الملك إدوارد.. ضحى بالعرش من أجل امرأة وندم حتى الموت
قد يدفع الحب البعض إلى اتخاذ قرارات يعض عليها أصابع الندم، ربما كان هذا أصدق وصف لقصة الملك إدوارد الذي تنازل عن عرشه في سبيل الحب.
فقد انتهت قصة إدوارد الثامن، ملك بريطانيا الوحيد الذي تنازل عن العرش من أجل امرأة، على عاطفيتها وزخمها الكبيرين، بطريقة محزنة وبائسة، وفقا لقناة هيستوري الأمريكية.
تولى إدوارد الثامن عرش بريطانيا بعد وفاة والده جورج الخامس في 20 يناير 1936 حتى تنازله عن العرش في 11 ديسمبر 1936؛ وكان يتمتع بشعبية كبيرة كولي للعهد، حيث أحبه الناس، لأنه على عكس أفراد العائلة المالكة البريطانية الآخرين، حاول مساعدة عوام الناس والتقرب من مشاكلهم وهمومهم.
وقبل فترة وجيزة من تنازله عن العرش، زار الملك البريطاني إدوارد الثامن جنوب ويلز، حيث كان عمال المناجم يعانون الفقر في ذلك الوقت. كان العمال حينها يتضورون جوعا. بعد عودته إلى لندن، قرر ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتحقيق استقرار في الوضع، إلا أن الحكومة لم تكن راضية عن ذلك.
برغم تلك الشعبية الجارفة للأمير الشاب بين البريطانيين، إلا أن حياته العاطفية كانت مثار انتقادات دائمة من والده، فقد كان لإدوارد علاقات عدة مع سيدات متزوجات، مثل فريدا دودلي وارد، التي ظلت عشيقة له لنحو 16 عاما.
وكذلك كان لإدوارد أيضًا علاقة طويلة الأمد مع ثيلما فيرنس، وانتهى به المطاف بالزواج من السيدة واليس سيمبسون، حيث كان يبلغ من العمر 36 عاما، فيما كان عمرها 34.
عندما قدم الأمير واليس إلى والديه في حفل مسائي في قصر باكنجهام، غضب والده الملك جورج الخامس، حيث كانت التقاليد تقضي بعدم السماح للمطلقات بشكل عام بدخول البلاط الملكي في بريطانيا في القرن العشرين.
تدهورت علاقة جورج بابنه الأكبر ووريثه إدوارد في السنوات الأخيرة من حكمه. أصيب الملك بخيبة أمل بسبب فشل إدوارد في الاستقرار في الحياة، كما شعر بالاشمئزاز من علاقاته العديدة مع النساء المتزوجات.
في المقابل، كان مغرمًا بابنه الأكبر الثاني، الأمير ألبرت (لاحقًا جورج السادس، 1895-1952)، وكان شغوفًا بحفيدته الكبرى، الأميرة إليزابيث؛ الذي أطلق عليها لقب "ليليبيت".
في عام 1935، قال الملك جورج عن ابنه إدوارد: «بعد وفاتي، سوف يدمر الصبي نفسه في غضون 12 شهرًا. أدعو الله ألا يتزوج ابني الأكبر وينجب أطفالًا أبدًا، وألا يحول أي شيء بين ألبرت وليليبت والعرش.
كان إدوارد يعلم جيدا أنه وفقا للتقاليد، لن يسمح له بالزواج من مطلقة، وفقًا لقاعدة كنيسة إنجلترا، لم يُسمح للملك بالزواج من امرأة كانت متزوجة سابقًا إذا كان زوجها لا يزال على قيد الحياة، وكان كلا زوجي واليس السابقين على قيد الحياة. وكان يُنظر إلى اتحادهم المحتمل على أنه غير مناسب أخلاقيا واجتماعيا وسياسيا.
كانت العائلة المالكة على دراية تامة بما يضمره الملك، وذلك بفضل المعلومات التي تلقتها من وحدة خاصة في سكوتلاند يارد، كانت تتولى منذ عام 1935 تتبع إدوارد وحبيبته سيمبسون.
وتقول التقارير إن إليزابيث، ملكة بريطانيا الراحلة، كانت تدرك أن إدوارد يتمتع بشعبية كبيرة بين عوام الناس. ولتجنب الاضطرابات والأزمات في القصر، اتبعت سياسة خاصة، وفضّلت التزام الصمت بشأن خيانات واليس، وحرصت على عدم إبلاغ الملك بخيانات حبيبته.
من المثير للاهتمام أن المعارضة لحياة الملك العاطفية بدأت تتصاعد. وجدت العائلة المالكة أن خلفية واليس وسلوكها غير مقبولين بالنسبة لملكة محتملة. وانتشرت شائعات وتلميحات عنها في المجتمع مفادها أنها كانت تلاحق الملك من أجل أمواله.
كما أدت في الوقت نفسه إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة خلال سنوات ما بين الحربين حيث كان معظم البريطانيين مترددين في قبول مواطنة أمريكية كملكة.
نظر أفراد الطبقة العليا البريطانية إلى الأمريكيين بازدراء واعتبروهم أقل شأنا اجتماعيا. في المقابل، كانت الصحافة والجمهور الأمريكيان يؤيدان هذا الزواج بشكل واضح.
وجد الملك إدوارد الثامن نفسه مجبرا على الاختيار بين العرش وحبيبته، وأراد أن يلقي على رعاياه خطابا يطلب فيه منهم البقاء في العرش وفي نفس الوقت الزواج من حبيبته الأمريكية، إلا أن رئيس الوزراء، ستانلي بالدوين، منعه من ذلك.
وفي النهاية، تنازل الملك، وحكم عليه شقيقه الأصغر جورج السادس بالنفي، وأمر بأن تدفع للملك السابق مخصصات نقدية تليق بدوق وندسور، وذلك لأن إدوارد أصبح دوقا بعد تنازله عن العرش.
وتزوج إدوارد الثامن حبيبته الأمريكية في 3 يونيو 1937، ولم يحضر أي فرد من العائلة المالكة حفل الزفاف، وفي النهاية نبذوا الزوجين.
استقر إدوارد وزوجته، التي أصبحت أيضا تحمل لقب دوقة، في باريس. حاول الملك السابق الحفاظ على شكليات الترف الضائع، ولم يكن يفوّت المناسبات الاجتماعية التي تألقت فيها زوجته، وحتى في منزله كان يرتدي ملابس تليق بالعائلة المالكة.
أصيب إدوارد بمرض عضال، وتوفي في 28 مايو 1972، أي قبل شهر من عيد ميلاده الثامن والسبعين، وكانت آخرة عبارة همس بها إدوارد المحتضر لزوجته تقول: "كان كل شيء عبثا".
ونقلت جثته إلى لندن ودفن دون أبهة، في مراسم بسيطة بإكليل من الزهور، على نعشه.
عادت واليس إلى فرنسا وعاشت 14 عامًا أخرى، قضت معظمها في السرير حيث عانت من الخرف، بمعزل عن العالم. توفيت يوم الخميس 24 أبريل 1986، بعد شهرين من عمر بلوغها عامها التسعين، ودُفنت بجوار زوجها في مقبرة الدفن الملكية بالقرب من قلعة وندسور.