باكستان المنكوبة.. اسلام اباد تتهيأ لمزيد من الفيضانات
أفادت وكالة أسوشييتد برس أن باكستان تتهيأ لمزيد من الفيضانات في مناطق الجنوب، مع تدفّق سيل من المياه في نهر السند، الأمر الذي يفاقم الدمار في دولة يشهد ثلثها بالفعل كارثة يُلقى باللوم فيها على تغيّر المناخ.
ويأتي ذلك في حين أعلن مسؤولو صحة محليون تفشّي أمراض منقولة من المياه بين الباكستانيين في مناطق سبق أن تعرّضت لفيضانات قياسية في الآونة الأخيرة.
وتسبّبت الأمطار القياسية وذوبان الأنهر الجليدية في منطقة الجبال الشمالية بالبلاد في فيضانات أودت بحياة ما لا يقلّ عن 1191 شخصاً، من بينهم 399 طفلاً. وعقب ذلك، دعت الأمم المتحدة إلى جمع 160 مليون دولار أميركي للمساعدة في ما وصفته بأنّه كارثة مناخية غير مسبوقة.
وقال المتحدث باسم حكومة إقليم السند مرتضى وهاب للوكالة : نحن على درجة عالية من التأهب، إذ نتوقّع أن تدخل المياه المتدفقة في النهر من جرّاء الفيضانات الشمالية الإقليمَ خلال الأيام القليلة المقبلة.
أضاف وهاب أنّ تدفّق نحو 600 ألف قدم مكعبة من المياه في الثانية قد يؤدّي إلى ارتفاع منسوب مياه نهر السند واختبار دفاعاته المضادة للفيضانات.
وشهدت باكستان زيادة في الأمطار بنسبة 190% تقريباً مقارنة بمتوسط 30 عاماً، وذلك في ثلاثة أشهر ما بين يونيو وأغسطس الماضيَين. ويُعَدّ إقليم السند، الذي يبلغ تعداد سكانه 50 مليون نسمة، الأكثر تضرراً، مع زيادة نسبتها 466% في كمية الأمطار مقارنة بمتوسط 30 عاماً.
وفيما غمرت المياه بعضاً من أجزاء الإقليم، لجأت مئات الأسر إلى الطرقات التي صارت المساحة الجافة الوحيدة أمام كثيرين. وجرفت الفيضانات منازل وشركات وبنية تحتية وطرقات، ودمّرت محاصيل مزروعة ومخزنة، فيما غمرت المياه نحو مليونَي فدّان من الأراضي الزراعية.
وأفادت الهيئة الوطنية للتعامل مع الكوارث بأنّ نحو 480,030 شخصاً نزحوا إلى مخيّمات، لكنّ الخطر يتهدّد كذلك الذين لم يُضطروا إلى ترك منازلهم. وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف، من أنّ أكثر من ثلاثة ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وهؤلاء معرّضون لخطر متزايد من جرّاء الأمراض المنقولة بالمياه والغرق وسوء التغذية، بسبب أسوأ فيضانات في تاريخ باكستان الحديث.
وبيّنت منظمة الصحة العالمية أنّ أكثر من 6.4 ملايين شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية. وقد بدأت المساعدات في الوصول على متن طائرات محمّلة بالأغذية والخيام والأدوية، معظمها من الصين وتركيا والإمارات.
وفي السياق الصحي، مع القلق من تفشّي الأمراض التي تنتقل في مثل هذه الظروف، كثّفت السلطات الباكستانية جهودها لتوفير مياه شرب نظيفة لمئات الآلاف ممّن فقدوا منازلهم من جرّاء الفيضانات. يُذكر أنّ الإسهال والأمراض الجلدية والتهابات العين تنتشر في مخيّمات الإغاثة التي أقامتها الحكومة في أنحاء البلاد المختلفة.
يُذكر أنّه أُبلغ عن أكثر من 90 ألف حالة إسهال في واحدة من أكثر مقاطعات السند تضرّراً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بحسب تقرير صادر عن مسؤولي الصحة في البلاد. ويأتي ذلك بعد يوم من إشارة باكستان ومنظمة الصحة العالمية إلى قلق من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه بين متضرري الفيضانات.
وتُلقي باكستان اللوم على تغيّر المناخ في هطول الأمطار الموسمية مبكراً وغزارتها غير المعتادة، والتي تسبّبت منذ يونيو الماضي في الفيضانات المفاجئة التي أثّرت على نحو 33 مليون شخص، علماً أنّ نحو مليون منزل إمّا تضرّرت أو دُمّرت.
وعلى الرغم من انحسار مياه الفيضانات في أنحاء مختلفة من البلاد، فإنّ مناطق عديدة في السند ما زالت غارقة فيها. ويقيم نحو نصف مليون نازح بسبب الفيضانات في مخيّمات الإغاثة. كذلك أقيمت آلاف المخيّمات الطبية في المناطق المنكوبة لعلاج الضحايا إلى جانب نشر وحدات طبية متنقلة، بحسب ما ذكر وزير الصحة في السند أزرا فضل بيتشوهو.
وتعمل منظمة الصحة العالمية على تعزيز عمليات مراقبة الإسهال الحاد والكوليرا والأمراض المعدية الأخرى، إلى جانب توفيرها الإمدادات الطبية للمرافق الصحية.
وأفاد أطباء بأنّهم عاينوا في البداية أشخاصاً أصيبوا بصدمات نفسية بسبب الفيضانات، لكنّهم اليوم يعالجون الآلاف من الإسهال والالتهابات الجلدية وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه. كذلك، تتعرّض نساء حوامل كثيرات في المناطق المتضررة من الفيضانات لخطر الإجهاض.
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإنّ 6.4 ملايين من ضحايا الفيضانات في باكستان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وإنّ ثمّة 650 ألف امرأة حامل تقريباً في المناطق المتضرّرة من الفيضانات، من بينهنّ 73 ألف امرأة من المتوقّع أن يلدنَ في الشهر المقبل، وهؤلاء جميعهنّ بحاجة إلى خدمات صحة الأم، ويواصل رجال الإنقاذ مدعومين من الجيش إجلاء المتضرّرين إلى مناطق أكثر أماناً.