الشيخ أحمد علي تركي يكتب: الاحتفال بمولد النبي ﷺ
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز ولا بأس بذلك وهذه بعض الأدلة على الاحتفال بالمولد النبوي من القرآن الكريم والسنة النبوية والقياس واتفاق علماء الأمة:
#أولاً_القرآن_الكريم: #قوله تعالى:﴿وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]
ومِن أيام الله تعالى : أيامُ نصره لأنبيائه وأوليائه، وأيام مواليدهم، وأعظمُها قدرًا مولدُ الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم .
وهو يفيد سنية واستحباب تذكر الأيام العظيمة القدر لا في حياة المسلمين فقط وإنما في مسيرة أهل الأرض جميعا، ولا شك أن يوم مولد سيد الخلق هو من أحق الأيام وأولاها بالتذكر والاحتفال والاهتمام .
#وكرَّم الله تعالى أيام مواليد الأنبياء عليهم السلام وجعلها أيام سلام فقال سبحانه:
﴿وسَلَامٌ عليه يَومَ وُلِدَ﴾
مريم: 15
وفي يوم الميلاد نعمةُ الإيجاد، وهي سبب كل نعمة بعدها، ويومُ ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم سببُ كلِّ نعمة في الدنيا والآخرة.
#وقوله تعالى:
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾
يونس: 58
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الرحمةُ العظمى إلى الخلق كلهم .
قال ابن عباس رضي الله عنهما :
"فضلُ الله : العلمُ .
ورحمتُه : مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلم .
قال الله تعالى :
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين﴾
أخرجه أبو الشيخ في "تفسيره".
#ثانياًالسنةالنبوية:
#عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟
قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ .
رواه الحاكم في "المستدرك"
وقال عَقِبَهُ: [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ]
#ورواه مسلم في رواية طويلة عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟ قَالَ :
ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ .
هذا الحديث أصل في الاحتفال والاهتمام بالمولد النبوي الشريف، حيث إنه صلى الله عليه وآله وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع في تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإِلهي معلوم قطعا من الشريعة ، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي، ووجوده بين أظهرنا، وهدايتنا لشريعته، مما تقره الأصول .
#احتج الشيخ ابن الجزري الإمام في القراءات والمتوفى سنة 833هـ :
بخبر أبي لهب الذي رواه البخاري وغيره عندما فرح بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأعتق ثويبة جاريته لتبشيرها له ، فخفف الله عقابه وهو في جهنم .
فأشار إلى أنه إذا كان هذا الكافر الذي نزل القرآن بذمه جُزي وهو في النار بفرحه ليلة المولد فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده ، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته .
#وعن ابن عباس رضي الله عنهما :
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صيامًا يومَ عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ ؟
فقالوا : هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومَه ، وغرَّق فرعونَ وقومَه ، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ .
فصامه صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ .
متفق عليه.
#وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
مَرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأُناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء فقال :
مَا هَذَا مِنَ الصَّوْمِ ؟
قالوا : هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي، فصام نوحٌ وموسى شكرًا لله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى، وَأَحَقُّ بِصَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ فأمر أصحابه بالصوم .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند وأبو الشيخ وابن مردويه.
#وإذا كان الاحتفال بيوم نجاة سيدنا نوح عليه السلام ويوم نصر سيدنا موسى عليه السلام مشروعًا ، فإن مشروعية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم متحققة من باب أَوْلى.
#عن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال:
خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:
إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي وإلَّا فلا .
فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالِمًا، فجواز الاحتفال بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم للدنيا أولى .
#ثالثاً_القياس
هناك مئات الحالات التي تدل على سنية الاحتفال بالأيام العظيمة في الإسلام، وخاصة مولد خير البشر وأفضلهم وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
#ومن ذلك الاحتفال بمولد السيد المسيح عليه السلام الذي يحتفل به العالم كله، فإذا كان العالم يحتفل بمولد سيدنا عيسى عليه السلام #فمن باب أولى الاحتفال بمولد سيد الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
#رابعاًاتفاقالعلماء:
#نقله الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (1/ 23، ط. دار الهدى فقال :
فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها .
