انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي.. ضجة إعلامية ذات بُعد استراتيجي
أُثيرت حالة من الجدل خلال الفترة الماضية بعدما أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان أصدرته، أنها إسرائيل ستنضم إلى الاتحاد الأفريقي كدولة بصفة مراقب، وتباينت الآراء حول هذا الأمر وتفاعلت أطراف عدة مع الإعلان الإسرائيلي.
ولكن الشيء الواضح للجميع أن انضمام إسرائيل عضوًا مراقبًا في الاتحاد الأفريقي جاء بعد اتخاذ إسرائيل خطوات عديدة، أهمها إقامة شراکات عسكرية وأمنية واستثمارية مع كثير من الدول الأفريقية خلال السنوات الماضية، مستغلةً الغياب العربي الواضح اقتصاديًا وسياسيًا ودبلوماسيًا في أفريقيا.
وسبق لإسرائيل أن حصلت على صفة مراقب في منظمة الوحدة الأفريقية، قبل حل منظمة الوحدة عام 2002 واستبدالها بالاتحاد الأفريقي.
وعلى الرغم من هذه الضجة الإعلامية الكبيرة، فإنه يجب التنويه بأنه يجب ألا نبالغ كثيرًا في تقدير الموقف، فصفة مراقب بالاتحاد الأفريقي لا تُمكن إسرائيل من التصويت أو اقتراح قرارات، ولكنه يُعدُّ حضورًا ذا أهداف دبلوماسية - وهذا ما رأته الخارجية الجزائرية - ربما للداخل الإسرائيلي بعد مرحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تولى السلطة في إسرائيل لمدة 12 عامًا متتالية، أو ربما للخارج الإسرائيلي للحصول على مزيدٍ مما يُسمى بالتطبيع.
ومن المهم في هذا الأمر نقل تفاعلات جميع الأطراف بما فيها الخارجية الإسرائيلية ورأي الخبراء وإنْ كان مبالغًا فيه وكذلك تعليق الخارجية الجزائرية على هذا الإعلان الإسرائيلي.
البداية مع الخارجية الإسرائيلية التي رأت عبر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن هذه الخطوة ستساعد في تعزيز أنشطتها في القارة الأفريقية ومع الدول الأعضاء في المنظمة، وأن هذه العضوية ستمكن الطرف الإسرائيلي والأفريقي من مكافحة كورونا ومنع انتشار الإرهاب والتطرف في القارة، محتفيًا بهذه الخطوة ووصفها بأنها يوم للاحتفال بالعلاقات الإسرائيلية الأفريقية، باعتبار أنها تقيم حاليًا علاقات مع 46 دولة أفريقية.
يائير لبيد أكد، في بيان الخارجية الإسرائيلية، أن حكومته استأنفت علاقاتها مع تشاد وغينيا بعد قطعها لسنوات، ووقعت إسرائيل اتفاقيات تطبيع مع السودان والمغرب في عام 2020، وأن تل أبيب تقيم حاليًا علاقات مع 46 دولة أفريقية ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في عديد من المجالات المختلفة بما في ذلك التجارة والمساعدات.
ووفق "بي بي سي"، تستهدف إسرائيل من هذه الخطوة سجل تصويت الدول الأفريقية على القضايا الإسرائيلية في المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث أعرب دبلوماسيون إسرائيليون عن أسفهم إزاء بيانات الاتحاد الأفريقي الأخيرة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتفاعل المحللون السياسيون مع الإعلان الإسرائيلي ورأوا أن إسرائيل تهدف إلى تحسين العلاقات مع دول القارة الأفريقية، مؤكدين أن القضية الفلسطينية ستتأثر بهذه الخطوة فهي ضربة للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، حيث سيتراجع موقف الاتحاد الأفريقي في المحافل الدولية بشأن حقوق فلسطين.
الخبراء رأوا أن هناك حالة من الانكفاء للدول العربية على شؤونها وهمومها الداخلية ما أدّى إلى استثمار الاحتلال الإسرائيلي هذا الفراغ السياسي العربي في أفريقيا، غير أن انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي لا يؤثر في القضية الفلسطينية فحسب وإنما يُشكّل خطرًا على الأمن القومي العربي خاصة في الدول العربية بالشمال الأفريقي.
وأوضح الخبراء أن إسرائيل استطاعت التوغل بقوة في القارة الأفريقية بسبب إمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية والدعم الدائم التي تتلقاه من الولايات المتحدة الأمريكية، غير أنها نجحت في أن تكون لها منصة إعلامية قوية تدعم حكوماتها وسياساتها في القارة الأفريقية.
وفي خضم ردود الأفعال القوية إزاء الإعلان الإسرائيلي، خرج بيان مفاجئ لوزارة الخارجية الجزائرية للرد على الخطوة الإسرائيلية، يؤكد أن قرار قبول إسرائيل مراقبًا جديدًا في الاتحاد الأفريقي لا يحملُ أي صفة أو قدرة على إضفاء الشرعية على ممارساتها التي تتعارض تمامًا مع قيم الاتحاد ومبادئه.
الخارجية الجزائرية أكدت أيضًا أن القرار اتُّخذ دون مشاورات موسَّعة ومسبقة مع الدول الأعضاء، وأن هذا القرار لن يؤثر في دعم الاتحاد الثابت للقضية الفلسطينية العادلة، والتزامه بتجسيد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة.
بيان الخارجية الجزائرية وصف الضجة الإعلامية بشأن هذا الموضوع بأنه "لا حدث" أكثر من كونه اختراقًا ذا بُعد استراتيجي، مؤكدًا أن القرار لا يمكنه الإضرار بالمتطلبات الأساسية لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، على النحو الذي كرسته أفريقيا والمجتمع الدولي بأسره، وأن نظم عمل الاتحاد الأفريقي لا تمنح أي إمكان للدول المراقبة الـ87 من خارج أفريقيا للتأثير في مواقف المنظمة القارية التي يُعَدّ تحديدها اختصاصًا حصريًا للدول الأعضاء.