جريدة الديار
الأحد 1 ديسمبر 2024 06:47 صـ 30 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ .. بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى

يقولَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى :

وَقَدْ دَارَتْ أَقْوَالُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ فَضْلَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ هِيَ الإِسْلاَمُ وَالسُّنَّةُ وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فَرَحُهُ بِهِمَا وَكُلَّمَا كَانَ أَرْسَخَ فِيهِمَا كَانَ قَلْبُهُ أَشَدَّ فَرَحًا .

فَنَفْرَحُ بِهَذَا الْإِسْلاَمِ وَبِأَرْكَانِهِ الْعِظَامِ وَالَّذِي مِنْهَا شَهْرُ الصِّيَامِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِذْ فَسَحَ فِي الآجَالِ وَمَدَّ فِي الأَعْمَارِ حَتَّى أَدْرَكَنَا شَهْرٌ تَعْظُمُ فِيهِ الْخَيْرَاتُ وَتَتَضَاعَفُ فِيهِ الْحَسَنَاتُ وَتَتَنَزَّلُ فِيهِ الرَّحَمَاتُ مَنْ صَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه .

شَهْرٌ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجِنَانِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النِّيرَانِ وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينَ .

مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ وَأَتَمِّ الْمِنَحِ وَأَجْزَلِ الْعَطَايَا أَنْ يُوَفِّقَ اللهُ الْعَبْدَ لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ عَلَى اخْتِلافِ أَنْوَاعِهَا بَدَنِيًّا أَوْ مَالِيًّا أَوْ قَوْلِيًّا وَالإِعَانَةِ وَالتَّسْدِيدِ عَلَى فِعْلِهَا وَالْمُبَادَرَةِ فِيهَا فِي هَذَا الشَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا وَاللهِ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

سورة الأحزاب

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :

إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فَقِيلَ : كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟
قَالَ : يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ .

رواه الترمذي

وَمِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ :

رِعَايَةُ الْمَسَاجِدِ عِمَارَةً وَنَظَافَةً وَصِيَانَةً وَحِفْظًا عَنْ كُلِّ أَذًى حِسِّيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ لِأَنَّهَا بُيُوتُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَأَحَبُّ وَأَشْرَفُ الْبِلاَدِ إِلَيْهِ إِذْ هِيَ مَنَارَةُ الْأُمَّةِ وَسِرَاجُهَا ، وَمُتَعَلَّقُ أَفْئِدَةِ الرِّجَالِ وَآمَالِهَا .

قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾

سورة الجن

وَقَالَ تَعَالَى :

﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾

سورة التوبة

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :

أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا .

رواه مسلم

بُيُوتُ اللَّهِ مَنْ أَحَبَّهَا لِأَجَلِ اللَّهِ رَبِحَ وَفَازَ ؛ لِأَنَّ حُبَّهُ لَهَا دِينٌ وَعِبَادَةٌ وَرِبْحٌ وَزِيَادَةٌ .

قَالَ تَعَالَى :

﴿رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَار لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب﴾

سورة النور

وَمِنْ عَظِيمِ اهْتِمَامِ دِينِنَا الْحَنِيفِ بِبُيُوتِ اللَّهِ :

أَنَّ رَتَّبَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ لَمِنْ بِنَى لِلَّهِ وَاحِدًا مِنْهَا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَعَظَّمَهَا بِالصَّلاَةِ فِيهَا وَخِدْمَتِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :

مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ .

متفق عليه من حديث عثمان

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :

مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ .

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ .

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :

أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟

قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .

قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ .

رواه مسلم

اعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِـحَةِ :

العِنَايَةَ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى تِلاَوَةً وَحِفْظًا وَتَدَبُّرًا وَعَمَلًا وَتَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا وَطِبَاعَةً وَنَشْرًا فَكِتَابُ رَبِّنَا هِدَايَةٌ وَمَنْفَعَةٌ لِلْمُكَلَّفِينَ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ لِلْعَالَمِينَ فَهُوَ جِمَاعُ الْخَيْرَاتِ وَحُصُولُ الْبَرَكَاتِ وَإِصْلاحٌ لِلْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ .

قَالَ تَعَالَى :

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾

سورة يونس

اللَّهُمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِيكَ آمَالَنَا وَأَصْلِحْ أَعْمَالَنَا وَأَطِلْ فِي أَعْمَارِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينِ .