جريدة الديار
الأحد 1 ديسمبر 2024 06:45 صـ 30 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد سعد عبد اللطيف يكتب: الدوافع الجيوبولتيكية وجغرافية الصراعات

محمد سعد عبد اللطيف
محمد سعد عبد اللطيف

مع بداية الألفية الجديدة أعتقد الكثير من الغرب أن القرن الواحد والعشرون هو" قرن الحرب ". وأن الحرب تحركها الجغرافيا ويدفع ثمنها البسطاء.

من الهروب من جحيم الحروب عبر الحدود السياسية للدول وتدافع موجات الهجرة غير الشرعية في التحدي للبيئات الجغرافية والديمغرافية للدول : ومع مطلع هذا القرن الحالي . وأحداث برجي التجارة العالمي واعلان الحرب علي الإرهاب في افغانستان والعراق؛ أشار الكاتب /كولن فليت في كتابة عن جغرافيا الحروب و علماء الجغرافيا من الناحية الاكاديمية بوجود فلسفة جديدة بولادة جغرافيا جديدة من رحم المعارك التي سوف يشهدها هذا القرن .كذلك ربط "كولن " العلاقة بين ( الجغرافيا والحرب والسلام والدبلوماسية ).

وهل تسهم الجغرافيا في رسم سياسات جديدة من احلاف عسكرية ونظام عالمي جديد بعد أوجاع وضربات فيروس كوفيد 19 "؟ ومع صعود التنين الصيني والدب الروسي اقتصادياًوعسكرياً

ولاعبيين دوليين في الخلفيات المكانية؛ في عالم يموج بالصراعات المسلحة وتأثير ذلك في شكل جديد للخريطة السياسية . وارجع البعض ان الجغرافيا تلعب دوراً كبيرا وراء موجات الحرب .وتلعب الجغرافيا الجديدة والدبلوماسية في الفضاءات العامة والمتنوعة في قضايا النوع والسلام والاحلاف .

فزيارة الرئيس "جو بايدن" للشرق الأوسط والزيارة المرتقبة للرئيس الصيني (للملكة العربية السعودية ) تؤكد علي صراع جيوسياسي لبناء تحالفات جديدة للحرب الساخنة.اعقبها زيارة الرئيس الروسي "بوتن "لإيران بحضور لاعب صاعد في السياسة الدولية ولاعب مهم في الإطار الجغرافي والإقليمي الرئيس التركي/رجب اوردغان / وبالرغم من سياسة بايدن الخارجية التي تبدو أقل انخراطاً في الشرق الأوسط وتعطي أولوية استراتيجية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن التمدد المالي والاقتصادي للصين في منطقة الشرق الأوسط والروابط القوية التي بدأت تنسجها بكين وروسيا مع غالبية القوى الإقليمية ستفرض على الولايات المتحدة تعميق علاقاتها مع حلفائها الرئيسين، والحفاظ على أدوارها في المنطقة دون السماح لمزيد من الفراغات التي يتسلل إليها النفوذ الصيني.

ومع تداعيات الحرب الدائرة في شرق أوروبا والحروب الأهلية في الشرق الأوسط والصراع الحالي في المحيط الهادئ والهندي .من صراع بدأ مع نهاية الإنسحاب الأمريكي الفوضوي من افغانستان بتكوين مجموعه الثلاث . "اوكوس "بين الولايات المتحدة واستراليا وانجلترا" ساعد علي تأجيج صراع جيو-استراتيجي في منطقة حساسة من العالم بين《 الصين وتايوان 》 ودول الجوار في صراع من يملك النفوذ في البحر الأصفر وبحر الصين الجنوبي والأهمية الجغرافية للموقع؛-

من النقاط الحيوية التي أكسبت منطقة المحيطين" الهندي والهادئ" ثقلها هي وقوع بحر الصين الجنوبي في نطاقها الجغرافي، حيث يقع البحر بين شرق المحيط الهندي وغرب المحيط الهادئ ويحاط بتسع دول هي (الصين وفيتنام وكمبوديا وتايلاند وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وبروناي والفلبين)، ويحتوي البحر على عدد كبير من الجزر الصغيرة والمهمة. يمتلك بحر الصين الجنوبي أهمية استراتيجية كبيرة بسبب وقوعه في نطاق مسارات الشحن البحرية الأكثر كثافة في العالم والتي يمر عبرها ما يزيد عن نصف التجارة الدولية، وهو الأمر الذي جعل بحر الصين الجنوبي مسار تنافس بين دول المنطقة والقوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين لضمان تأمين مصالحهم الجيوسياسية. ومع اكتشاف كميات هائلة من النفط في البحر الصين الجنوبي.كما اعلنت عنها من قبل/ وكالة ناسا" الأمريكية واستحواذ الصين علي معظم المياه التي تقدر بحوالي 85% من المياه الاقتصادية .ازعج الإدارة الأمريكية في فترة حكم" ترامب وكذلك بايدن" في البحث عن ذريعه لدخول الصين في صراع تاريخي قديم عسكري مع تايوان .ومع اهتمام كبير من الجانبين الأمريكي والصيني في بحر الصين الجنوبي. توجد لواشنطن مصالح في البحر تعتمد على تأمين الملاحة للسفن العسكرية والتجارية الأمريكية التي تجوب منطقة المحيطين الهندي والهادئ عبر بحر الصين الجنوبي، في حين أن مصالح بكين تعتمد على تحويل البحر إلى مجال حيوي لمصالحها السياسية والاقتصادية، فضلاً عن احتياطيات النفط المتوقعة في البحر والتي تأمل من خلالها الصين أن تقلل من اعتمادها الكبير على واردات النفط من الخارج.

