”تهجير الفلسطينيين.. هل هي مؤامرة جديدة أم أوهام ترامب؟ ولماذا رفض السيسي؟”
في ساعات الليل الماضية، شهدت المنطقة العربية والعالم بأسره تطورات مفاجئة ومثيرة للقلق، خاصة بعد التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ترامب، الذي عُرف بخطاباته الجريئة وغير التقليدية، تحدث عن خطة طموحة لإعادة إعمار قطاع غزة، لكن ما أثار الجدل هو الحديث عن "سيطرة أمريكية مؤقتة" على القطاع، وما يعنيه ذلك من احتمالية تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
ترامب وصف غزة بأنها يمكن أن تتحول إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهي عبارة قد تبدو براقة، لكنها تخفي وراءها مخاوف كبيرة.
فهل هذه الخطة مجرد حلم تنموي أم أنها محاولة لطمس الهوية الفلسطينية وإفراغ الأرض من سكانها؟ السؤال الأكبر: هل هناك فعلاً نية لتهجير الفلسطينيين؟ وما موقف الدول العربية، وخاصة مصر، من هذه التصريحات؟
مصر والرفض القاطع للتهجير
في هذا السياق، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة رفضه القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
السيسي، الذي يعي جيدًا تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، يدرك أن تهجير الفلسطينيين يعني إلغاء قضيتهم العادلة، وهي قضية لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية عربية وإسلامية وإنسانية بامتياز.
مصر، التي كانت ولا تزال حاضنة للقضية الفلسطينية، ترفض أن تكون شريكًا في أي مخطط يهدف إلى إفراغ الأرض من أهلها.
السيسي، بخطابه الواضح والصريح، يؤكد أن مصر لن تسمح بتحويل غزة إلى ساحة للتجارب الدولية، ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها أو إلى أي دولة عربية أخرى.
هذا الموقف ليس مجرد موقف سياسي، بل هو موقف أخلاقي وإنساني يعكس التزام مصر بحقوق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه.
موقف الدول العربية: بين الصمت والرفض
أما عن موقف الدول العربية من تصريحات ترامب، فإنه يتراوح بين الصمت والرفض الحذر. بعض الدول العربية، التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لم تصدر تصريحات واضحة ترفض فيها فكرة التهجير، ربما خشية من تأثر علاقاتها مع واشنطن.
لكن دولاً أخرى، مثل الأردن، أعلنت رفضها القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين، مؤكدة أن القضية الفلسطينية تظل في صلب أولوياتها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يكفي الرفض العربي الرسمي؟ أم أن المطلوب موقف عربي موحد وقوي يعكس رفض الأمة بأكملها لأي محاولة لطمس الهوية الفلسطينية؟
القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية حدود أو أرض، بل هي قضية وجود وهوية، ولا يمكن أن تكون موضوع مساومة أو تفاوض.
ترامب وإيران: رسائل التهديد والتفاوض
في سياق آخر، وجه ترامب رسالة إلى إيران، مهددًا برد قاسٍ في حال تعرضه لأي محاولة اغتيال، لكنه في الوقت نفسه أبدى استعداده للتفاوض مع طهران.
هذه الرسائل المتناقضة تعكس سياسة ترامب المعروفة بـ"العصا والجزرة"، حيث يهدد من جهة ويعرض التفاوض من جهة أخرى.
لكن السؤال الأكبر: هل يمكن الوثوق بترامب في أي اتفاقيات أو وعود؟ خاصة بعد سلسلة القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها خلال فترة رئاسته، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
حماس والاستعداد للتفاوض
من جهة أخرى، أعلنت حركة حماس استعدادها للتفاوض مع إدارة ترامب، وهو ما يطرح تساؤلات حول طبيعة هذه المفاوضات وأهدافها.
هل ستكون هذه المفاوضات خطوة نحو تحقيق السلام العادل، أم أنها مجرد محاولة لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة؟
حماس، التي تعتبر نفسها ممثلة للشعب الفلسطيني، عليها أن تتحلى بالحكمة في إدارة هذه المفاوضات، وأن تضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي اعتبارات أخرى.
القضية الفلسطينية ليست للبيع
في النهاية، القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية يمكن حلها بخطابات براقة أو وعود زائفة. إنها قضية شعب يعيش تحت الاحتلال منذ عقود، وشعب يستحق أن يعيش بحرية وكرامة على أرضه.
تصريحات ترامب، وإن كانت تبدو مليئة بالتفاؤل، إلا أنها تخفي وراءها مخاطر كبيرة على مستقبل القضية الفلسطينية.
مصر، بقيادة الرئيس السيسي، تؤكد أن القضية الفلسطينية لن تُباع أو تُساوم، وأن تهجير الفلسطينيين ليس خيارًا مطروحًا.
على الدول العربية أن تتحد في موقفها، وأن ترفض أي محاولة لطمس الهوية الفلسطينية.
القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية كل عربي وكل إنسان يؤمن بالعدل والحرية.