شراكات جديدة لعالم ما بعد أوكرانيا.. تحليل زيارة السيسي للهند
على وقع "زلزال" الحرب الأوكرانية الذي أصاب أركان النظام العالمي بالتصدع، باتت الدول تفتش في ماضيها عن علاقات تخدم مصالحها وتحقق رؤيتها.
ذلك النظام العالمي الذي يرى البعض أنه في حالة "تداع" أمام التحديات التي فرضتها الأزمة الأوكرانية، والتحولات الإقليمية والدولية، جعل من الأهمية بمكان ضبط موازين القوى، عبر بناء شراكات جديدة وإعادة تقييم علاقات تاريخية.
إطار لم تكن زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التي بدأها الثلاثاء إلى الهند، بعيدة عنه، والتي من المقرر أن تبحث تعزيز علاقات التعاون المشترك بين البلدين، بصفتهما "من أهم الدول الصاعدة ولدورهما الحيوي في مختلف القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية"، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
وبحسب دبلوماسيين ومحللين سياسيين ، فإن الزيارة ستبحث "سبل تعزيز التعاون العسكري، ومواجهة مخاطر التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى تقوية العلاقات الاقتصادية بين الدولتين".
وأكد المحللون بحسب "العين الاخبارية"، أن زيارة السيسي إلى الهند والتي تعد الثالثة له منذ انتخابه رئيسًا لمصر في 2014، تعكس واقعا جديدا تشكل عقب الحرب الأوكرانية الروسية، مشيرين إلى أنها محاولة لاختراق وبناء دوائر جديدة للسياسة الخارجية المصرية عبر الاستدارة شرقا باتجاه آسيا.
وكان السيسي زار الهند في أكتوبر 2015، للمشاركة في القمة الهندية الأفريقية الثالثة، ثم أعقبها بزيارة دولة في سبتمبر 2016، إلى البلد الآسيوي.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس المصري مع عدد من المسؤولين في الهند، أبرزهم رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ورئيسة الجمهورية دروبادي مورمو، وآخرين، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة.
وسيتخلل الزيارة لقاء السيسي مع رؤساء وممثلي عدد من الشركات الهندية الرائدة في مختلف المجالات، لمناقشة آليات تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، واستعراض الفرص الاستثمارية الجاذبة في مصر.
وحول توقيت الزيارة، قال المحلل السياسي والأكاديمي المتخصص بالشأن الدولي طارق فهمي، إن زيارة السيسي إلى الهند تمثل أهمية كبيرة للقاهرة، ليس فقط لكونها تأتي بمناسبة الاحتفال بمرور 75 عاما على إقامة العلاقات أو تأسيس الجمهورية الهندية المعاصرة، لكن لتنامي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وأوضح المحلل السياسي بحسب "العين"، أن توجيه القاهرة بوصلتها إلى الهند وقبلها الصين، يأتي تأكيدا على سياسة الرئيس السيسي في تنويع العلاقات، عبر الاستدارة شرقا.
وأشار إلى أن "القاهرة تسعى لمحاولة اختراق مناطق نفوذ جديدة، وبناء دوائر جديدة للسياسة الخارجية المصرية مع التركيز على العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة"، مضيفا: "مصر تسعى لبناء شراكات جديدة في عالم لم يتشكل بعد، سيكون للقاهرة دور فيه".
المحلل السياسي المصري لم يغفل "التعاون العسكري الكبير بين البلدين"، لا سيما بعد زيارة وفد عسكري هندي إلى القاهرة قبل عدة أشهر، إضافة إلى المناورات والتدريبات المشتركة التي أجريت في البلدين.
الزيارة المصرية إلى الهند كانت تحمل بصمات اقتصادية، بحسب الأكاديمي المصري، الذي قال إن الهند "مهمة" للقاهرة، باعتبارها أكبر اقتصاد موجود بالجوار إضافة إلى الصين، مشيرًا إلى أنه سيتم خلال الزيارة، تحديد مجالات التعاون الاقتصادي، والتي تشمل مجالات واعدة وفرصا جيدة من استيراد القمح، مرورًا بالتنمية المستدامة والتكنولوجيا، إلى التعاون العسكري.
وفيما قال إن الملف السياسي والاستراتيجي سيكون على طاولة قادة الدولتين، في إطار بناء شراكات ممتدة تتجاوز اللجان أو الاتفاقيات المشتركة، أشار إلى أن نيودلهي تسعى للدخول إلى أفريقيا من البوابة المصرية.
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، إن الزيارة تأتي في إطار العلاقات المتنامية بين مصر والهند في السنوات الأخيرة، النابعة من الإرادة السياسية الهادفة لترسيخ العلاقات وتعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات.
الدبلوماسي المصري قال بحسب "العين الاخبارية" إن نيودلهي بصفتها الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، قررت دعوة مصر للمشاركة في تلك الاجتماعات التي ستكون على طاولتها قضايا: النمو الاقتصادي العالمي، والدين العام، وأمن الغذاء والطاقة.
وأشار إلى أن زيارة السيسي للهند، تعكس واقعا جديدا في العلاقات الدولية من شأنه تعزيز التعاون بين دول الجنوب والدول النامية، مؤكدا أن دول الجنوب أدركت عقب الحرب الأوكرانية والمواجهة بين الغرب وروسيا، أنه من الأهمية بمكان تعزيز كافة أشكال التعاون بينها.
نقطة أخرى أشار إليها الدبلوماسي الأفغاني السابق والخبير الأمني والاستراتيجي فضل من الله ممتاز، بحسب "العين الإخبارية"، قائلا إن قضية الإرهاب ستكون ضمن المحاور الرئيسية في الزيارة، عبر بحث تعزيز التنسيق والتعاون المشترك في مواجهة مخاطر تنظيمات الإسلام السياسي، لا سيما في جنوب آسيا والقارة الهندية.