ومِن أحسن ما ابتُدِع في زماننا من هذا القبيل :
ما كان يُفعَل بمدينة إربل كلَّ عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف ، وإظهار الزينة والسرور .
#فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء مشعرٌ بمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله، وشكرًا لله تعالى على ما منَّ به مِن إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين .
#ونقله الحافظ السخاوي في "الأجوبة المرضية" (1/ 1116، ط. دار الراية) فقال:
ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وآله وسلم وشرَّف وكرَّم يعملون الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ويزيدون في المبرّات بل يعتنون بقراءة مولده الكريم، وتظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم، بحيث كان مما جُرب .
#وكذلك قال الحافظ القسطلاني في "المواهب اللدنية" (1/ 89، ط. التوفيقية)، والعلامة الديار بكري في "تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس صلى الله عليه وسلم" (1/ 223، ط. دار صادر) وغيرهم.
#قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه "جامع الآثار في السير ومولد المختار" (3/ 249-251، ط. أوقاف قطر):
وقد جاء أن عِتْقَ ثُوَيْبةَ كان يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فرُوي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمّا ولدَته أمُّه آمنةُ جاءت ثويبة مولاها أبا لهب فبشرَتْه بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأعتقها من ساعته .
وفي رواية :
أن ثويبة دخلت على أبي لهب وقالت له: أشعَرْتَ أن آمنةَ ولدَتْ ولدًا ؟
فقال لها: أنت حرة، فهو يخفَّف عنه العذابُ في مثل يوم الاثنين؛ وذلك لسروره بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعتقه ثويبة.
منقول بتصرف.
#الشاهدمماسبق
١- لا عبرة بمن يقولون بأنه بدعه لأنهم يخالفون ماعليه علماء الأمة وفقهاؤها .
٢- الفرح به أمرٌ مقطوع بمشروعيته؛ لأنَّه عنوان محبته صلى الله عليه وآله وسلم التي هي ركن الإيمان.
٣- المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.
إن مسألة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
هذه المسألة من فروع الفقه التي يسوغ فيها الاجتهاد والتي اختلف فيها العلماء السابقون المجتهدون الذين كان يسعنا الاقتداء بأي منهم والأخذ بما تميل إليه نفوسنا مع التركيز على الغايات والمقاصد التي نظر إليها كل إمام من الأئمة المجتهدين في اختياره وتحقيقها لنصل من خلال ذلك إلى دحض الخلاف أو تخفيفه والبعد عن الشقاق وحصول التقارب والوحدة والمحبة والمودة والتآلف والإخوة التي أوجبها الله بين المؤمنين وجعلها من الغايات العظمى لهذا الدين .
وأحب أن أركز في هذه المقالة على أمرين هامين يجب أن نتفق عليهما في نظرنا لاختلاف علمائنا الأقدمين في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل المشابهة لها وما أكثرها وهما
الأول :
أنه لا تعارض في الغايات والمقاصد بين أولئك العلماء الأفذاذ والائمة المجتهدين المخلتفين في مسألة الاحتفال بالمولد ونحوها من المسائل .
الثاني:
أن الإجازة للاحتفال عند من يقول به لا تعني الرضا أو الإساغة لكثير من طرق المحتفلين المعاصرين التي تشتمل من المنكرات والبدع والمخالفات ما لا يمكن أن يزعم أحد نسبة قبوله أو إساغته إلى أحد أولئك العلماء القائلين بالجواز أو استحسان عمل المولد .
وإليك تفصيل ذلك :
فأما الأمر الأول :
فبداية ينبغي أن يعلم ان الاختلاف في الأمر قديم ، وأن إجازة الاحتفال واستحسانه قول ابن كثير وأبي شامة وابن ناصر الدمشقي وابن حجر وغيرهم من كبار العلماء رحمهم الله .
وأن المنع والقول ببدعيته قول ابن تيمية وابن الحاج المالكي وغيرهما من كبار العلماء رحمهم الله .
