سفينة ترامب الشعبية تغرق.. فهل يعمل على إغراق الحزب الجمهوري؟!
يحمّل جمهوريّون ترامب مسؤوليّة الأداء الباهت لحزبهم في الانتخابات النصفيّة الأخيرة وقد تحدّثت تقارير عن أنّ ترامب كان غاضباً من النتائج ولم يوفّر حتى زوجته من النقمة بسبب دعمها للمرشّح الجمهوريّ الخاسر في بنسلفانيا محمّد أوز.
حتى العاشر من نوفمبر، توقّعت "أي بي سي" أن يخسر نحو 14 جمهوريّاً مدعوماً من ترامب حملتهم وسرعان ما صبّ الأخير جام غضبه على بعض كبار شخصيّات الحزب.
وسخر ترامب على موقع "تروث سوشل"، من حاكم ولاية فرجينيا الجمهوريّ جلين يونغكينو تلاعب ترامب بالاسم فكتب: يونغ كين هذه لفتة مثيرة للاهتمام، يبدو الاسم صينيّاً، أليس كذلك؟! في فرجينيا لم يكن بإمكانه الفوز بدوني لقد دعمته، أقمت تجمّعاً ترامبيّاً هاتفيّاً لصالحه، دفعتُ ماغا للتصويت له وإلّا لم يكن بإمكانه حتى الاقتراب من الفوز.
كانت حصّة الأسد من هجمات ترامب من نصيب ديسانتيس بطبيعة الحال ويوم الخميس، أصدر ترامب بياناً مطوّلاً كتب فيه: يسأله الأخبار الزائفة إذا ترشّح الرئيس ترامب إلى انتخابات 2024 الرئاسيّة، ، لا أنظر إلى المستقبل حسناً، على مستوى الولاء والكياسة، هذا ليس حقاً الجواب الصحيح بحسب موقع أكسيوس كان هذا البيان الأقوى لجهة توضيح استعداد ترامب لشنّ حرب على أيّ جمهوريّ يمكن أن يطيحه.
لا شكّ في أنّ قدرة ديسانتيس على الفوز بمنصب الحاكميّة بفارق 20 نقطة مئوية عن منافسه الديموقراطيّ أقلق ترامب. في الواقع، يكاد المراقبون يجمعون على أنّ الحزب الجمهوريّ لم يحقّق الموجة الحمراء الموعودة إلّا في ولاية فلوريدا. لم يحصد ديسانتيس الولاية بسهولة وحسب، لكنّه استطاع أن يقلب دائرة ميامي ديد التي لطالما شكّلت مركز ثقل للديموقراطيّين إلى دائرة جمهوريّة.
وكان السيناتور الجمهوريّ ماركو روبيو قد فاز مجدداً بمنصبه في الانتخابات الأخيرة وبفارق يزيد عن 16 نقطة مئوية على منافسه الديموقراطيّ.
وفاز الجمهوريّون أيضاً بالمجلسين التشريعيّين المحلّيّين بأغلبيّات كبيرة ممّا يعطي ديسانتيس حرّيّة عمل أوسع.
لكنّ النتيجة التي حقّقها ديسانتيس لم تولّد القلق لدى ترامب بل ضاعفته لقد كان هذا الشعور حاضراً حتى قبل بدء التصويت. يوم الاثنين، حذّر ترامب ديسانتيس من الترشّح إلى الانتخابات الرئاسيّة: قد يؤذي نفسه بشدّة وأضاف أنه إذا ترشّح فعلاً فسأخبركم أموراً عنه لن تكون كثيرة الإطراء أعلم عنه أكثر من أيّ شخص باستثناء، ربّما، زوجته.
قبل يومين من التحذير، وخلال تجمّع انتخابيّ في بنسلفانيا، قال ترامب إننا نفوز بشكل كبير في الحزب الجمهوريّ بشكل لم يره أحد من قبل،كان ترامب يستعرض أرقام استطلاعات الرأي على شاشة كبيرة بشأن تأييد الترشيح لانتخابات 2024 حين أضاف ها هي، ترامب عند 71 في المئة، رون ديسانكتيمونيوس عند 10 في المئة .
تعني سانكتيمونيوس (sanctimonious) ادّعاء التفوّق الأخلاقيّ لكنّ الكوميديّ جيمي فالون قال إنّهحتى ترامب لا يعرف معنى هذا الاسم.
ويشير ويليام ماكغورن في صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى تقارير تفيد بأنّ ترامب كان يختبر عدداً من الأسماء المستعارة أو الألقاب ليسخر من ديسانتيس، كما فعل مثلاً مع عبارات "جو النعسان" وهيلاري الفاسدة لكن هذه المرّة، لم يتفاعل الجمهور مع اللقب. لقد "أساء" ترامب قراءة الحضور، كما أنّ اللقب لم يكن جذّاباً أو مسلّياً، بحسب ماكغورن، فالجمهوريّون أحبّوا ترامب لأنّه مقاتل؛ لكنّهم لم يكونوا يريدون أن يقاتل جمهوريّاً ناجحاً.
