جريدة الديار
الثلاثاء 21 مايو 2024 01:06 صـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
تضافر جهود الفريق الطبي فى البحيرة والغربية لإنقاذ فتاة من الموت المحقق د. ياسمين فؤاد: ٩٦ مليون جنيه تكلفة ٣ مدافن صحية آمنة تم تسليمها نهائيًا لمحافظة الوادي الجديد بمدن الداخلة والخارجة والفرافرة عامين ونصف سجن للمتهم بضرب شاب من ذوي الهمم بقرية ميت عنتر دقهلية وزيرة البيئة تبحث مع شركات الأسمنت فرص الإستثمار في مجال إعادة التدوير لمُعالجة المُخلفات وتحقيق إلتزامات المناخ قومي المرأة بالدقهلية والأوقاف افتتحا تدريب المدربين لاعداد الدعاه والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية قصور الثقافة بالغربية تناقش تأثير الدراما الأجنبية على الهوية المصرية وكيل تعلبم الغربية يتابع سير امتحانات الشهادة الإعدادية استحداث وحدة الاعطاء التنظيمي لداء عديد السكاريد المخاطي MPS بمستشفى مبرة طنطا «تحديات المرأة العاملة» ضمن محاضرة تثقيفية لقصور الثقافة بالغربية وكيل تعليم الغربية يشكر إدارة غرب المحلة خلال المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية غدا على مسرح قصر ثقافة شرم الشيخ والعرض المسرحى زيارة السيدة العجوز إطلاق مبادرة إنشاء «المراكز الجامعية الاقليمية لتوطين الصناعات المحلية والتطوير الوظيفي» بإقليم الدلتا من جامعة طنطا

علي الجنابي يكتب: كَسَّارُ وحُقنَةُ الحُمَّى

حَدَثٌ ذَكَّرَنيهُ حفيدُ أبي خلف..
و" كَسَّارُ" هوَ أبو خَلَف، شَيخٌ عَجوزٌ، جارنُا بالجَنبِ مذُ بدء قَرنٍ قد سَلَف. رَحَلَ عنّا في ثَمانينياتِ قرنٍ قد إنقضى، وفي طيّاتِهِ قد دَلَف. شيخٌ سَريرتُهُ بين الأنامِ لاصفةٌ إن ذَرَف، و فؤادُهُ بينَ الأرحامِ مؤتلِف مؤتلَف. بديهتُهُ بين الكرامِ عاصفةٌ إن عَصَف، قفشاتُهُ في الخصامِ قاصفة إن بها قَصَف.
أبو خلفٍ لهُ من الخَلَفِ وَلَدٌ وَحيدٌ، نعم هوَ :"خَلَف". وخَلَفٌ مُضَمِّدٌ ماهرٌ، وفي صالةِ العملياتِ مَشرَطُهُ مُحتَرَمٌ ومُعتَرَف. 
حَمَلَ الجَارُ" كَسَّارُ" حُقنةً الحُمّى، وما يلازمُها من قَرَف، فإتَّجَهَ ساخناً يتمايلُ الخُطى ويغضُّ الطرف، صوبَ دارِ "أبي سالمَ"، وسالمٌ هذا تلميذٌ في أوّلِ سنةِ في الطّبِّ قدِ إعتَكف،:
"أزرُقْني ياسالمَ، ياطبيباً مازالَ نُطفةً في النُطَف! نطفةَ طبيبٍ تجاورني! يا لذاك من لطائفِ وظرائفِ الصُدَف". 
زَرَقُهُ سالمُ الحُقنةَ، بإبرةٍ مُغَمَّسةٍ بودٍّ وتوقيرٍ وشَغَف، ثمَّ أردفَ قائلاً لأبي خلَف: 
" صِحَةً وعُمُراً حميداً وحديداً يا جدَّنا أبا خَلَف".
قهقهَ الحاجُّ " كَسَّارُ" أبو خلف،  لدُعاءِ "سالمَ" وإستَهجَنَهُ، بل وعلى ذلكَ حَلَف: 
" واللهِ -يا نُوَيّةَ طبيبٍ،  لا صِحَّةَ  ولا حديداً من وراءِ ولدي خَلَف! وأنّى للصِّحَةِ أن تغشانيَ كما غَشّى كَفّيَ الكَلَف"؟. 
ردَّ سالمُ على إستحياءٍ، وبحرفٍ قد إعتَصَرَهُ عصراً وبهِ ذَرَف:
"ولمَ التّشاؤمُ ذاكَ يا شَمعةَ الحيِّ،  وعلامَ اليمين والحَلف!". فأنابَ أبو خَلَف لما في ناموسِهِ من لُطَف، وأجابَ بتعليلٍ من قاموسِهِ فَقَطَفَ وعَطَف:
" سالمُ قد وخزَ مؤخرتي مَجّاناً، وقد سَرَقَ حُقنَتي مِنَ المَشفى خَلَف، فأنّى لصّحةٍ أن تَرِدَ بَدَنَ أبي خَلَف! ماهذا الزّمانُ ياسالمُ، وماهذا القَرَف"؟!
ذاكَ هوَ زمانُ " كَسَّارُ" أبو خَلَف!
زمانُ " كَسَّارُ" المُهفهفِ المُشَفشفِ بالشرف،
والموسوسِ المُوَهوسِ من سُحتٍ، ومن وَجَفٍ، ومن رَجَف، 
زمانٌ خشيَ ربَّهُ بالغيبِ، وجعلَ رضوانَهُ هو الأملُ وهو الترف.
زمانٌ لم يُفَرِّقْهُ تَحلُّقاً لمرتبٍ شهريٍّ، ولم يؤَرِّقْهُ تَمَلُّقاً لسلطانٍ، وإليهِ تَهَجَّدَ وأسلمَ وإعتَرَف،
زمانٌ ما لَهَثَ وراءَ دينارٍ على أنقاضِ موطنِهِ، لِيَقبِضَهُ بفَرحٍ، ومتحايلاً قدِ إنصَرَف.
زمانٌ يدَندِنُ: "ليرتفعَ البنيانُ ياموطني، ولا ضيرَ إن شَبَعَت بطني من عُشبٍ أو من عَلَف".
زمانٌ ينامُ بعَينٍ، وعينٌ تترَقَّبُ الوثوبَ على الهَدَف! أيُّ هَدَف!
لكَ الحقُّ -ياجليس- أن تَستَفهمَ عن الهَدَف، وقد تُهتَ فما عُدّتَ تَمِيزُ ال..وسادةَ مِن اللحَف.
إنّهُ (الأقصى) الهَدَفُ، أوَسَمِعتَ عن ذا الهَدَف؟
مَسجِدٌ في فِلسطينَ، أصابَهُ عزفُ القرودِ في فؤادِهِ فَنَزَف.
ذاكَ زمانُ " كَسَّارُ" بقيّةُ الزّمانِ الذي ..
 عَفَّ فَأَنَف، وخَفَّ فَدَنَفَ معَ الصّافِّينَ في العَنانِ في عُنفوانٍ وأَنَف.
زمانٌ لا تيوسَ فيه، ولا جاسوسَ، ولا قُحَفَ ولا نُتَف.
رَحِمَ الله أبا خلف.