سيد الضبع يكتب: علامات استفهام حول التشكيل الوزاري الأخير
لماذا الإبقاء على وزير الأوقاف الذي يفتقر للقبول الشعبي؟
لماذا الاستغناء عن خالد العناني عالم المصريات وتعيين مصرفي بدلا منه؟
ما هي أسباب خلو منصب وزير الإعلام حتى تاريخه؟
وزير التعليم الجديد ترك من أفنوا حياتهم في الميدان وهرول لتكريم لبلبة
الاعتمادات المستندية للمستوردين وراء استقالة عامر .. والرئيس يصحح الأوضاع
علامات استفهام كثيرة لازالت تلقي بظلالها على التشكيل الوزاري الأخير الذي مر على إعلانه 17 يوماً بالتمام والكمال ولازال الجميع يتساءل عن أسبابه وتوقيته، حتي أن البعض وصفه بالترقيع الوزاري لعدم تلبية طموحات أغلب فئات الشعب المصري.
من بين أهم علامات الاستفهام التي أحاطت بهذا التعديل، بقاء وزير الأوقاف محمد مختار جمعة في منصبه رغم أنه لا يمتلك أي قدرات تمكنه من تولي حقيبة وزارية، وسيرته الذاتية تخلو تماماً من أي مقومات إدارية، وهو أبعد ما يكون عن فنون الإدارة، وبعيداً عن الإدارة فهو يفتقر للقبول الشعبي، خصوصاً وأنه على تماس مباشر مع أغلب فئات المجتمع.
الأدهى من ذلك هو الموقف الذي تعرض له على الهواء مباشرة بعدما أخطأ في قراءة سورة الفاتحة وهو المقطع الذي تداولته مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء حول العالم وأفقده الكثير كشخصية عامة.
والأخطر مما سبق، الشبهات التي أثيرت حوله، بعد توجيه اتهامات صريحة له من قبل اعلاميين وقانونين على الهواء مباشرة بأنه متهم في قضايا قديمة قبل توليه الوزارة.
تلك الاتهامات الصريحة دعت الرأي العام للتيقن من خروج وزير الأوقاف في أول تعديل وزاري، إلا أن بقاءه كان مفاجأة من العيار الثقيل تستدعي البحث عن سر بقاءه.
من علامات الاستفهام الأخرى التي لازالت تلقي بظلالها على التعديل الوزاري، الاستغناء عن وزير السياحة والأثار السابق الدكتور خالد العناني عالم المصريات المعروف عالمياً، وعضو المعهد الفرنسي للأثار الشرقية وعضو المعهد الالماني للأثار والذي نجح في إدارة ملف الأثار عن جدارة، وبدلاً من مكافأته تم تعيين الدكتور أحمد عيسى الرئيس التنفيذي لقطاع تجارة التجزئة المصرفية بالبنك التجاري الدولي بدلا منه، وهو أبعد ما يكون عن تلك الحقيبة الوزارية التي تتطلب وزيراً على قدر من الدراية بالتعامل مع الآثار وعلوم المصريات.
وأمام ذلك فالكثير لازال يؤكد أنه وزير الصدفة أو بمعنى أدق وزير تشابه الأسماء بينه وبين الدكتور أحمد عيسى أستاذ الأثار المصرية القديمة بجامعة القاهرة، على غرار فيلم معالي الوزير بطولة الفنان الراحل أحمد زكي.
أيضا من علامات الاستفهام التي لازالت تبحث عن إجابة ، مصير منصب وزير الإعلام الذي لازال خالياً حتى تاريخه ، بعدما قدم الوزير السابق اسامة هيكل استقالته في 25 ابريل 2021 لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ومنذ ذلك الحين لم يعلن اسم الوزير الجديد أو الإعلان عن الغاء وزارة الإعلام.
ومن وزير الإعلام إلى وزير التربية والتعليم الجديد الدكتور رضا حجازي الشريك الرئيسي للوزير السابق طارق شوقي في كل الاستراتيجيات الفاشلة، والذي أعلن في أول اجتماع له أن الدكتور طارق شوقي هو من وضع حجر أساس تطوير العملية التعليمية، مشدداً على ضرورة استكمال مسيرة العمل داخل الوزارة بنفس الروح ومشاركة كل الجهات المختصة في العمل المؤسسي وعملية صنع القرار.
وقال نصاً : "لا تغيير فى فلسفة المنظومة التعليمية ونحن جميعًا شركاء فى استكمال هذا الجهد، وكل فرد من أبناء الوزارة لديه مسئولية في تطوير العملية التعليمية.
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا التغيير اذا، كان من الأجدى ترك الوزير السابق طارق شوقي يكمل ما بدأه بدلاً من عرقلة مسيرة التطوير التي لم تؤت بثمارها حتى الآن.
الغريب أن الوزير الجديد لم يعبأ بتقدير من أفنوا حياتهم في الميدان التربوي من معلمين وموجهين ومديري مدارس وهو واحد منهم وراح يكرم الفنانة لبلبة أمس على دورها التربوى في أحد المسلسلات الذي عرض في رمضان كمديرة مدرسة.
