الشيخ أحمد علي تركي يكتب: المكانة العظيمة للعبادة
قال الله تعالى :
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
سورة البقرة
بالرغم من هذه المكانة العظيمة للعبادة إلا أن بعض الناس يشكو من أنَّ عبادته من صلاةٍ وصوم قد تحوَّلت إلى عادة لا يشعرون معها بروحانيّةٍ ، وتمضي بهم الأيام وقد تحولت هذه العبادة إلى عادة ، يؤدونها بأجسامهم وشغلت عنها قلوبهم تتحرك شفاههم بالذكر لكن لا يتدبرونه ولا يشعرون بلذته وهكذا في سائر العبادات .
من هنا لابد أن نتساءل كيف نعيد للعبادة معناها الحقيقي ونحقق ثمراتها ومقاصدها التي شرعت من أجلها ؟
ومفهوم العبادة :
هي التذلل والخضوع والانقياد .
وهى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
ومفهوم العبادة واسع وشامل .
ولو تأملنا أنواع العبادة نجدها نوعين :
الأول :
عبادة قلبية :
ومنها التوكل والإخلاص والمحبة والإنابة والرجاء والخوف والخشية والرضى والصبر وغيرها .
والثاني :
عبادة الجوارح :
وهي قسمان :
عبادة فعلية مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وعبادة قولية مثل الذكر وقراءة القرآن والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
ولو تأملنا عباداتنا فـمعنى الصلاة التي ينقرها بعضنا نقرا إلا من رحم الله، إنما هي صلتك بربك، فرصتك لمناجاته ودعائه وطلب المغفرة منه سبحانه وتعالى .
إنها ليست ركوعا وسجودا وتسليما ولسانا يتحرك بأذكار فحسب دون فهم ووعي .
إنما لكل عبادة غاية لإظهار خالص محبة الله وطاعته والتذلل إليه سبحانه بمجاهدة أنفسنا وصبرنا على طاعته .
كذلك الحال في العبادات القلبية ، هل توكلنا على الله حق توكله ؟ وهل استشعرنا الإخلاص في الطاعه هل تركنا معصيته عز وجل خوفا من عقابه ؟
هل صبرنا على الابتلاءات والمصائب؟
هل رضينا بما قسمه الله لنا؟
هل رجونا رحمة الله وعفوه؟
هل أمرنا بالمعروف وجاهدنا أنفسنا؟
هل أنكرنا المنكر والزيف والبدع والضلالات وتجنبنا المعاصي؟
الغاية العظمى كما قال تعالى :
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
سورة الأنعام
وقال تعالى :
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
سورة الذاريات
فهناك غاية عظيمة من خلق الله لهذا الكون التي من أجلها أرسل الله الرسل وأوحى للأنبياء.
وهي الخضوع لله وعبادته وطاعته إنه الله الكبير المتعال خالق الكون مدبر الامور الحي القيوم الاحد الصمد المبدئ المعيد وهو على كل شيء قدير.
إنه الله الذي نعبده، الذي أعطانا وهدانا وأطعمنا وسقانا وأغنانا، الذي يرحمنا ويعفو عنا ويبعد عنا السوء، الذي نجانا من كل كرب مرات ومرات كنا قاب قوسين أو أدنى من الهلاك، وهو الله جل جلاله الذي يهدينا إلى سواء الصراط المستقيم، ويهدينا السبيل للنجاة من النار والدخول الى جناته.