جريدة الديار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:18 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الحرب الأوكرانية في عيون الوثائق الأمريكية المسربة

منظومة هيمارس الامريكية
منظومة هيمارس الامريكية

مع دخول الحرب الأوكرانية شهرها الرابع عشر من دون أن تضع أوزارها، باتت أفق السلام غائبة عن معادلة البلدين المتحاربين، وعن الأجندة الدولية؛ إلا أن تلك الحرب التي لا تتوقع الولايات المتحدة انتهاءها هذا العام.

كشفت الوثائق الأمريكية المسربة جانبًا كبيرًا منها، والقوات المشاركة ونقاط الضعف والقوة لدى البلدين، إذ يستعد كل منهما لهجوم يعيد إليه نغمة الانتصارات التي توقفت على جليد الشتاء.

تقول شبكة سي إن إن الأمريكية، إن الوثائق الأمريكية المسربة، كشفت أن القوات البرية الروسية في أوكرانيا تقترب من الإنهاك، مشيرة إلى أن هناك قليلًا من التعزيزات المتاحة.

وقد استُنفدت الدفاعات الجوية الأوكرانية، ما يجعل أي هجوم مضاد عرضة للتفوق الجوي الروسي، بحسب الوثائق الـ53 التي استعرضتها «سي إن إن»، والتي تقدم لمحة عن القدرات ونقاط الضعف، كما تصورتها وزارة الدفاع الأمريكية في الربع الأول من هذا العام.

وتؤكد الوثائق أن القوات الأوكرانية تستعد لهجوم، وأن روسيا تبذل جهودًا مكثفة للسيطرة على ما لديها، بينما تتطلع إلى الطيران لصد أي هجمات أوكرانية.

وإذا لم يكن الروس على دراية بالطريقة التي سينفذ بها الجيش الأوكراني هجومه المضاد، فقد تمنحهم الوثائق بعض المؤشرات المفيدة، بحسب الشبكة الأمريكية.

وترجح الوثائق، التي تعود إلى حد كبير إلى فبراير ومارس الماضيين، إلى تأكيد أن روسيا ألزمت الأغلبية العظمى من كتائب الجيش بحربها في أوكرانيا.

ورغم تعبئة الخريف الماضي، التي من المحتمل أن تضيف 300 ألف جندي إلى الجيش الروسي، فإن أقلية كبيرة من هذه الكتائب توصف بأنها قتالية غير فعالة وتفتقر إلى المعدات.

وتقول إحدى الوثائق إن 527 من أصل 544 كتيبة روسية متاحة ملتزمة بالعملية و474 كتيبة موجودة داخل أوكرانيا ينشر عدد كبير جنوبي البلاد، مع ما يقدر بنحو 23 ألف شخص في زابوريجيا و15 ألفًا في خيرسون.

نشر تلك القوات يشير إلى أن الروس يتوقعون أن يستهدف أي هجوم أوكراني تلك المنطقة، بحسب الشبكة الأمريكية، التي قالت إنه لا تزال لدى روسيا مخزونات ضخمة من الأجهزة، لكن الوثائق تشير إلى أن بعض أفضلها ضاع بالفعل.

وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن إحدى تلك الوثائق تقول إن روسيا استمرت في التخلف عن الأهداف المعلنة لتجديد المعدات والأفراد، وكانت تدمج أنظمة ذخائر قديمة وأقل دقة.

وتقدم الوثائق بعض التقديرات المذهلة، ما يشير إلى أنه في وقت مبكر من هذا العام، كانت لدى روسيا 419 دبابة في المسرح، لكنها خسرت 2048 دبابة أثناء الصراع.

كما تشير الوثائق إلى أنه في ذلك الوقت، كان لدى أوكرانيا ناقلات جند مدرعة (APCs) ومركبات قتالية في الميدان أكثر من روسيا.

وتقول الشبكة الأمريكية، إن تلك التقارير تغذي تقديرًا أوسع لما يسميها "البنتاغون" الاستدامة القتالية أو القدرة على استمرار القتال، مشيرة إلى أنه مع تقييم الجانبين على أنهما يتمتعان باستدامة «معتدلة»، فإن نسبة القوات البرية الروسية تبلغ 63%، بينما الأوكرانية 83%.

