جريدة الديار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 06:43 مـ 4 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
إفتتاح معرض بداية لتنمية الأسرة ضمن المبادرة الرئاسية ”بداية”ولمدة 3 أيام فى البحيرة بتشريف رئيس الجمهورية..”القومي للأشخاص ذوي الإعاقة” يشارك في إفتتاح المنتدى الحضري العالمي في نسخته الـ 12 محمد صلاح فى مهمة صعبة مع ليفربول أمام ليفركوزن بـ دوري أبطال أوروبا وزارة الصحة تحذر من ”حقنة البرد”: تركيبة اجتهادية ليس لها أساس علمى وزيرة البيئة تشارك في الحوار رفيع المستوى حول المدن و أزمة تغير المناخ نتائج الانتخابات الأمريكية.. تعادل بين هاريس وترامب فى أصغر قرية أمريكية مفوض الأونروا: إسرائيل تنشر معلومات مضللة للإضرار بسمعة الوكالة القبض على المتهمين بسرقة تحف وكتب من شقة بالعجوزة الاستماع لأقوال المؤرخ ماجد فرج فى بلاغ سرقة تحف وكتب من شقته بالعجوزة غارات لجيش الاحتلال الإسرائيلى على المنطقة الصناعية بمحافظة حمص السورية كواليس وفاة سيدة وإصابة زوجها في حادث بالعجوزة محافظ البحيرة والقنصل الفرنسي تتفقدان معالم رشيد الأثرية والتاريخية ” صور ”

سيد الضبع يكتب: الثائر الجنوبي ”رمضان عبدالعليم” شاعر الحلم العربي

عرفته منذ ما يقرب من عشرون عاما ثائرا وعاشقا للوطن، يسعى لبناء أحلامه على ضفاف النيل وبين أروقة المحروسة التي كان يحتضنها كلما قدم إليها من الجنوب المنسي سفيرا أنيقا حاملا هموم أبنائه ناثرا الأمل بين محبيه.

لم يكن كأبناء جيله ساعيا لبناء منظومته الشخصية فحسب بل حالما بتضميد جراح الوطن بعدما أنهكه ثالوث الفساد والإهمال والتآمر وهو ما بدى واضحا في نصوصه الشعرية التي وصفت أوجاعه.

لم يختلف عليه أحد ممن تعاملوا معه عن قرب بعدما قذف محبته في أفئدة منتقديه قبل مؤيديه، ليتخذ من الشعر خليلا يتقاسم معه أحلامه بعد رحيل الرفاق ليرصد بنصوصه الشعرية أحلامه الوطنية.

"وفِيه ألف مَعنَى

يكون للمعبَد مَبْنَى

كما للْجَبَل صدرْ وكِتفْ

وللنّخِيل هَامَاتْ وصَفْ

للحِلم نظرةْ وكَفّْ

قاماتْ وظِلَالْ

كما لكْ يا نِيلْ

حُوضْ وشَطّ وجَرْفْ

ودلَالْ …..

أكتُب الكلمةْ الحلَالْ

كما تخلق (الشّام) الجمَالْ

عَلِي مهلْ …

وتحبّ عَلَى عَجلةْ

تضْنّ المحبّة يا نيلْ

تفِيض دمُوع دَجلة"

مسافات تختزل ومعاني تكثف وتعجن القصائد بدماء وطنية في نصوص الشاعر رمضان عبد العليم، وهو أحد أشهر شعراء العامية في صعيد مصر، وأكثرهم حضورا في الأمسيات الشعرية والمهرجانات، وتأسس حضوره على هذا الوجود الثابت والمؤثر على جمهور اعتاد سماع أشعاره

وُلد رمضان عبدالعليم في أرمنت سنة 1954، وبدأ حياته الإبداعية مبكرا، وتكمن المفارقة في تأخره كثيرا في نشر أعماله الشعرية، وكانت باكورة أعماله الشعرية عام 1996، وقد نشر ديوانين دفعة واحدة هما "مشاوير عبدالصبور"، و"الفاتحة للنيل"، وتوقف عن نشر أعماله، وبعد 13 عام تقريبا، وسنة 2009.

نشر ثلاث مجموعات شعرية دفعة واحدة، هي: "عطش الفرات"، "الغيم الغريب"، "الصلاة على الأسرى"، توقف الشاعر مرة أخرى عن طبع أعماله كعادته حتى سنة 2021. حيث أصدر مجموعته الشعرية السادسة، "التّحيّاتُ للنّيل".