وتلعب الولايات المتحدة في خلق صراع جديد وتوتر بين( تايوان والصين) بدأ مع زيارة السيدة نانسي رئيس البرلمان في رحلة بطائرة عسكرية للاستفزاز الجانب الصيني .كما ساعدت بكل الطرق في نشوب صراع شرق اوروبا وشيطنة الإعلام الغربي ضد روسيا .إن الدوافع الجيوبولتيكيا .للأمريكان في شرق أسيا .يبدو أن تحالف “أوكوس” لن يعيد للأذهان فقط صورة الولايات المتحدة كحليف عسكري قوي، ولكنه سيؤسس لمرحلة جديدة، عنوانها صراع جيوسياسي حاد بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وبين الصين من جهة أخرى، يعزز فرص الحرب الباردة التي تتشكل، ولكن في ثوب جديد لن يتحول فيه العالم إلى كتل جيوسياسية صلبة على غرار الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.كما صرح من قبل الرئيس "بوتين " لن يعود العالم كما كان علية سابقاً !!

ليعيد للغرب ذاكرتهم في القرن المنقضي من حروب حصدت الملايين من ضحاياها من جراء الحربيين العالمية الأولي والثانية وفي "فيتنام وكمبوديا واندونسيا وحروب في امريكا الجنوبية وافغانستان وفلسطين واقليم كشمير والصراع العربي الإسرائيلي والحرب القذرة في لبنان والبوسنة وكوسفو وفي افريقيا في حروب اهلية" واختلف مع نظرية الغرب ان القرن الحالي قرن الحرب الذي اعتقد الكثير ان هجمات الحادي عشر من سبتمبر /2001 م هي بداية الحرب وصراع الحضارات وسقط من ذاكرتهم الضحايا من الملايين من الحروب منذ عقود قليلة .

العلاقة بين الحرب والجغرافيا في الصراع الدائر في العالم ؟

أولا:- يجب أن نفهم( الحرب والجغرافيا) في أشكالها المختلفة، فالإثنتان متشابكتان،فكانت أوكرانيا وروسيا البيضاء في نظر الروس هم "روسيا الصغري" .للإمتداد اليابسة المتجانسة والتاريخية والعرقية والدينية ؛وكانت الهواجس والتخوفات الروسية من الأمتداد حلف الناتو شرقا بسبب الطبيعة السهلة للسهل الأوروبي الي العمق في روسيا من غزوات سابقة من نابليون وهتلر . ولننظر مثلاً إلى صورتين مشهورتين لحالة الحرب لكل منهما دلالات جغرافية مختلفة، حيث تتمثل الأولى في النصب التذكاري للقوات التي قُتلت في معركة "إيوجيما "اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية والتي تظهر جنود البحرية الذين أنهكتهم الحرب وهم يرفعون علم الولايات المتحدة ليعلنوا سيطرتهم على الجزيرة، وهذا نصر إقليمي في حرب عالمية. بينما تتمثل الحالة الثانية في الصورة التي تم تداولها على نطاق واسع بعد هجمات 11من سبتمبر 2001م والتي تصور" أسامة بن لادن" وهو على بساط الريح تطارده وتحاول تدميره طائرة مقاتلة أميركية، فحالة الحرب والأبعاد الجغرافية تختلف في الحالتين ولكن التأمل في الصورتين يشير إلى أن العلاقة بين الحرب والجغرافيا متصلتان اتصالاً وثيقاً ؛- حيث يبرز أثر الجغرافيا والمكان كمحرك لطبول الحرب.

الصراع الجيوسياسي في المحيطين الهندي والهادي ؟

تعتبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ حلبة رئيسية للتنافس والصراع الحالي بين الولايات المتحدة والصين، وتمتد الأهمية من الموقع الجغرافي من الساحل الأفريقي الشرقي المطل على المحيط الهندي إلى جنوب المحيط الهادئ مرورا بجنوب شرق آسيا. زادت القيمة الاستراتيجية للمنطقة بشكل كبير مع بدايات العقد الماضي ومع التغيرات التي طرأت عليها، حيث تزايد ثقلها السياسي والاقتصادي والديمغرافي بشكل متسارع مما جعلها واحدة من أهم المناطق الساخنة في العالم والتي تشير كثير من التوقعات إلى أنها ستساهم في رسم خريطة جديدة للتفاعلات الدولية وتحديد مستقبل النظام الدولي في العقود المقبلة.