مدحت الشيخ يكتب: غزة بين انهار الدم واستمرار الصمت
ما بين قتل عبثي يستهدف النساء والأطفال وقصف عشوائي للمستشفيات والمخيمات وتهجير قصري مثلما حدث عام 48 وتضليل إعلامي غاب عنه الحياد وتحكمه المصالح والسياسات وصمت دولي ليس بغريب في ظل سياسة الكيل بمكيالين وخذي عربي واضح لا يقبل الشك.. يعيش أهالي قطاع عزة مذبحة علي يد العدو الصهيوني والكيان المحتل، إنها حرب إبادة واضحة المعالم وجريمة مكتملة الأركان فاقت حدود العقل وتجاوزت حدود الإنسانية، استخدم الماء والغذاء كسلاح وقطعت المستلزمات الطبية عن المنشآت الطبية ليحلق المصابين بذويهم من الشهداء المدنين اغلبهم من النساء والأطفال وذنبهم الوحيد انهم يعيشون علي أرض وطنهم.
مشاهد يشيب لها الولدان لم تحدث حتى في الغابات ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب بل وصلت لأكثر من ذلك من الجانب الأمريكي بإرسال حاملتي الطائرات ايزنهاور جيرالد فوردو إضافة إلى الغواصة النووية وأهايو وإعلان المساعدات واستمرار الإمدادات وتجيش الدول كل هذا وأكثر بدعوي القضاء علي حماس وحق الكيان المحتل في الدفاع عن نفسه، وردا على ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر الماضي، في محاولة لاختلاق فرصة لتحقيق مخطط لم يعد بخفي والممثل في تهجير سكان قطاع غزة، حيث تعود جذور خطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الفترة التي تلت نكبة 1948، في ذلك الوقت، رأى القادة الإسرائيليون أن وجود الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية يشكل تهديداً لطابع الدولة اليهودية، على سبيل المثال، قال ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، إن "العرب يجب ألا يظلوا هنا، و في 1967، شجَّعت السلطات الإسرائيلية الهجرة القسرية للفلسطينيين بإجبار المسافرين من غزة على ترك بطاقات الهوية وتوقيع وثائق تفيد بأنهم مغادرون بمحض إرادتهم وأن عودتهم مشروطة بالحصول على تصريح من السلطة العسكرية، في محاولة للقضاء علي الهوية الفلسطينية وإبعاد السكان الأصليين للدولة الفلسطينية.
فالمخطط واضح والصورة مكتملة الهدف ليست غزة وحدها والقضية ليست فلسطين فقط الهدف هو العالم العربي بأثرة دولة تلو الأخرى وما يحدث في غزة ألان ربما يحدث في أي دولة عربية في الغد القريب ولما لا خاصه في ظل الموقف العربي المخذي و المؤسف، فالشجب والإدانة لا تثمر ولا تغني من جوع .. علينا إعادة حساباتنا في العالم العربي علينا تحرير أنفسنا من الانقياد خلف أمريكا الشيطان الأكبر وداعم الاحتلال وسافك الدماء العربية في فلسطين ومن قبلها العراق، علينا معرفة قوتنا الحقيقية علينا التصدي للخطر الذي يقترب منا جميعا كل يوم بل وكل لحظة لم تكن إسرائيل موجودة لكان على الولايات المتحدة أن تخلقها لحماية مصالحها بالمنطقة»، تلك هى مقولة الرئيس الأمريكي جو بإيدن، ثم يعترف: «أنا صهيوني»، ليؤكد، بكل وضوح، أن إسرائيل اختراع أمريكي لخدمة مصالحها، وأن أمريكا لا ترى مصالحها إلا مع إسرائيل، أما دون ذلك فهو جزء من المشهد المكمل لخدمة إسرائيل، وزعامتها، وتمديد نفوذها في المنطقة لابد أن تكون من مراكز الأبحاث العربية فى مصر، والسعودية، والإمارات، والعراق.. وكل الدول العربية التى بها مراكز أبحاث لدراسة ماضى، العلاقات الأمريكية - العربية، ومستقبلها وكيفية فك الارتباط العربى- الأمريكى مستقبلا، وعلى المدى الطويل، وربما تصل مقترحات هذه الدراسات فى النهاية إلى عدم الحاجة إلى الشراكة العربية مع أمريكا اقتصاديا، وسياسيا، وعسكريا حفاظا على المصالح العربية، ومستقبل المنطقة، وفى كل الأحول فإن هذه الدراسات، والأبحاث المقترحة سوف تكون بمثابة كشافات إضاءة أمام متخذى القرار فى الدول العربية لإعادة تقييم الحسابات مستقبلا بما يدفع الولايات المتحدة لتغيير سياساتها من الانحياز الأعمى، والمطلق لإسرائيل إلى التوازن، والشراكة الإيجابية لمصلحة جميع الأطراف.