه في عمليات التحسيس والتوعية.
- مع ارتفاع نسب اختطاف الأطفال واغتصاب القاصرين، هل يعمل المشرع المغربي على سن قوانين جديدة لتشدد العقوبة؟
-- بالفعل ننكب في لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان داخل البرلمان على مراجعة بعض مواد القانون الجنائي، ورغم أننا كنا نطمح لإعادة تعديل القانون الجنائي برمته وفي شموليته، إلا أنه وفي انتظار تحقيق ذلك، فنحن الآن بصدد مراجعة مجموعة من المواد منها ما يخص موضوع سؤالكم اختطاف واغتصاب الأطفال، ونحن نسعى كفرق نيابية وكمشرع مغربي إلى الرفع من العقوبات وتشديدها، ونتمنى أن نتمكن من الخروج بمشروع القانون لحيز التنفيذ نظرا لأهميته واحتوائه على مجموعة من المواد التي ستساهم في الحد من هذه الظاهرة ومحاربتها في أفق أن نصل إلى مجتمعات عربية سليمة من هذه الآفة الخطيرة.
- فجرت هذه الحادثة من جديد المطالبة الشعبية بتطبيق وتفعيل عقوبة الإعدام، فهل أنتم مع تطبيق هذه العقوبة أم ممن يطالبون بإلغائها؟
-- نحن ككل المغاربة والمغرببات بمختلف الأطياف والاتجاهات السياسية والاجتماعية والمهنية المختلفة تأثرنا لهذه الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق هذا الطفل وغيره من الأطفال الذين يتم الإعتداء عليهم جنسيا، وطبعا ندين هذه الجريمة القدرة بشكل كبير، لكننا نؤكد أن عقوبة الإعدام ليست هي الحل؛ لأن المطالبة بتنفيد عقوبة الإعدام في بلد لم يعرف تنفيده منذ أزيد من ربع قرن معناه أننا نضرب بعرض الحائط كل التضحيات التي سمحت بمكتسب النص في دستور المملكة على الحق في الحياة؛ وكذلك حقوق الإنسان بصفة عامة كحقوق دستورية وكمواثيق دولية صادقنا عليها ورفعنا تحفظات عن مجموعة منها.
ولن نطالب الدولة بإرتكاب جرائم مشابهة لتلك التي يرتكبها الجاني، لن نطلب من الدولة تطبيق قانون القتل أو الانتقام، بل ونعتبر ذلك تراجعا وخزيا لبلادنا. فعقوبة الإعدام لم تمنع في كل بلدان العالم من تفادي الجريمة أو نقص عددها أو خطورتها، ولن تضمن لنا حماية لأطفالنا، لكل ذلك فنحن نعبر عن مساندتنا المطلقة لمطلب إلغاء عقوبة الإعدام ونتوجه بنداء قوي للسلطات المعنية لإلغائه من كل القوانين، وهناك فئة من السكان التي تقطن السجون ننسى مناقشة وطرح مواضيعها
- ماذا عن وضعية السجون المغربية؟ وماهي التغيرات التي طرأت عليها في العشرية الأخيرة لتحسين وضعية النزلاء بها؟
-- عرفت المؤسسات السجنية في المغرب تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة من خلال تحسين بنية وجودة الاستقبال، وذلك بفضل تشييد بناءات جديدة، وإحداث مجموعة من البرامج والآليات التي ساهمت في تحسين مستوى عيش السجناء، وهم فئة عريضة تناهز ما يفوق 80 ألف نزيل في كل سجون المملكة.
كما أن هناك تطور ملحوظ شاهدناه عن قرب من خلال زيارتنا الميدانية لمجوعة من المؤسسات السجنية، ووقفنا عند تشييد بنايات جديدة ومطاعم جيدة، وتطوير لخدمة الزيارات العائلية، حيث تم إلغاء ما يسمى في المغرب بـ"القفة" (مؤونة ومستلزمات السجين من حاجياته الغدائية) فالدولة اليوم هي من تتكفل بموضوع التغدية وتخصص ميزانية مهمة لهذا الأمر.
