كيفية أداء العمرة للرجال والنساء وعن الميت
ما كيفية أداء العمرة ؟ مناسك العمرة ليست صعبة ولا تستغرق العمرة وقتا طويلاً، فعند بداية الإحرام بالعمرة، فإذا وصل من يريد العمرة إلى الميقات استحب له أن يغتسل ويتنظف وهكذا تفعل المرأة ولو كانت حائضًا أو نفساء، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر وتغتسل، ويتطيب الرجل في بدنه دون ملابس إحرامه، فإن لم يتيسر الاغتسال في الميقات فلا حرج ويستحب أن يغتسل إذا وصل مكة قبل الطواف إذا تيسر ذلك.
وإذا أرد الرجل العمرة يتجرد من جميع الملابس المخيطة ويلبس إزارًا ورداءً، ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين، أما المرأة فتحرم في ملابسها العادية التي ليس فيها زينة ولا شهرة، ثم ينوي الدخول في النسك بقلبه ويتلفظ بلسانه قائلًا: "لبيك عمرة" أو "اللهم لبيك عمرة" وإن خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه لكونه مريضًا أو خائفًا من عدو ونحوه شرع له أن يشترط عند إحرامه فيقول: «فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني» لحديث ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها.
ثم يلبي بتلبية النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ويكثر من هذه التلبية ومن ذكر الله سبحانه ودعائه حتى يصل إلى البيت "الكعبة".
خطوات أداء العمرة وأركان العمرة
أولًا: الإحرام: يعتبر الإحرام نيّة الدّخول في رحلة العمرة، ومن المحبّب أن يتلفّظ المسلم المعتمر بقول «لبّيك عمرة لبّيك عمرة» وذلك عند إحرامه. يُحرم الرّجل في ملابس الإحرام وهي مكوّنة من إزار ورداء من غير المخيط، ويستحبّ أن يكون لونهما أبيضًا، وإذافة إلى ذلك يعتبر الاغتسال والطّيب والتنظّف من السنن المحبّب اتّباعها قبل الإحرام، وعلى المعتمر أن يقول بعد الإحرام: "لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك".
أما ملابس إحرام المرأة فليس لها لباس محدد لـ الإحرام كما يعتقد البعض، ولكن لا يجوز لها لبس القفّازين أو ارتداء النّقاب كما بيّن النبيّ عليه الصّلاة السلام حيث قال: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفّازين».
ثانيًا: الطواف
الطواف يكون سبعة أشواط على مدار الكعبة، حيث يبدأ كلّ شوط من هذه الأشواط من أمام الحجر الأسود، وينتهي عند ذلك الحجر، أمّا الكعبة فتكون على يسار المعتمر أثناء مرحلة الطواف، كما أنّه يسنّ للمعتمر أن يقوم بمسارعة المشي مع تقارب الخطوات، ويكون ذلك في الأشواط الثلاثة الأولى تحديدًا.
ثالثًا: الصلاة عند المقام
الصلاة عند المقام من السنّة للشّخص المعتمر عندما يتوجّه للصّلاة في المقام أن يبدأ بتلاوة قوله تعالى «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى»، ومن السنّة كذلك أن يصلّي المعتمر ركعتين بعد إتمامه طوافه، ويستطيع بعد الصلاة أن يشرب من ماء زمزم ويلمس الحجر الأسود .
رابعًا: السعي
يكون السعي عبارةً عن سبعة أشواط، تبدأ عند الصفا وتنتهي عند المروة، كما أنّه من السنّة النبويّة الشّريفة أن يقول المعتمر عندما يقترب من الصّفا "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" وذلك في بداية الشّوط الأول. وإن وصل المعتمر الصّفا يرى الكعبة فيرفع يديه للدعاء ويقول: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده».
خامسًا: حلق شعر الرأس أو تقصيره
يعتبر الحلق أو التّقصير من واجبات العمرة إلّا أن الحلق أفضل من التّقصير وذلك للرّجل، أمّا المرأة فليس شرطًا عليها أن تقصّر شعرها، ولا يجوز لها الحلق.
حكم العمرة عند الفقهاء
أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها، واختلفوا في وجوبها، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك– إلى أنها سنة مستحبة وليست واجبة، واستدلوا بما رواه الترمذي (931) عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لا، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ». غير أن هذا الحديث ضعيف، ضعفه الشافعي وابن عبد البر وابن حجر والنووي.
وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوبها، واختار هذا القول الإمام البخاري، وأنها تجب على الإنسان مرة واحدة في العُمر، واستدل القائلون بالوجوب بعدة أدلة:
أولاً: ما رواه ابن ماجه (2901) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ». قال النووي في "المجموع" (7/4): إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، ووجه الاستدلال من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِنَّ) وكلمة (على) تفيد الوجوب.
ثانيًا: حديث جبريل المشهور لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلاماتها، فقد رواه ابن خزيمة والدارقطني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه زيادة ذكر العمرة مع الحج، ولفظه: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان» قال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح.
ثالثًا: ما رواه أبو داود (1799) والنسائي (2719) عَنْ الصُّبَيّ بْن مَعْبَدٍ «قال كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا... فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَسْلَمْتُ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيّ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
فضل العمرة
أولاً: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما كما أخبرنا بذلك الرسول عليه السلام بقوله: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة».
ثانيًا: العمرة بالإضافة إلى الحج أحد الجهادين، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الغازي في سبيل الله، والحاجّ، والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم».
ثالثًا: العمرة تُذهب الفقر وتغفر الذنوب: كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديد والذهب والفضة».
رابعًا: العمرة في رمضان تعدل حجّة كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم.
خامسًا: المعتمر له أجر عظيم من الله تعالى لقوله عليه السلام لعائشة عند أدائها العمرة: «إنّ لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك»، وقوله أيضاً: «من طاف بالبيت ولم يرفع قدماً ولم يضع أخرى إلا كتب الله له حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة».
سادسًا: العمرة هي الحج الأصغر وسمّيّت بذلك لأنّها تتشابه مع الحج بالطواف، والسعي والحلق، أو التقصير، وانفراد الحج ببعض المناسك الأخرى.سابعاً: ركعة واحدة في الحرم المكي تعدل مئة ألف ركعة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام وصلاة في السمجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه».
سابعاً: ركعة واحدة في الحرم المكي تعدل مئة ألف ركعة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام وصلاة في السمجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه».
متى ترتدي ملابس الإحرام وتنوي العمرة
تنقسم مواقيت الإحرام المحددة لقاصدي المسجد الحرام بنية تأدية الحج أو العمرة إلى قسمين:
1- المواقيت الزمانية
2- المواقيت المكانية
وحددها الله تعالى تعظيماً وحرمةً لبيته الحرام، وتبرز الحكمة من مشروعيتها في تعظيم شعائره، وتعرف بأنها المواقيت التي لا يجوز للراغب في الحج أو العمرة تجاوزها إلا بإحرام، أما زمن العمرة فلا يقتصر على مدة معينة، ويصحّ أداؤها في أي وقتٍ على مدار العام.
شرع الله -سبحانه وتعالى- مواقيت مكانية لأهل البلاد الإسلامية، وحددها رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فيجب على كل من أراد العمرة أن يُحرم من الميقات الذي يمر به في طريقه، فعند وصوله إلى ميقات بلده يجب عليه التوقف للإحرام، ويحرم تجاوز الميقات دون إحرام، فإن تجاوزه دون إحرام وجب عليه الرجوع إليه، وإن أحرم بعده فعليه الفدية، عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشّامِ: الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ: يَلَمْلَمَ، وقال: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ».
أنواع المُحرمين بالنسبة للمواقيت
تختلف حالة المُحرم مع المواقيت بحسب مكانه، فهل مكانهُ بعد الميقات؟ أو بين مكة والميقات؟ أو في مكة نفسها؟ وسنوضح ذلك فيما يلي:
1. من كان في مكة:
يُحرم للعُمرة من أقرب مكان خارج الحرم، مثل مسجد أم المؤمنين عائشة في التنعيم.
2. من كان مكانه بين مكة والميقات:
يُحرم من مكانه للعُمرة، مثل أهل جدة.
3. من كان مكانه بعد الميقات:
يَلزَمه الإحرام من أحد المواقيت الخمسة، حسب الطريق الذي قدم منه، سواء كان بالطائرة أو عن طريق البر، ولا يتجاوزها دون إحرام.
محظورات الإحرام
محظورات الإحرام التالي:
● كل مخيط محيط: يجوز أن ألبس مخيطاً يعني فيه خيوط، لكن الممنوع أن أقفله بخيط مثل البنطالون والقميص؛ لأنه في هذه الحالة مخيط ومحيط معاً، ولكن لو كان محيطاً فقط وليس مخيطاً فيجوز كلبس الخاتم والساعة والحزام.
