جريدة الديار
الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 07:29 مـ 2 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الله خلقكم لأمر عظيم .. خطبة الجمعة بالمسجد الحرام… فيديو

الحرم المكي
الحرم المكي

قال الشيخ الدكتور عبدالله الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه الله سبحانه وتعالى خلقكم لأمر عظيم، وهيأكم لشأن جسيم ، خلقكم لمعرفته وعبادته، وأمركم بتوحيده وطاعته ، وجعل لكم ميعادا تجتمعون فيه للحكم فيكم ، وفصل القضاء بينكم.

وأوضح " الجهني " خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه خاب وشقي عبد أخرجه الله من رحمته التي وسعت كل شيء وجنة عرضها السموات والأرض ، وإنما يكون الأمان غدًا لمن خاف واتقى وباع قليلا بكثير، وفانيا بباق ، وشقوة بسعادة.

وتابع: واعلموا أن من أعظم المطالب لراحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه وبه تحصل الحياة الطيبة ويتم السرور والابتهاج والإيمان بالله والعمل الصالح والإحسان إلى الخلق قولا وفعلا وبكل ما هو معروف، منوهًا بأن في اختيار الخالق تبارك وتعالى دين الإسلام شرعة ومنهجاً للمؤمنين لهو دليل على عنايته تعالى بهم ومحبته لهم ورضائه عنهم.

واستشهد بما قال تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً) الآية 3 من سورة المائدة، والآية الكريمة من آخر ما نزل من القرآن الكريم تكلم الرب سبحانه وتعالى عن نفسه وأخبر بأنه أكمل لأمة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما دينهم ، وأنه اتم عليهم نعمته ، وأنه رضي لهم الإسلام دينا .

وأضاف: فأكمل الله بها الدين وأتم بها النعمة وأيس الذين كفروا من أن ينالوا من دين الإسلام أو أن ينقصوه أو أن يحرفوه ، فقد كتب الله له الكمال وسجل له البقاء وتكفل الله بحفظه وحمايته (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الآية 9 من سورة الحجر .

وبين أنه قد بين الله تعالى في محكم التنزيل أن رسالة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما كاملة شاملة ، هي خاتمة الرسالات السماوية ، أرسل بها رسولا طهره واصطفاه وقربه ، وادناه ، فأرسله إلى جميع الثقلين الجن والإنس بشيرًا ونذيرًا ورحمة للعالمين وسراجا منيرا وأنزل عليه كتابا مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه .

وأشار إلى أنه أنزل عليه وحيا يخاطب العقول والفطرة ويتناول جميع نواحي الحياة ، حياة الفرد والأسرة وحياة المجتمع والدولة ،فقد نظم صلة الإنسان بخالقه ، وصلة المسلم بأخيه المسلم وصلة المسلم بغيره ، حتى صلته بالحيوان وجميع أفراد العالم الصامت والناطق والجميع المشاكل ، ورسم جميع النظم في كل الأمور صغيرها وكبيرها حتى حاجة الإنسان كيف يقضيها .

وأضاف: فالذي أنزل آخر النظم السماوية وجعلها ناسخة لما قبلها من النظم ، هو الذي خلق الكون ويعلم ما كان فيه وما سيكون من تطورات وتغيرات وما يستجد من متطلبات ، فجعله نظاماً يتسع لجميع الاحتمالات في إطار العدل وفي ظل التقوى وخشية الله .

ونبه إلى أنه لا يجوز لمسلم أن يتصور أن هذا الدين غير شامل أو أنه يحتاج إلى تكملة أو زيادة أو نقصان أو تنسيق أو تطوير ، فإن هذا تصور خاطئ يخالف حقيقة الإسلام، فواجب الأمة المسلمة أن تبذل جهدها لشكر المنعم عليها ، وأن تقوم بكل قدراتها بحقوق ربها ، وأن تُدرك مدى هذا الاختيار وهذا الرضا ، فتتمسك بدينها الذي رضيه لها ربها بكل عزائمها وأن تعض عليه بنواجذها .

وأفاد بأن الإسلام هو دين الله الذي لا يقبل دينا سواه ، فقد اودعه الله عزوجل كمال وسعادة كل عبد يدين به لله رب العالمين ، فيعبد الله وحده بما حواه من عقيدة التوحيد الراسخة ومن عبادات وأحكام وآداب وأخلاق، قال تعالى ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الخاسرين ).

ولفت إلى أنه لم يبق إلا أيامًا قلائل ونستقبل موسما من مواسم الخير وميدانا يتسابق فيه المتسابقون ، إنه ضيف عزيز ووافد كريم تتشوف القلوب إلى مجيئه ، وتتطلع النفوس إلى قدومه هو شهر رمضان شهر الصيام والقران والعتق من النيران ، وشهر البر والجود والإحسان وكل أنواع الطاعات والقربات ، يتباشر المؤمنون بقدومه ، ويهنئ بعضهم بعضا ببلوغه .

ودلل بما قال صلى الله عليه وسلم : إذا كان أوَّلُ لَيلةٍ من رَمَضانَ صُفِّدَتِ الشَّياطينُ، ومَرَدةُ الجِنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ، فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِحَت أبوابُ الجِنانِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ونادى مُنادٍ: يا باغِيَ الخَيرِ أَقْبِلْ، ويا باغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وللهِ عُتَقاءُ منَ النَّارِ. رواه الترمذي.

وأوضح أن السلف الصالح يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، فإذا بلغهم إياه سألوه ستة أشهر أخرى أن يتقبل منه، وسئل عبدالله بن مسعود الصحابي الجليل رضي الله عنه ، كيف كنتم تستقبلون رمضان ؟ فأجاب قائلاً : ما كان أحدنا يجرؤ على استقبال الهلال وفي قلبه مثقال ذرة حقد على أخيه المسلم .

وأوصى قائلاً: فاسألوا الله تعالى أن يبلغكم شهر صومكم ، واستقبلوه بالنية الصالحة والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه ، واغتنموا نعمة الصحة والقدرة على العمل ، فكم من مسلم يتمنى أن يصوم رمضان ويقوم ليله فلا يستطيع لمرض يمنعه .

وكم من إنسان استحوذ عليه الشيطان فهو في الأرض حيران وكم من مسلم تفيض عينه من الدمع حزنًا ألا يستطيع الوصول إلى بيت الله وكم من امرءٍ استحوذت عليه شهواته وجعلته في غفله ونسيان يقول إنه مسلم ولا يؤدى شعائر الإسلام ، فاشكروا نعمة الله عليكم واجتهدوا في طاعته وطاعة رسوله .

وواصل: واشكروا نعمة الأمن والاستقرار تؤدون شعائر دينكم في بيوت الله بعز وافتخار ، واشكروا نعمة الله عليكم واجتهدوا في طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا. وخذوا من صحتكم لمرضكم ، ومن غناكم لفقركم ، ومن شبابكم لهرمكم ،ومن حياتكم لموتكم ومن فراغكم لشغلكم.

ونصح بالتمسك بآداب هذا الشهر واحترامه وأداء حقه والتعرض لرحمة الله واحسانه فإن هذا الشهر فرصة لا تعوض فقد لا يدرك المرء شهرا مثله ،نسال الله أن يوفقنا لبلوغ هذا الشهر، وان يوفقنا لصيامه وقيامه ايمانا واحتسابا وان يجعلنا من عتقائه من النار ، والفائزين برحمة الله ورضوانه وان يتقبل منا ومن جميع المسلمين.