كما لاحظنا أنه وفي مجموعة من المؤسسات السجنية استطاع مجموعة من السجناء تحصيل شواهد عليا من خلال تمكينهم من متابعة دراستهم وهو حق دستوري تكفله الدولة.
ورغم كل ما سلف ذكره، إلا أن السعي لا يزال حثيثا لإنجاح عملية إدماج السجناء داخل المجتمع من خلال مجموعة من المبادرات التي تتبناها مديرية السجون بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عن طريق التكوين والتمويل والتأطير بهدف خلق فرص شغل ومشاريع صغيرة مدرة للربح.
كما تعمل الدولة المغربية على مناقشة عقوبات بديلة في حالة المخالفات والجنح، كفرض غرامات مالية أو قضاء فترة العقوبة في الاشتغال بالمؤسسات العمومية من أجل المصلحة العامة وغيرها من الإصلاحات القانونية التي يسعى المشرع المغربي لتجويدها.
- ماهي الإجراءات التي اتخدتها المملكة المغربية لضمان سلامة هذه الفئة من المواطنين في ظل أزمة كورونا تفاديا لانتشار فايروس كوفيد 19 داخل المؤسسات السجنية؟
-- المؤسسات السجنية في المغرب هي كغيرها من المؤسسات التي طالتها رياح جائحة كورونا، رغم أن المندوبية السامية لإدارة السجون بالمملكة إتخدت إجراءات مشددة للحد من إمكانية تسرب الفايروس داخل المؤسسات السجنية، ودهبت إلى منع موظفيها من مغادرة هذه المؤسسات لتجنب نقل العدوى، كما تم توقيف الزيارات العائلية وتبني آلية المحاكمة عن بعد، ولم تسجل في المؤسسات السجنية أرقام كبيرة بالمقارنة مع البؤر الصناعية أو العائلية.
- من بين هذه الإجراءات كما دكرتم، كان تفعيل آلية المحاكمة عن بعد؛ إلى أي حد ترون أن هذه الألية تضمن الحق في المحاكمة العادلة؟
-- بالفعل وزارة العدل عملت بهذا الإجراء للحد من حركية وتنقل السجناء بين المؤسسات السجنية والمحاكم القضائية، حماية منها لهؤلاء السجناء من خطر انتقال العدوى والإصابة بفيروس كورونا،
ولقد تمكنت آلية المحاكمة عن بعد من تداول عدد من الملفات المستعجلة، ولازلنا نسعى إلى تطوير هذه الآلية لضمان حق أكبر في المحاكمة العادلة من خلال تمكين السجناء من تفديم دفعاتهم عن طريق تقنية الإتصال المباشر أمام هيئة المحكمة.
- كيف تقيمين مجال حقوق الإنسان والحريات عامة في المغرب؟
-- المغرب بالفعل حقق مجموعة من الخطوات نحو مصالحة حقيقية مع فئات عريضة من ذوي الحقوق خاصة فيما كان يسمى بسنوات الرصاص، وقد راكمنا تجربة جد مميزة بالمقارنة مع عدد من المجتمعات العربية.
ونتحدث اليوم عن دستور 2011 الذي أفسح بابا كاملا لمجال الحريات وحقوق الإنسان، ونتحدث كذلك عن مؤسسات دستورية تضمن حسن تنفيد هذا الدستور والسهر على حسن سير وتفعيل مكتسباته، كما لا ننسى إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي انتقل من مجلس استشاري إلى أن يصبح هيئة دستورية تعمل على تتبع مجال الحريات وحقوق الإنسان، وأيضا هناك أيضا بالمغرب وزارة كاملة مكلفة بهذا الشأن ألا وهي وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان.
ومن خلال كل ما سبق فنحن نتحدث اليوم عن تحول كبير في مجال حقوق الإنسان في المغرب كدولة للقانون والمؤسسات، فقد حقق المغرب قفزة نوعية بفضل إرادة ملكية ومجتمعية كبيرة من أجل التحول والإنتقال بالبلد لمصاف الدول الديمقراطية التي تحترم مؤسساتها.
- وكيف تقيمين مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية ووصولها لمراكز صنع القرار؟
-- في الحقيقة يصعب أن نقدم تصورا عاما عن تجربة المرأة في المجتمعات العربية ككل؛ فهي تختلف من مجتمع لآخر، هناك بعض الدول التي وصلت للتو ونحن في القرن 21 لأن تعطي للمرأة الحق في قيادة السيارة، في حين أن هذا الأمر في جل الدول العربية استطاعت المرأة أن تحفقه في الستينيات، فالمنطلقات والمرجعيات غير متساوية.
في حين أن هناك دول أخرى ذهبت للمساواة وإعطاء فرص لتمكين المرأة، نتحدث هنا عن تونس، المغرب والأردن وهي دول عربية كانت رائدة في إعطاء المكانة الحقيقبة للمرأة، فقد غدا من غير الممكن تعزيز دولة القانون وإرساء قواعد الممارسة الديمقراطية في مجتمعاتنا بعيدا عن مشاركة -نصف المجتمع- المرأة في التنمية وكذا في مراكز إتخاذ القرار.
- ما هي الأسس التشريعية التي عملت على تمكين المرأة سياسيا بالمغرب؟ وما هو واقع التمثيلية السياسية للنساء بالمملكة؟
-- عندما نتحدث عن المشاركة السياسية للمرأة في المغرب، فإننا ننطلق من خلال مرجعية دستورية تحدثت في فصلها 19 عن المناصفة بين المرأة والرجل في كل المجالات الاقتصادية والإجتماعية والسياسية ونتحدث كذلك عن مواثيق دولية صادقت علبها المملكة المغربية.
ودون أن ننسى آلية أساسية لمشاركة المرأة في مراكز القرار وهي آلية الكوطا، وقد استطاعت الدولة المغربية بفضل هذه الآلية رفع نسبة المشاركة السياسية للنساء داخل قبة البرلمان بعد أن كانت في سنوات ما قبل التسعينيات صفر إمرأة داخل البرلمان اليوم العدد يفوق 90 إمرأة برلمانية داخل البرلمان وهذا ليس بالرقم الهين.
ومع كل ذلك يبقى اشتغالنا كهيئات حقوقية ونواب برلمانين مستمرا لتفعيل أكثر للفصل 19 من الدستور المغربي بغية تحقيق المناصفة عدديا.
ودعني أخبركم أنه في إطار مناقشة الانتخابات المقبلة، هناك نقاش عمومي حول ضرورة تواجد لوائح جهوية تضمن حضور النساء من كل جهات المملكة داخل قبة البرلمان وهذه الآلية إذا تمكنا من النجاح فيها، قفد نكون رفعنا من التمثيلية النسائية داخل البرلمان وبالتالي نرفع من عدد النساء في مراكز القرار، لأننا نعتبر وجود المرأة في مراكز القرار شريك أساسي وفعال في مسلسل التنمية.
- بالإضافة إلى المعترك السياسي، في نظرك إلى أي حد لازالت المرأة تجد نفسها غير متساوية مع الرجل في وطننا العربي وبأي مجالات تحديدا؟
-- للأسف لازالت جل مجتمعاتنا العربية لا تعترف بكفاءة ومجهودات المرأة، ولازال يعتبرها البعض في الصف الثاني بعد الرجل.
ولازالت هناك مجالات حكرا على الرجل، على سبيل المثال لم نرى يوما في مجتمعاتنا العربية ككل إمرأة في منصب رئاسة الحكومة أو بعض المؤسسات الاقتصادية التي لايزال يهيمن على مراكز القرار فيها الرجال.