الشيخ أحمد علي تركي يكتب: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ
إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِنُزُولِ الْغَيْثِ
قَالَ تَعَالَى:
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ
سورة الشورى
فَفِي إِنْزَالِ الْمَطَرِ عِبْرَةٌ لِلْمُعْتَـبِرِينَ، وَآيَةٌ لِلْمُتَّعِظِينَ، وَدَلَائِلُ تَدُلُّ الْحَيَارَى إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَيْرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ .
قَالَ سُبْحَانَهُ:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سورة فصلت
إِنَّ الْغَيْثَ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ لِلْعِبَادِ، فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ، وَالْعَبْدُ الْمُوَفَّقُ مَنْ يَتَعَبَّدُ لِلَّهِ بِكُلِّ مَا يَرَى مِنَ الْمَظَاهِرِ وَالْآيَاتِ، وَالدَّلَائِلِ وَالْبَيِّنَاتِ، فَإِذَا رَأَى الْمَطَرَ أَخَذَ يَقْتَفِي أَثَرَ الْمُصْطَفَى ﷺ فِيمَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ .
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:
أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ :
اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ .
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:
إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي .
وَيُشْرَعُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ :
اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَالْآكَامُ : التِّلَالُ، وَالظِّرَابُ الْجِبَالُ الصَّغِيرَةُ.
وَمِمَّا يُشْرَعُ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ الْمَطَرِ أَنْ يَكْشِفَ شَيْئًا مِنْ جِسْمِهِ لِيُصِيبَهُ الْمَطَرُ فَتَنَالَهُ الْبَرَكَةُ .
قَالَ أَنَسٌ أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَطَرٌ قَالَ :
فَحَسَرَ أَيْ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَمِمَّا يُسَنُّ لِلْمُسْلِمِ:
أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ حَالَ نُزُولِ الْأَمْطَارِ فَهِيَ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ .
فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :
ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
إِنَّ الْبَرْقَ وَالرَّعْدَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ الْعَظِيمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ جَبَرُوتِهِ وَقُوَّتِهِ وَبَطْشِهِ وَانْتِقَامِهِ قَالَ اللهُ تَعَالَى:
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ
سورة الرعد
يَسْمَعُ الْإِنْسَانُ هَذَا الصَّوْتَ الْمَهِيبَ ، وَيَرَى ذَاكَ الضَّوْءَ اللَّامِعَ الرَّهِيبَ فَيَرْجُو الْمُؤْمِنُ الْغَيْثَ وَالْعَطَاءَ وَيَخْشَى الْعَذَابَ وَالشَّقَاءَ .
قَالَ تَعَالَى:
وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
سورة الروم
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ :
أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالُوا أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ ؟
قَالَ : مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ بِيَدِهِ مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ .
رَوَاهُ أَحْمَدُ
قَالَ اللهُ تَعَالَى:
فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا
سورة الصافات
يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ تَزْجُرُ السَّحَابَ أَيْ: تَسُوقُهُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا :
أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ :
سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ شَدِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ
إِنَّ شُكْرَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ الْكَثِيرَةِ وَآلَائِهِ الْجَسِيمَةِ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ، فَيُثْنِي الْعَبْدُ عَلَى رَبِّهِ الْكَرِيمِ بِمَا أَسْدَى مِنْ عَيْشٍ قَوِيمٍ، وَيَعْتَرِفُ بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِ وَيَنْسُبُهَا إِلَيْهِ .
فَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
فَالشُّكْرُ مَنْزِلَةٌ مِنْ مَنَازِلِ عِبَادِ اللهِ الْمُخْلِصِينَ وَأَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ .
قَالَ اللهُ تَعَالَى مُخَاطِبًا نَبِيَّهُ :
بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
سورة الزمر
وَقَرَنَهُ رَبُّ الْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ تَعَالَى:
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ
سورة النساء
وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ أَهْلَ الشُّكْرِ هُمُ الْمَخْصُوصُونَ بِمِنَّتِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِ عِبَادِهِ .
فَقَالَ سُبْحَانَهُ:
وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ
سورة الأنعام
وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الشَّاكِرِينَ ثُلَّةٌ قَلِيلَةٌ وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ عِبَادِهِ .
فَقَالَ تَعَالَى:
اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
سورة سبأ