● حلق أي نوع من أنواع الشعر في الجسم: أي لا تحلق الرأس ولا الشارب ولا اللحية ولا تقصر منها، ولا الإبْط، ولا العانة، ولا شعر الرجل، ولا شعر اليد، فكل هذا ممنوع، وفيهما الفدية أي دم شاة.
● الطيب وما له رائحة: لا في الجسم، ولا في الثياب، ولا في الأكل والشرب، ولا في الاستعمال.
الصابون الذي له رائحة فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: لا يجوز استعماله، ومنهم من أجازه، بناءً على أنه لا يسمى طيبا، ولا يستخدم للطيب أصالة، فمن أراد أن يغسل يده، أو يستحم مثلاً، فليستخدم صابوناً ليس له رائحة، خروجا من الخلاف، ومن ابتلي بشيء من ذلك فليقلد من أجاز، وكذلك الحال في الشامبو والعطور والبرفانات، وكذلك أكل ما فيه رائحة صناعية كالجيلي مثلاً، وكل المصنعات الموجود فيها رائحة، لكن ما كان رائحته طبيعية كالتفاح أو مُرَبَّىٰ الورد البلدي فلا شيء عليه.
إذن فمن محرمات الإحرام أن تضع طيباً، وعلىٰ المحرم أن يجتنب كل ما يعده العلماء طيباً، فإن تطيب أو لبس فعليه دم شاة.
● تغطية الرأس من الرجل والوجه من المرأة: فلا يجوز للمرأة أن تغطي وجهها لأنه «لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ إِحْرَامٌ إِلاَّ فِي وَجْهِهَا».
ويجب علىٰ المرأة -عند الشافعية- ألا تغطي وجهها حتىٰ لو كانت منتقبة في الحياة العادية، إلا أنها تأتي في الحج ولابد عليها من أن تكشف وجهها، ولو غطت وجهها فعليها دم.
وهناك بعض النساء لا تستطيع كشف وجهها أمام الرجال، لأنها تعودت علىٰ هذا بحيث إنها تخجل خجلاً كبيراً جداً فتخفي وجهها وعليها دم، ولها أن تسبل علىٰ وجهها ثوبا متجافياً عنها بخشبة أو بأي شيء، وتنزل الحجاب فيكون بعيداً عن وجهها، وفي نفس الوقت لا يراها أحد.
● ترجيل الشعر: أي أن تسريح الشعر من المحظورات، حتىٰ لا يسقط منه شيء.
● حـلق الشعر: حلق الشـــعـــر أو نتفـــــه أو إزالتــه بأي كيفيــــة كـانت -كالكريم- ولو كان ناسياً.
● تقليم الأظافر: إلا إذا انكسر فيجوز إذا تأذىٰ به أن يزيله.
● قتل الصيد: يحرم علىٰ المحرم أن يقتل الصيد خارج الحرم وداخل الحرم، ويحرم قتل الصيد في الحرم أصلا سواء للمحرم أو غير المحرم، والصيد البري المأكول أو ما في أصله مأكول من وحش وطير، ويحرم أيضا وضع اليد عليه، والتعرض لجزئه، وشعره، وريشه.
● عقد النكاح: يحرم وأنت محرم أن تُزَوِّجَ وأن تَتَزَوَّجَ، ويقع العقد باطلا لو تزوجت وأنت بهذه الهيئة، ولا يجوز أيضا أن تكون وكيلاً في هذا العقد لأحد أطرافه.
● الوطء (الجماع): فالجماع مطلقاً وكل أنواع الإيلاج يفسد الحج ويفسد العمرة، علي أن يكون من عاقل، عالم بالتحريم، سواء جامع في حج أو عمرة.
● المباشرة فيما دون الفرج: بشهوة، كلمس، أو تقبيل.
وفي جميع تلك المحظورات الفدية، فكل هذا إذا عملته أو وقعت في واحد منه فعليك دم (ذبح شاة)، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام، فإن لم تستطع فإطعام ستة مساكين في الحرم، ولكن لا يفسد الحج إلا بالجماع.
فالجماع تفسد به العمرة المفردة أما التي في ضمن حج أي في قِرَان فهي تابعة له صحة وفساداً.
وهو أيضاً يفسد الحج قبل التحلل الأول، بعد الوقوف أو قبله، أما بعد التحلل الأول فلا يفسده ولكن عليه الفدية، أما عقد النكاح فإنه لا ينعقد.