والثقة بهؤلاء العلماء الأفذاذ من الفريقين تجعلنا نوقن أن كل فريق منهم نظر في اجتهاده إلى غايات ومقاصد محمودة لا تعارض ولا تناقض بينها ، وبه يعلم إمكان الجمع أو قل التقارب بين أقوالهم ، وأن النكير على المخالف لا ينبغي أن يتوجه إلى أصل المسألة بقدر ما ينبغي أن يتوجه إلى مخالفة تلك المقاصد الحسنة والبعد عنها، فالمجيزون رأوا في المناسبة ما يجدد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقويه في نفوس المسلمين ، ويذكرهم بسيرته الطيبة ، وأفعاله الحسنة، ومواقفه العطرة ، فيتجدد الاقتداء والائتساء من خلال ذكرها برسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك من الغايات الحسنة والمقاصد السامية التي لا يختلف اثنان على قبولها واستحسانها .
والمانعون رأوا في الاحتفال ابتداعا في الدين ، وبعدا عن منهجه صلى الله عليه وسلم القويم ، ومخالفة لنهج خلفائه الراشدين المأمور باتباع سنتهم مع سنته صلى الله عليه وسلم وسنة صحبه الكرام والتابعين لهم بإحسان من أهل القرون الفاضلة الذين لم ينقل عنهم مثل تلك الاحتفالات وهم بلا ريب أكثر حبا وقربا واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .
وتلك أيضا مقاصد حسنة وغايات محمودة .
والحق أن الاحتفاء والاحتفال برسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يتوقف على يوم المولد ولا يمتنع عنه فيه ، وبه يتم التقارب والجمع بين القولين .
فلا مانع أن نُذَكِّر والذكرى تنفع المؤمنين في هذا اليوم الأغر بسيرته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه القويمة وآحواله المشرقة المنيرة، مع التنبيه على أن الاحتفاء الحقيقي والاحتفال الجدير به صلى الله عليه وسلم هو في اتباعه والاقتداء به دوما وليس في يوم دون يوم، والسير على منهاجه صلى الله عليه وسلم في كل شؤون الحياة إلى الممات ، وأن ادعاء حبه صلى الله عليه وسلم لا يصدق مع هجر الاقتداء به وهجر العمل بسنته وفعل ما يخالف طريقته، ومن أراد أن يعرف قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه حقا فليعرض نفسه وخلقه على القرآن الذي كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إن شباب الأمة اليوم في حاجة ماسة للتعرف على سيرته صلى الله عليه وسلم والاستظلال بظلها والنشأة في رحابها في ظل ما تعانيه الأمة من بعد عنه صلى الله عليه وسلم وعن أخلاقه وقيمه ومبادئه وسلوكياته التي هي أخلاق القرآن الكريم بعداً كاد يعصف بالمجتمع ويهدم أركانه نسال الله السلامة والعافية .
وإن العلماء وهم ورثة الأنبياء لمنوط بهم أن يجعلوا من سيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم وحبه صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله فطرة في نفوس المسلمين قاعدة ينطلقون منها لمداواة أمراض الأمة المستعصية وأدوائها المزمنة إنهم أطباء القلوب الذين أوكل الله إليهم الدلالة عليه والدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة والأخذ بيد خلقه إلى فهم غاية وجودهم وتحقيق وظيفتهم .
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
ولذلك يجب على علماء الأمة ألا يشغلوا الناس بمثل ذلك الخلاف بقدر ما ينبغي أن يستثمروا المناسبة في إرشاد الضالين ورد الشاردين وهداية الحائرين .
وعلى سبيل المثال لا الحصر علينا في هذه المناسبة وفي غيرها أن نأخذ بيد ملايين الشباب التائه الحائر من أبناء الأمة بل وشيوخها كبار السن الذين لا يصلون ولا يعرفون للمسجد طريقا فنعلمهم في مثل هذه المناسبة أن ادعاء حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوافق مع تضييع الصلوات المفروضه أو التقصير في المحافظة عليها في مواقيتها دون عذر أو نقرها نقر الغراب ، وعدم إحسان الطمأنينة فيها ولا الإتيان بهيئاتها وكيفياتها وأركانها وخشوعها .