وبحسب الوثائق التي حصلت عليها واشنطن بوست فإن هذا التدهور يمتد إلى القوات الخاصة الروسية، مشيرة إلى أن إحدى صور الأقمار الاصطناعية التي نشرتها الصحيفة الأمريكية، أظهرت القاعدة نصف الفارغة للواء سبيتسناز جنوبي روسيا في نوفمبر 2022، مع التعليق بأن جميع ألوية سبيتسناز الروسية المنفصلة الخمسة التي عادت من العمليات القتالية في أوكرانيا، أواخر صيف 2022، باستثناء لواء واحد عانى خسائر كبيرة.

ولم تراجع سي إن إن، الأمريكية، هذا المستند ولا يمكنها التحقق من محتوياته، لكن المدونين العسكريين الروس وغيرهم أبلغوا بخسائر القوات الخاصة لإساءة استخدامها، وغالبًا ما يلقون في معارك، حيث فشلت القوات النظامية.

وبالنظر إلى أن القوات الخاصة تتطلب سنوات من التدريب وتلعب دورًا هجوميًا حاسمًا، فإن مثل هذه الخسائر ضارة بلا شك، تقول الشبكة الأمريكية.

في حين أن القوات البرية الأوكرانية قد تكون في وضع أفضل من القوات الروسية، خاصةً بعد تدريب وتجهيز 12 لواءً جديدًا مذكورًا في أحد التسريبات، فإن اعتمادها على الدفاعات الجوية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية يشير إلى ضعف متزايد، وفقًا للوثائق التي حصلت عليها سي إن إن، ما يمنح القوات الجوية الروسية حرية في السماء لصد أي هجوم بري أوكراني.

وتوضح إحدى الوثائق المسربة بالتفصيل كيف استنفدت بشدة المخزونات الأوكرانية من صواريخ الدفاع الجوي متوسطة المدى من الحقبة السوفيتية، بحسب الشبكة الأمريكية، التي قالت إن الوثائق أشارت إلى أن ذخائر نظام الدفاع الجوي الألماني عالي القدرة نفذت بحلول فبراير الماضي.

وذكرت وثيقة واحدة تعود إلى فبراير الماضي، أن قدرة أوكرانيا على توفير دفاع جوي متوسط المدى لحماية FLOT الخط الأمامي) ستنخفض بحلول 23 مايو المقبل.

ووفقًا للوثيقة، فإن عدم القدرة على حماية القوات البرية قد يعني أن أوكرانيا «تفقد القدرة على الضرب والدعم وإعادة الإمداد» خلال أي هجوم مضاد.

ويطالب المسؤولون الأوكرانيون باستمرار الشركاء الغربيين بمزيد من أسلحة الدفاع الجوي، بينما تتحدث وثيقة واحدة عن نافذة تمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر لطلب مزيد من المساهمات الغربية.

وتشير وثيقة مسربة أخرى إلى ضعف الأوكرانيين في الأجواء، مؤكدة أن الاستدامة القتالية للقوات الجوية الروسية تبلغ 92%، بينما القوات الجوية الأوكرانية تبلغ 68، أي أقل بكثير، بحسب الشبكة الأمريكية، التي قالت إن الأوكرانيين لم يتلقوا أي تعهد بطائرات حربية غربية حديثة.

ويقول ماثيو شميدت، الأستاذ المساعد في الأمن القومي بجامعة نيو هافن، إنه قلق من أن روسيا «تجهز قوتها الجوية لتدمير كييف بمجرد بدء الهجوم المضاد»، في محاولة لتعميق ما يسميه الإرهاق الروحي بين المدنيين الأوكرانيين.

وتقول «سي إن إن»، إن هناك قدرًا كبيرًا من التفاصيل في الوثائق التي حصلت عليها عن تدريب وتجهيز 12 لواءً تبنيها أوكرانيا لهجومها المضاد رغم عدم وجود مناقشة لمكان وزمان وكيفية حدوث هذا الهجوم.

وتوفر الوثائق تفاصيل تجهيز كل لواء، ما قد يكون مفيدًا للقادة الروس، بينما يقول شميدت، إن الأمر يعتمد على ما إذا كان الروس يعتقدون أن بإمكانهم استخدامها لعمل ملامح نفسية جيدة عن أساليب اتخاذ القرار للقادة، للتمكن من التلاعب بهذه المعرفة واستغلالها في المعركة.

ومن المحتمل أن يناقش الأوكرانيون كيفية تشكيل هذه الوحدات لما تعرف بمناورات الأسلحة المشتركة، التي تدمج في الوقت نفسه قدرات عسكرية مختلفة.