فالحج له أحكامه الخاصة التي لا يقاس عليها ولا يخرج المحرم منه بالفساد، فإذا وقعت في شيء يفسد حجك وكنت محرماً في ذي القعدة تظل محرماً حتىٰ يأتي الحج، وهذا بخلاف سائر العبادات، فلو خرج من المصلي شيء نقول له: صلاتك بطلت ولا تكملها، أي أنك لا تستمر فيه بعد أن فسدت عليك، بل تقضيها، ولو أن صائما أكل عامدا نقول له: صومك باطل ولا تكمل، أما الذي أفسد حجه نقول له: لا بد أن تكمله وعليك حج من السنة القادمة.
ومن فاته الوقوف بعرفة سواء بعذر أو بغيره، كأن تأخرت الطائرة، أو تعطلت السيارة، ظل محرماً، وتحتم عليه العمرة ليتحلل، ويقضي هذا الحج من العام القادم؛ سواء كان هذا الحج فرضا مثل حجة الإسلام، أو نافلة.
فإن أحصر شخص وكان له طريق غير التي وقع الحصر فيها لزمه سلوكها وإن علم الفوات، فإن مات لم يقض عنه في الأصح، وقيل في مقابل الأصح: يقضي عنه، وعليه مع القضاء الهدي، فإن ترك ركنًا مما يتوقف عليه الحج لم يحل من إحرامه حتىٰ يأتي به، ولا يجبر ذلك الركن بدم، ومن ترك واجباً من واجبات الحج لزمه الدم، ومن ترك سنة لم يلزمه بتركها شيء.
كيفية أداء العمرة عن الميت
أداء العمرة له صفة وكيفية يأتي بها من أراد العمرة، ولا تختلف الكيفية فيمن أراد أن يؤدي العمرة عن نفسه، أو عن أحد الأقارب من الموتى أو الأصدقاء، إلّا بالنيّة، وكيفيتها، وبيان ذلك كالآتي:
يجب أن يكون المسلم المُعتمر عن المُتوفى قد اعتمر عن نفسه من قبل. يُستحب للمعتمر عند وصوله إلى الميقات أن يغتسل ويتنظّف، وهكذا تفعل المرأة، حتى وإن كانت حائضاً أو نفساء.
يتجرّد الرجال من جميع الملابس المخيطة، ويلبسوا إزاراً ورداءً.
ينوي المعتمر الدخول في النسك بقلبه، ويتلفّظ بلسانه، قائلاً: «لبيك اللهم عمرةً عن فلان»، وإن خاف المعتمر المُحرم ألّا يتمكّن من أداء نسك العمرة، يجوز له أن يشترط عند إحرامه، فيقول: «فإن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني».
يبدأ المعتمر بالتلبية الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي: «لبّيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، ويستمرّ في التلبية حتى يبدأ بالطواف.
يقصد المعتمر الحجر الأسود، ويستقبله، ثمّ يستلمه بيمينه، ويقبّله إن تيسّر ذلك من غير أن يؤذي الناس ويزاحمهم، ويقول عند استلامه: «الله أكبر».
يطوف المعتمر بالكعبة المشرّفة سبعة أشواطٍ، وعند محاذاة الركن اليماني يستلمه إن تيسّر، ولا يقبّله.
يستحبّ للمعتمر أن يرمل، بأن يُسرع في المشي مع تقارب الخطى في الأشواط الثلاثة الأولى، ويُستحب للرجل أن يضطبع في طواف القدوم، أي أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفي الرداء على كتفه الأيسر، وهذا الفعل خاصٌ بالرجال فقط. يقول المعتمر بين الحجر الأسود والركن اليماني في كلّ شوطٍ: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ».
يتوجّه المعتمر إلى مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومن السنّة أن يصلّي ركعتين خفيفتين خلفه إن تيسّر، وإن لم يتيسّر يصلّي في أي مكانٍ من الحرم.
يخرج المعتمر بعد الصلاة إلى الصفا، ويقرأ عند الاقتراب منه، قول الله تعالى: «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ» ويرقى على الصفا، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ذاكراً داعياً الله تعالى.
ينزل المعتمر من الصفا متجهاً إلى المروة، وعندما يصل العلم الأخضر يسرع في المشي، ثمّ يعود إلى المشي بعد تجاوز العلم الأخضر، وهكذا حتى ينتهي المعتمر سبعة أشواطٍ بين الصفا والمروة. يتحلّل المعتمر عند الانتهاء من السعي، ويحلق الرجل رأسه أو يقصّر والحلق أفضل، والمرأة تقصّر من طرف شعرها قدر أُنملة.