جريدة الديار
الثلاثاء 4 فبراير 2025 01:05 مـ 6 شعبان 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الحرب التجارية بين العملاقين: ترامب والصين.. من يدفع الثمن؟

في عالم السياسة والاقتصاد، لا شيء يحدث بمعزل عن شيء آخر.

فالقرارات التي تتخذ في واشنطن تتردد أصداؤها في بكين، والعكس صحيح.

واليوم، نجد أنفسنا أمام فصل جديد من فصول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 10٪ على جميع الواردات الصينية، في خطوة اعتبرها البعض تنفيذاً لوعده الانتخابي، ورآها آخرون تصعيداً قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى مزيد من الاضطراب.

ترامب يضرب أولاً.. والصين ترد بحذر

في أعقاب الإعلان الأمريكي، وجدت الصين نفسها في موقف محرج.

فبينما كانت البلاد تحتفل بعطلة عامة استمرت أسبوعاً، جاءت الضربة الأمريكية لتُذكر بكين بأن العالم لا يتوقف عن الدوران.

وعلى الفور، أعلنت الصين أنها ستقدم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية وستتخذ "تدابير مضادة"، لكنها لم تُفصح عن تفاصيل هذه الإجراءات.

هذا الرد الحذر من الصين يطرح تساؤلات حول استراتيجيتها في التعامل مع التصعيد الأمريكي. فبينما سارعت المكسيك وكندا إلى فرض رسوم انتقامية، اختارت الصين التريث.

هل هذا يعني أن بكين تفضل الدبلوماسية على المواجهة؟ أم أنها تنتظر اللحظة المناسبة للرد بقوة؟

اقتصاد يعتمد على التصدير.. وحرب تجارية تهدد الاستقرار

لا يمكن فهم رد الفعل الصيني دون النظر إلى طبيعة اقتصادها الذي يعتمد بشكل كبيرعلى التصدير.

فالصين، التي تُعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تعلم جيداً أن حرباً تجارية شاملة مع الولايات المتحدة قد تكلفها الكثير.

ومن هنا، يبدو أن بكين تفضل الحلول الدبلوماسية على المواجهة المباشرة، خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

لكن هذا لا يعني أن الصين ستتراجع بسهولة.

ففي خطوة واضحة للرد، أعلنت بكين عن فرض رسوم جمركية على بعض الواردات الأمريكية، بما في ذلك النفط الخام والغاز الطبيعي المسال والآلات الزراعية.

هذه الخطوة، وإن كانت محدودة، تُرسل رسالة واضحة إلى واشنطن مفادها أن الصين لن تبقى مكتوفة الأيدي.

هل هناك أمل في التوصل إلى اتفاق؟

في خضم هذه التصعيدات، تبقى هناك إشارات تدعو إلى التفاؤل.

فقد أبدى ترامب أكثر من مرة رغبته في العمل مع الزعيم الصيني شي جينبينغ لحل الخلافات بين البلدين.

كما أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي تبلغ 10٪، أقل بكثير من تلك التي هدد بها ترامب خلال حملته الانتخابية، والتي وصلت إلى 60٪.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل لا يزال هناك وقت للتوصل إلى اتفاق؟ الإجابة ليست بسيطة. فبينما تبدو الصين مستعدة للحوار، فإنها في نفس الوقت لن تتردد في الدفاع عن مصالحها بكل قوة. وفي النهاية، كما قالت وزارة الخارجية الصينية: "لا يوجد فائزون في الحروب التجارية".

العالم يراقب.. والاقتصاد يدفع الثمن

في النهاية، الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ليست مجرد صراع بين عملاقين اقتصاديين، بل هي قضية تهم العالم بأسره.

ففي عالم مترابط، لا يمكن لأي دولة أن تعيش بمعزل عن الأخرى.

واليوم، بينما يراقب العالم بقلبٍ حائر تطورات هذه المواجهة، يبقى الأمل في أن يجد القادة في واشنطن وبكين حلاً يضع مصلحة الاقتصاد العالمي فوق كل اعتبار.

فهل نتعلم من التاريخ أن الحروب التجارية لا تُنتج سوى الخاسرين؟ أم أننا سنضطر إلى دفع الثمن مرة أخرى؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.