جريدة الديار
الأحد 1 ديسمبر 2024 06:32 صـ 30 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: الحقد والغلّ

الشيخ أحمد علي تركي
الشيخ أحمد علي تركي

قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ

[البقرة: 204-205]

وقال سبحانه:

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ [الأعراف: 43]

وقال عز وجل:

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

[الحجر: 47-48]

عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال:

قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟

قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قيل صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد .

عن جابر رضي الله عنه قال:

تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا .

قال المنذري : الضغائن هي الأحقاد

الحقد مرض خطير ومرض متفش في هذا الزمان وكثير من الناس يحقدون على بعضهم البعض والحقد بين المسلمين من مآسينا في هذا العصر .

وموضوع الحقد موضوع خطير جداً لأنه يؤدي إلى مهالك والحقد قد يتداخل مع الحسد والغضب ولكن هناك اختلاف فالحقد رذيلة بين رذيلتين؛ لأن له ثمرة الغضب، الحقد يتولد من أي شيء يتولد من الغضب، وهو يثمر الحسد ويؤدي إليه، فاجتمع في الحقد أطراف الشر.

وهذا المرض له آثاره المدمرة على نفس الحاقد لأنه يشغل القلب ويتعب الأعصاب ويقلق البال ويقض المضجع وقد تظلم الدنيا في وجه الحاقد وتضيق به على سعتها وتتغير معاملته حتى لأهله وأولاده وذلك لأن الحقد يضغط عليه من كل جانب.

والحاقد فيه شبه من الكفار الذين قال الله فيهم:

وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

[آل عمران: 119].

وصدور المؤمنين لا محل للحقد فيها لأن الأصل في صدورهم أنها سليمة مملؤة بالمحبة وإرادة الخير للآخرين، فلا مجال للغل فيها، وإن مرت الكراهية والبغضاء الموجدة فهي تمر مرور عابر سبيل، لا تجد مكاناً ليستقر، وهكذا العوارض الغريبة تنطرد من الوسط الذي لا يتقبلها.

وسلامة الصدر هذه مسألة عظيمة فضلها كبير .

روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال:

قيل لرسول الله ﷺ: أي الناس أفضل؟

قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان .

قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد .

رواه ابن ماجه

وأعلى الدرجات القلب المخموم الذي لا غل فيه ولا حسد.

ولهذا كان صحابة النبي ﷺ مهما حصل بينهم من خلاف كانوا إلى المصافاة مسارعين وإلى الإخوة وعودتها إليهم كانوا مبتغين .

قال علي :

إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى فيهم :

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

الحجر: 47

والجنة لا يصلح أن يدخلها إلا من كان قلبه سليماً نظيفاً تماماً فإن الله لا يدخل أهل الجنة الجنة إلا بعد أن ينقوا ويهذبوا وتكون صدورهم سليمة كما قال الله عز وجل :

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ

[الأعراف: 43]

وقال تعالى :

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ

سورة الحجر

وقال تعالى :

وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا

سورة الحشر

نسأل الله أن يجعل صدورنا سليمة وقلوبنا سليمة للمسلمين لا غش فيها ولا بغي ولا حقد ولا حسد .

اللهم اجعلنا من عبادك الأتقياء الأنقياء الأخفياء .