حُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ.. بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بَدَأَتْ قَوَافِلُ الْحُجَّاجِ تَتَوَجَّهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، يَحْذُوهَا الشَّوْقُ الْكَبِيرُ إِلَى أَدَاءِ الرُّكْنِ الْخَامِسِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَزِيَارَةِ الْحَبِيبِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَمَا أَجْمَلَهُ مِنْ شَوْقٍ، وَمَا أَرْوَعَهَا مِنْ سَعَادَةٍ .
وهناك بِشَارَاتُ سَيِّدِ الْأَنَامِ لِحُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَإِلَيْكُمْ هَذِهِ الْبِشَارَاتِ :
الْبِشَارَةُ الْأُولَى :
اَلْحَجُّ اصْطِفَاءٌ مِنَ اللَّهِ لِلْعَبْد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخَاطِبًا نَبِيَّهُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
رَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ:
لَـمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ قِيلَ لَهُ: أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، قَالَ: رَبِّ، وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي؟
قَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ، فَأَجَابَ مَنْ آمَنَ مِمَّنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَحُجَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ .
الْبِشَارَةُ الثَّانِيَةُ:
اَلْحَاجُّ مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ الْحَاجُّ مَحَلَّ اصْطِفَاءٍ وَاجْتِبَاءٍ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَكَانَتْ رِحْلَةُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ أَشْرَفِ الرِّحْلَاتِ الَّتِي يَبْذُلُ فِيهَا الْمُسْلِمُ وَقْتَهُ وَمَالَهُ وَجُهْدَهُ، وَيَهْجُرُ لِأَجْلِهَا وَطَنَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ، كَانَ مِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ دَعْوَتَهُ .
رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
اَلْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإِنِ اِسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِـيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْــرَةَ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ﷺ قَالَ:
اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اِسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ .
الْبِشَارَةُ الثَّالِثَةُ:
اَلْحَاجُّ مَغْفُورٌ لَهُ، وَأَمْنِيَّةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ .
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرِو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
لَـمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: اُبْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟
قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟
قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟
وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟
الْبِشَارَةُ الرَّابِعَةُ :
اَلْحَاجُّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ :
فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
اَلْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ.
وَقَدْ أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ مِنَ النَّعِيمِ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْطُرَ عَلَى الْبَالِ، وَلَا أَنْ يَتَصَوَّرَهُ الْإنْسَانُ فِي الْخَيَالِ، لِذَلِكُمْ جَعَلَهَا مِنْ أَفْضَلِ مَا يُكْرِمُ بِهِ الْحُجَّاجَ فِي الْمآلِ .
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَاقْرَؤُواْ إِنْ شِئْتُمْ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
الْبِشَارَةُ الْخَامِسَةُ :
اَلْحَاجُّ فِي جِهَادٍ :
فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ .
وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَفْضَلِ مَا تَقَرَّبَ بِهِ الْمُتَقَرِّبُونَ، وَأَعْظِمِ مَا تَنَافَسَ فِيهِ الْمُتَنَافِسُونَ .
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ ﷺ اللَّهِ قَالَ:
ذِرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا يَنَالُهُ إِلَّا أَفْضَلَهُمْ.
وَالْحَاجُّ قَدْ نَالَ بِحَجِّهِ فَضْلَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَنِّ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ .
فيا مَعَاشِرَ حُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ عليكم إن تسْتَشْعِرُواْ هَذِهِ الْمَعَانِيَ الْعَظِيمَةَ عَلَى الدَّوَامِ وَاجْتَهَدُواْ فِي تَحْصِيلِهَا مِنْ رَبِّ الْأَنَامِ.