كان حضور ترامب إلى بنسلفانيا منعدم الأثر إن لم يكن سلبيّاً حتى. خسر كلا مرشّحيه: دوغ ماستريانو السباق إلى منصب الحاكميّة بفارق 13 نقطة، ومحمد أوز السباق إلى مجلس الشيوخ أمام جون فيترمان وهو منافس ديموقراطيّ أصيب بجلطة دماغيّة ولم يتعافَ منها تماماً. وبنسلفانيا هي إحدى الولايات المتأرجحة التي عادة ما تحسم السباق الرئاسيّ إلى جانب بضع ولايات أخرى. صعّبت خسارة أوز للمقعد الذي كان أساساً للجمهوريّين من مهمّة فوزهم بمجلس الشيوخ، خصوصاً مع فوز الديموقراطيّ مارك كيلي عن ولاية أريزونا. وتلقّى ترامب ضربة أخرى حين فاز خصمه الجمهوريّ براين كمب بحاكميّة جورجيا. هذا قبل أن يحتفظ الديموقراطيّون بمقعدهم في نيفادا ويحسموا معركة مجلس الشيوخ لصالحهم. مجدّداً، كان المرشّح الجمهوريّ الخاسر في نيفادا آدم لاكزالت مدعوماً من ترامب.
وأظهرت هذه النتائج أنّه يمكن لشخص ما أن يكون محافظاً ولديه مبادئ ومعارضاً لترامب وأن يفوز في الوقت نفسه.
وحلّ الجمهوريّ المدعوم من ترامب هرشل ووكر في المرتبة الثانية في السباق إلى مجلس الشيوخ في جورجيا وسينتقل إلى المرحلة النهائيّة من الانتخابات في 6 ديسمبر . وفي وقت كان ترامب يسمّي ديسانتيس "ديسانكتيمونيوس"، كانت صحيفة "نيويورك بوست" المحافظة تلقّبه بأنّه "ديفيوتشر" أو المستقبل،لم يعد هناك حزبّ جمهوريّ بل ترامبيّ.
للمفارقة، يبدو أنّ المؤشّرات عن تضاؤل تأثير ترامب على الحزب الجمهوريّ بدأت تظهر منذ 2020. حين كانت جورجيا على موعد مع الجولة الثانية من الانتخابات إلى مجلس الشيوخ في يناير 2021، أقام ترامب تجمّعاً انتخابيّاً لدعم مرشّحين جمهوريّين حين كان الحزب بحاجة لفوز أحدهما للسيطرة على المجلس. فشل ترامب في دعم المرشّحين، لأنّه قضى الوقت وهو يتذمّر من نظام التصويت في جورجيا وتقويض ثقة الناخبين، بحسب المسؤول السابق في وزارة الدفاع خلال ولاية جورج بوش الابن جوزف بوسكو.
كتب بوسكو في مجلة "ذا هيل" الشهر الماضي أنّ ترامب يحاول تدمير الحزب الجمهوريّ لصالح بناء حزب خاصّ به ويستشهد بكلام نجله إريك الذي قال: لم يعد هناك حزب جمهوريّ إنّه حزب ترامب.
يسرد ماكغورن في "وول ستريت جورنال" تحليلاً مشابهاً: "من المستحيل تخيّل رئيس سابق آخر مستعدّ إلى هذا الحدّ للتقليل من شأن مرشّحي حزبه عشيّة انتخابات عامّة. لكنّ هذا يؤكّد تهديد السيّد ترامب الضمنيّ للحزب الجمهوريّ: حتى ولو قرّر عدم خوض معركة ترشيح الحزبالجمهوريّ له في 2024 أو ترشّح ولم يربح فسيستخدم أيّ دعم يحتفظ به لضمان أن يخسر المرشّح الجمهوريّ النهائيّ في شهر نوفمبر.
وتابع: ربّما ليس مفاجئاً ألّا يكون السيّد ترامب مبالياً بمصير وحظوظ الحزب الجمهوريّ. في نهاية المطاف، لم يكن فعلاً جمهوريّاً حتى ترشح إلى الرئاسة.
إذا كان صحيحاً أنّ "سفينة" ترامب الشعبيّة تغرق كما قال أحد مستشاريه، فقد لا يكون مستبعداً أن يعمل ترامب على إغراق كامل الحزب الجمهوريّ معه، بالفعل، يمكن أن تمثّل انتخابات التجديد النصفيّ لسنة 2022 محطّة مفصليّة في تاريخ الحزب.