يا معالي الوزير .. الأولى بالتكريم هم أصحاب الإسهامات الحقيقية في الميدان التربوي الذين بات الكثير منهم لا يقوى على تدبير احتياجاته الشهرية، ولجأ منهم الكثير للعمل بمهن لا تليق بهم كمعلمي أجيال.
نحن نقدر الفن ورسالته، لكن أولويات المرحلة الراهنة تتطلب من معالي الوزير التفرغ الكامل لحل المشاكل التعليمية المتراكمة بمختلف المحافظات ووضع حلول ناجعة وعاجلة لها، بدلاً من تكبد عناء الذهاب لتكريم الفنانين عن أدوارهم في مسلسلات تقاضوا عنها الملايين، في الوقت الذي يعاني فيه الابطال الحقيقيين شظف العيش.
ولفداحة الموقف المستفز من معالي الوزير أعلن محمد سعد الصمودي عضو مجلس النواب تقدمه بطلب إحاطة إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، بشأن قيام وزير التربية والتعليم الدكتور رضا حجازي، بتكريم الفنانة لبلبة.
وقال النائب، تفاءلنا كثيرًا بتغيير وزير التربية والتعليم السابق الدكتور طارق شوقي، والاستعانة بنائبه الدكتور رضا حجازي في حقيبة التعليم التي تحتاج إلى علاج جذري لكل أركان منظومتها بداية من المعلم مرورًا بالطالب وصولًا إلى المدرسة.
وأستنكر "الصمودي" مبادرة حجازي قائلاُ : " بدلًا من أن يقوم الوزير الجديد بجولات ميدانية على أرض الواقع للمدارس للوقوف على حقيقة المنظومة والاستماع إلى رؤى وأفكار المعلمين والخبراء والمعنيين بالشأن التعليمي في مصر، لوضع خارطة عمل واستراتيجية للمنظومة خلال الفترة المقبلة، وجدناه يقوم بتكريم الفنانة "لبلبة" عن دورها في أحد المسلسلات، قامت فيه بدور مدير مدرسة.
لم تنته علامات الاستفهام عند ذلك الحد بل امتدت لتشمل طارق عامر محافظ البنك المركزي الذي تقدم باستقالته في 17 اغسطس 2022 لينهي ولايته الثانية قبل أن تكتمل في نوفمبر 2023.
بعض المصادر المصرفية أكدت أن استقالة عامر ترجع إلى خلافاته المستمرة مع القطاع الخاص بشأن فتح الاعتمادات المستندية للمستوردين وهو ما ساهم في تعطيل بعض الاعمال وتعثر عدد من الصناعات، إضافة إلى تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي يدرس ضخ قرض جديد لمصر.
وأشير هنا إلى أن البنك المركزي أصدر قرارًا منتصف فبراير الماضي بوقف التعامل بمستندات التحصيل في كافة العمليات الاستيرادية وذلك في إطار توجيهات حوكمة عمليات الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات التي سيبدأ تطبيقها إلزاميا اعتباراً من بداية شهر مارس المقبل بصورة كاملة باستثناء 15 سلعة استراتيجية لتخفيف الضغط على النقد الأجنبي الذي سجل تراجعا بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها العالمية.
تداعيات القرارات الخاطئة لعامر عجلت برحيله، حيث لاقى قرار المركزي اعتراضًا من عدد من منظمات الأعمال منها اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال المصريين واتحاد العام للغرف التجارية.
الغريب أن البنك المركزي تمسك بموقفه وأصر على تطبيق القرار وهو ما دفع هذه الجهات لمخاطبة رئيس مجلس الوزراء، الامر الذي ساهم في إحداث أزمة حقيقة تطورت إلى صدام ساخن.
وفي محاولة لتهدئة الأجواء أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو الماضي توجيهًا باستثناء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من فتح الاعتمادات المستندية بالبنوك قبل عملية الاستيراد، والعودة إلى النظام القديم من خلال مستندات التحصيل.
وأعلن تشكيل مجموعة عمل برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية كل من محافظ البنك المركزي، ووزير المالية، ووزيرة التجارة والصناعة، وجهات الاختصاص الأخرى، للقيام بالمتابعة الدورية والتقييم المنتظم لمنظومة إجراءات الاستيراد ومدى تلبيتها لاحتياجات عملية الإنتاج.
وأقرت البنوك في أبريل الماضي تعليمات جديدة تمنع قبول موارد النقد الأجنبي غير معلومة المصدر أو التي حصل عليها من شركات الصرافة، في العمليات الاستيرادية وهو ما ساهم بدوره في تأجيج الخلاف بين مختلف الاطراف المعنية.
لم ينته الأمر عند هذا الحد ، بل تسبب عدم التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على قرض جديد في زيادة الاحتقان، خصوصاً وأن الأمر يتطلب مرونة أكبر لصرف سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ورغم انخفاض سعر الجنيه بنسبة 22% أمام الدولار من مارس الماضي وحتى تاريخه، إلا أن الاتفاق لم يتم مع البنك الدولي.