بينما سيبحث الروس عن مؤشرات على مكان انتشار الألوية، وما إذا كان يمكن تقسيمها لتمكين الهجمات الداعمة أو التحويلية، فإن نية الروس قد لا تكون صامدة، بحسب بعض الوثائق التي تكشف اختراق الولايات المتحدة للاتصالات العسكرية الروسية.

وتقول الشبكة الأمريكية، إن هذا الكشف وحده مهم وقد يعطل التخطيط الروسي، لكنه في الوقت نفسه قد يزودهم بأدلة نقاط ضعفهم.

خيط آخر مثير للاهتمام في الوثائق، فالروس يبدعون في شراء الأسلحة، بحسب أحد التسريبات التي أوردتها «واشنطن بوست»، الذي قال إن موسكو كانت تسعى للحصول على آلاف الصواريخ من مصر، إلا أن القاهرة وموسكو نفتا أي صفقة من هذا القبيل.

وتقول وثيقة أخرى اطلعت عليها سي إن إن، إن المخابرات الأمريكية كانت على علم بالجهود التي تبذلها فاجنر العسكرية الخاصة للحصول على أسلحة تركية عبر مالي، حيث لها وجود.
ولم تؤكد ،سي إن إن،بشكل مستقل صحة الوثائق، لكن المسؤولين الأمريكيين أشاروا إلى أن أغلبية الوثائق المسربة أصلية.

إضافة إلى ذلك، فإن هناك اقتراحًا بأن الصين مستعدة لتزويد روسيا بأسلحة، تريد إبقاء معلوماتها سرية.

واستشهدت واشنطن بوست بمعلومات استخبارات ية تشير إلى أن جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي أفاد بأن اللجنة العسكرية المركزية الصينية وافقت على تزويد موسكو بأسلحة.

من جانبه، قال مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بكين التزمت بموقف موضوعي وعادل بشأن القضية الأوكرانية وتتحكم في تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج وفقًا للقوانين واللوائح.

ولم يكن هناك دليل على وجود معدات قاتلة قدمتها الصين مباشرة في ساحة المعركة، لكن التدفق المستمر للأسلحة يمكن أن يؤثر بشكل كبير في التوازن العسكري.

وألمح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى أن واشنطن كانت على علم بالخطط الصينية أواخر فبراير الماضي، قائلاً: القلق الذي لدينا الآن يستند إلى معلومات لدينا تفيد بأنهم يفكرون في تقديم دعم فتاك.

وبينما أعربت أوكرانيا عن انزعاجها من عمليات الكشف، قللت من أهمية هذه الإفصاحات، ووصفها وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف بأنها مزيج من معلومات صحيحة وكاذبة وعفا عليها الزمن.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الجمعة: ينصب تركيزنا على فحص هذه البيانات بدقة، مع تقييم نقدي لمصداقيتها، ودراستها بدقة.

ونفى بيسكوف التقارير الواردة في بعض الوثائق، التي يُزعم أنها تتحدث عن انشقاقات داخل النخب الروسية، خاصة بين جهاز الأمن الفيدرالي (FSB) ووزارة الدفاع.

وأفادت تقارير بأن جهاز الأمن الفيدرالي لم يكن راضيًا عن عدم إبلاغ وزارة الدفاع بالضحايا، وفقًا للوثائق التي أوردتها «نيويورك تايمز» التي لم تشاهدها سي إن إن الأمريكية.

وتسلط النتائج الضوء على استمرار إحجام المسؤولين العسكريين عن نقل الأخبار السيئة إلى أعلى التسلسل القيادي، بحسب الوثائق.

وذكرت الصحيفة أيضًا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استدعى وزير الدفاع سيرجي شويغو ورئيس فاغنر يفغيني بريغوزين إلى اجتماع بالكرملين أواخر فبراير الماضي، لحل خلافاتهما.
ما بعد عام 2023

تحدث المسؤولون الأوكرانيون بانتظام عن توقع النصر هذا العام، لكن الوثائق الأمريكية التي اطلعت عليها، سي إن إن تشير إلى أن "البنتاجون" يعتقد أن ذلك غير مرجح.

وتقول إحدى الوثائق: من المحتمل أن تتجه حملة الاستنزاف الروسية الطاحنة في منطقة دونباس إلى طريق مسدود، ما يحبط هدف موسكو للاستيلاء على المنطقة عام 2023.

ويقول آخر إن الضرر الذي لحق بالقوات الروسية، يعني أن أهداف موسكو ستحبط، ما يؤدي إلى حرب طويلة الأمد إلى ما بعد عام 2023.