وينبغي بدلا من أن نشغل الناس بالاختلاف حول حكم المولد أن نجعل من عاطفة الحب له صلى الله عليه وسلم فرصة لتعليم محبيه التمسك بالسنن والنوافل المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وقيام الليل والصدقات والصيام وغيرها من القربات وأن في المحافظة علىها ما يتثبت صدق الحب وحسن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم.
وأين نحن في هذه المناسبة من الذين يهجرون القرآن الكريم ولا يحسنون قراءة آية أو سورة قصيرة منه فضلا عن فهمه وتدبره ومعرفة مقاصده وغاياته مما يجعلهم لقمة سائغة لأصحاب الشبهات والمشككين في الدين والداعين إلى الإلحاد والكفر والعياذ بالله .
وأين نحن من تعليم شباب الأمة سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ونشرها في الآفاق وتعريف الشباب بدوواينها الكبار وحجيتها وأهميتها وطرق نقلها وجهود العلماء في نشرها ودفع الشبهات
????وأين نحن من تعليم شباب الأمة سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ونشرها في الآفاق وتعريف الشباب بدوواينها الكبار وحجيتها وأهميتها وطرق نقلها وجهود العلماء في نشرها ودفع الشبهات التي تثار حولها .
وأين نحن من مداواة الشباب الذي أصبح عبدا للشهوات يتبعها ويسير في ركابها ويبيح لنفسه ولهواه ما حرم الله حتى صار المجتمع يشهد من آثار ذلك من الجرائم التي يندى لها الجبين والتي وصلت لحد القتل وسفك الدماء ما لا يمكن وصفه ولا حصره .
إن الذي يؤسف ويحزن أن يستفرغ الجهد في غير موضعه والأمة تعاني من أدواء مستعصية وأمراض مزرية تفتك بالمسلمين يغض الطرف عنها ويشغل الناس بمثل تلك القضايا الفرعية
#أما الأمر الثاني وهو أن القول بالاستحسان والجواز من بعض العلماء لا يعني أبدا قبولهم أو استحسانهم لما نرى عليه حال كثير من المحتفلين بالمولد من بدع ومنكرات تباعد بينهم وبين صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم .
وللأسف تجعلنا نرى في أفعالهم والله أعلم بمآلهم ما يبعدهم ويطردهم عن حوضه الشريف صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .
حيث يقول لهم بنفسه صلى الله عليه وسلم:
بعدا بعدا وسحقا سحقا كما ورد في الآثار .
فهل يجيز ابن حجر او ابن كثير أو غيرهم من العلماء الربانيين اتخاذ الدين لهوا ولعبا ،وجعل مولده صلى الله عليه وسلم مناسبة للغناء والتمايل والرقص والطرب بل وفي بعض تلك المجالس المزعوم أنها احتفاء برسول الله صلى الله عليه وسلم يُشرَب الحشيش والأفيون والبانجو وغيرهما من المسكرات والمخدرات ويحدث من المنكرات التي لا يمكن لمحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول بحلها أو حل المشاركة في مجالسها .
إن مما يحزن في هذا المجال عدم ذكر ذلك أو التأكيد عليه من قبل الداعين لإقامة الاحتفالات والموالد مع أن الحاجة ماسة لذلك ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وكثير ممن يستمع إليهم يجد في قولهم وسيلة وذريعة لفعل ما تشتهي نفسه ويملي عليه هواه .
ومما سبق يظهر لك :
أن مقاصد العلماء الربانيين متحدة وإن كانت مسالكهم لتحقيق تلك المقاصد مختلفة، والذي ينبغي أن ينشغل به كل محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو تحقيق تلك المقاصد السامية في هذه القضية وفي غيرها .
ومنها أن نذكر الناس بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم دوما وأن ندعوهم لحسن الاقتداء به في كل شؤونهم ، وأن نحذرهم من البدع والمنكرات التي يفعلها كثير من الجهال والمبتدعة في هذه المناسبة وفي غيرها .
والله تعالى أعلى وأعلم