إلهام عيسى تكتب: الثقافة الرياضية بين صناعة المال والحضارة
في مشهد معبر وقريب من المونديال ويصب بذات الاتجاه .. وصل اللاعب البرتغالي كرستيانو الى ملعب النصر السعودي موقعا عقد احترافي ضخم نجح فيه النصر من جذب اللاف من مشجعيه ليكتض بهم الملعب .. حتى بلغت مشاهدان النادي اضعاف الاضعاف والمبيعات تزايدت بارقام مهولة .. بما يمكن ان نسميه صناعة المال ..
في الدوحة -2022 التي خطفت الأضواء من نواح عدة أهمها البعد التنظيمي الذي صرفت فيه الحكومة القطرية مليارات الدولارات برقم مهول يصعب تحقيقه في موازنة اغلب الدول .. الا ان حقيقة المبلغ المذكور لم يصرف كله لإجراءات البطولة او تحت مستند وعنوان كروي رياضي بحت ... فقد كان للبيئة والبنية التحتية والتقنيات التنكلوجية الاحدث والطرق والجسور والإسكان والزراعة والصناعة والتجارة والاتصالات والكرنفلات والمهرجانات الثقافية المرافقة لايام البطولة الكثير الكثير من المال بصورة نجح فيها القائمون على الملف بتحويل الدوحة من عاصمة تطل على ضفاف خليج صحراوي مالح الى مقر حضاري سياحي حديث يمكن لها ان يبق حيا مفعما نشطا حيويا لعقود وقرون قادمة .. بصورة تجلت فيها الحكمة والتخطيط والبعد الاستراتيجي .. مما اضفى نجاح اهم طغى فيه الجانب التنظيمي والإداري والبيئي على جوانب اخرى مهمة من قبيل التكتيك والجمهور والاعلام والمشجعين التي عدت جوانب ثانوية سينتهي اثرها (الدوحوي) في الأرشيف فيما ستبقى بيئة الدوحة وشواهدها حاضرة تنبيء وتعلم الاخرين عن كيفية بناء وصناعة حضارة جديدة .
هنا يجب التأكيد على ان البطولة كانت مستهدفة من دول وقيادات ثقافية ونخبوية وعنصرية .. وغير ذلك الكثير مما ظهر باشكال عدة لكنها ذابت وتلاشت حد الاختفاء امام الثبات التنظيمي والدفاع القيمي اذ ظل المحور العربي الإسلامي البدوي قائم برغم الهجوم العنصري والمثلي والهمجي ... في أحيانا كثيرة ومشاهد عديدة سقطت فيه الأقنعة عن بعض المدربين واللاعبين والمسؤولين والثقافات والحكومات وهم يروجون للمثلين – على سبيل المثال – كثقافة غربية جديدة أرادوا ان يفرضوها ويجعلوا من منصات الدوحة دعاية كبرى لها .. لكن اغلب بلدان العالم المتحضر رفضت ذلك بل وحاربته تحت كل عناوينه حتى تلك المظللة بستار ( حقوق الانسان ودعاة الحرية الشخصية ) .
في احتفالات المنتخب الارجنتيني المتوج بكاس المونديال بقيادة مسي ولاعبيه شهدت عاصمة الارجنتين بوينس ايرس وكذا في بعض العواصم الغربية هجوما استهدافيا على الثقافة العربية لا سيما ما تعلق باحتفالات العرب بفوز المغرب .. وقد تم فيه استخدام ردود أفعال غريبة وخروج كلمات نابية وتصرفات مشينة تمثل العقل الباطن المنحدر قيما وان تستر بغطاء عولمي اخر .. في وقت نجحت قطر تمام باستيعاب كل هذا الكم الهائل المتلاطم من التنافس والصراع المحتدم بوجوه عدة لم تكن تشكل عقبة باعلان النجاح الذي لم يقتصر باطار معين .. بل ان النجاح القطري شكل انموذجا في التحدي وإدارة ملف الصراع والتنافس القيمي .. وهنا تكمن اهم قيمة مونديال الدوحة .. ان كنتم تعلمون !!