فضل شهر شعبان وليلة النصف منه: محطة روحية للاستعداد لرمضان بنفحات إيمانية مباركة
![](https://media.eldyar.net/img/25/02/06/607102.jpg)
مع اقتراب شهر شعبان المبارك، تتجه أنظار المسلمين في كل أنحاء العالم نحو هذه المحطة الروحية المهمة التي تسبق شهر رمضان الكريم. شهر شعبان ليس مجرد فترة زمنية تمر بين رجب ورمضان، بل هو شهر يحمل في طياته فضائل عظيمة وأسرار روحانية تجعل منه فرصة ذهبية للارتقاء بالنفس وتطهير القلب من الأدران. يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديث شريف رواه النسائي: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم." هذا الحديث يلقي الضوء على قيمة شهر شعبان في حياة المسلم، فهو شهر يغفل عنه كثيرون رغم عظمة فضله وعلو منزلته. فضائل شهر شعبان في ضوء تعاليم العلماء في حديث مع فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أوضح أن شهر شعبان يُمثل محطة إيمانية مهمة تساعد المسلم على تجديد نيته وتعزيز صلته بالله سبحانه وتعالى. يقول فضيلته: "شعبان هو شهر تطهير القلوب، ففيه يستعد المسلم لاستقبال شهر رمضان بروح نقية ونفس طاهرة. كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام في هذا الشهر لأن الأعمال تُرفع فيه، وهذا دليل على أهمية أن يكون الإنسان في حالة صفاء روحي وقرب من الله عند عرض أعماله." من جانبه، أشار الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، إلى أن شهر شعبان يحمل نفحات ربانية لا تُعوض، حيث قال: "في هذا الشهر المبارك يتنزل الله برحماته على عباده، ويغفر الذنوب لمن أخلص النية وعزم على التوبة. هو شهر الصلح مع النفس ومع الآخرين، فلا مكان للحقد أو الكراهية في قلب مؤمن يريد أن يغتنم فضل هذه الأيام المباركة." ليلة النصف من شعبان: ليلة المغفرة والتوبة تُعتبر ليلة النصف من شعبان من أهم الليالي المباركة في الإسلام، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يطّلع الله إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" (رواه ابن ماجه). وحول فضل هذه الليلة، يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: "إن ليلة النصف من شعبان هي ليلة يغمر فيها الله عباده بمغفرته، وهي فرصة لكل من ضل الطريق أن يعود إلى ربه، ولكل من أثقلته الذنوب أن يتوب ويستغفر. لكن المغفرة ليست لمن يحمل في قلبه الضغينة أو الحقد، لذلك علينا أن نتصالح مع أنفسنا قبل أن نطلب الصفح من الله." كيف نُحيي شهر شعبان وليلة النصف منه؟ 1. الصيام: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في شعبان حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" (رواه البخاري ومسلم). 2. الدعاء والاستغفار: يقول الإمام النووي رحمه الله: "الاستغفار في شعبان من أعظم القربات، فهو شهر رفع الأعمال، ولا يُرفع عمل أحب إلى الله من عمل خالص نقي من الرياء." 3. قراءة القرآن الكريم: لتكون القلوب مهيأة لاستقبال شهر رمضان بروح مليئة بالإيمان والتقوى. 4. صلة الرحم: لأن الله لا يغفر لمشاحن كما ورد في الحديث الشريف، فالصفح عن الآخرين والتسامح من أعظم العبادات في هذا الشهر. 5. الصدقة: فهي تطفئ غضب الرب وتفتح أبواب الرحمة، خاصةً في شهر تُرفع فيه الأعمال. وأخيرا شهر شعبان هو هدية من الله لعباده، فرصة لتطهير القلوب والاستعداد لشهر رمضان. فلنجعل منه محطة للتوبة الصادقة، والإكثار من الأعمال الصالحة، ولنغتنم ليلة النصف منه بالدعاء والمغفرة، لعلها تكون بداية جديدة وصفحة نقية مع الله.