يؤمن الشاعر رمضان عبد العليم بأن أذن المتلقي هي منتهى النص وبأن العامية المصرية تتجلى في الأداء الشفاهي أكثر، معتمدا في ذلك على اللغة التي يتكلم بها الناس من حوله، لا اللغة التي يقرأون ويكتبون بها والتي تخاطب حاسة البصر، ويبدو أن تلك العقيدة هي التي أبطأت صدور دواوينه بالشكل الاعتيادي أو المتعارف عليه.

والشاعر رمضان عبدالعليم، أحد قيادات التيار الناصري في صعيد مصر تحديدا في محافظة الأقصر، وقد سبق له خوض انتخابات مجلس الشعب، وكان ذلك في مواجهة مرشحي جماعة الإخوان، حيث برز اسمه بعد مشاركته في ثورة 30 يونيو، وتم ترشيحه من جانب القوى الوطنية لتولي منصب محافظ الأقصر، استنادا إلى تاريخه السياسي ورصيده في العمل العام لسنوات عديدة.

اختلطت دماؤه بدماء ثورة يوليو 52 وكان حلمه الأشمل يسيطر عليه وعلى عمله السياسي فالحلم الناصري في توحيد عالم عربي كبير كان حجر زاوية مشروعه الذي تبناه شاعرنا وحرص على تحقيقه في الشارع السياسي وفي الشعر أيضا، رمضان عبد العليم شاعر راهن بحياته على حب الوطن، لم يتاجر بنضاله وكفاحه ولم يتكسب من شاعريته وثوريته كما فعل الكثيرون لتحقيق مكاسب شخصية وقع في شباكها الكثير من رفاقه، بينما ظل على نقائه الثوري، والآن تجاوز الستين من عمره وأنهكه المرض، إلا أنه لازال شامخا كالنخيل.

في شعره تظهر دائما تلك النزعة الأصيلة لشاعر الجنوب الحريص على تصدير هويته كحارسة للتراث ومقاومة لسلبيات الوطن أو ما حل به من كوارث، ودائما ما تنتصف المسافة بين زمنين أحدهما إشكالي والآخر مثالي نموذجي كمثالية هويته، وتظهر تلك الآلية بشكل قوي في رمزية الصعيدي المثالي، ورمزية المدينة الكارثية، وهو في ظل ذلك يعتمد على تراثه الصعيدي المصري من جانب والعربي القومي من جانب آخر.

في هيئته المجازية يطل نهر النيل من عالم الشاعر، يقول في احدى نصوصه للنيل:

"عَلمتنا حِلو الكلَم

لما نتحدثْ

وإن نحيد نتلوثْ

علمتنا الصّبرْ

وإن عَلَى شكل الخُوف

المتأصِّل

المتوصِّل أعمار.. أعمار

كأنِّ قلبي متنصِّل".

وتعكس هذه الفقرة الشعرية مثالية الهوية التي اكتسبها الشاعر الجنوبي حينما علمه النيل الكلام والصبر و، فارضا بتلك التعاليم سلطة مجازية على ما ينافشه في نصوصه الشعرية من موضوعات أهتم متلقيه أن يعالجها شفاهيا.

ترتكز تجربة رمضان عبد العليم الشعرية حول النيل كما نرتكز نحن المصريين حوله منذ آلاف السنين، وبالنظر لعناوين دواوينه تنكشف هذه المركزية عن حضوره كرمز للحياة والتعايش، مثلا ديوانه "الفاتحة للنيل" وديوانه "التحيات للنيل"، وتنغلق نصوص هذه الدواوين على القضايا المصرية، ويتسع نطاق قوميته العربية في ديوانه "عطش الفرات" ليشمل قضايا عربية عالقة في حيز مائي تطفو من أعماقه الشعر.

أكثر ما يميز نصوص الشاعر طول القصيدة، ومدى استيعابها للحيز المكاني والزماني الذي تدور فيه معاني القصيد حول موضوعها، وبالملاحظة نجد أن تلك النصوص هي الأكثر إلقاء وشهرة بين جمهوره العريض في الصعيد، الذي اعتاد أن يتلقى ملاحم رمضان عبد العليم الشعرية.