عبدالرحمن حسن يكتب: تدجين الرجال في قانون الأحوال.. والأطفال القنبلة الموقوتة
لمن لا يعلم، التدجين هو تحوير جيني في فئة أو نوع حيواني ليكسب من خلالها صفات وراثية جديدة، وتهدف تلك العملية لتحويل أفراد ثم مجموع من تلك الفئة لتصبح معتادة السيطرة عليها من قبل المُدجن، ليتم بها خلق نوع جديد من هذه الفئة خاضعة لإرادة المُدجن نفسه.
وفي حالتنا نحن كرجال مصريين، نرى عملية تدجين واضحة للرجال بنصوص قانونية تبني في مجملها قانون الأحوال الشخصية، سواء في شكله الحالي، أو المقترحات المطروحة من المجلس القومي للمرأة والجمعيات النسوية المختلفة.
فتواجه مصر منذ فترات طويلة عملية تدجين وقمع واضحة للرجل المصري، لتتحول قوامته لاستئناسه، وقوامته لتركعيه وإخضاعه.
حقيقة الأمر أن ما يواجهه المجتمع المصري على مر السنوات القليلة المنقضية، هو تدمير ممنهج لمبادئ وأسس المجتمع، المبنية على الشريعة الإسلامية في المقام الأول، وعلى العادات والتقاليد والأعراف في المقام الثاني.
ولعل أبرز ثمار قانون الأحوال الشخصية الحالي، التي حصدها المجتمع، هي أكثر من ١٥ مليون طفل شقاق، أصبح أغلبهم للأسف مُدمري الأنفس، غير أسوياء، نتيجة التربية غير المتزنة وغير المتكاملة والمتكافئة، نتيجة تربيتهم من قبل طرف واحد (الحاضنة)، بعيداً عن تنشأة سليمة بين أبوين يمثلا كفي ميزان التربية كما تعلّمنا، ليشكل هؤلاء الأطفال قنبلة موقوتة تهدد المجتمع المصري غداً، فأصبح هؤلاء الأطفال مشاريع خصبة للتطرف والإرهاب نتيجة لتلك التربية غير المتوازنة.
فبدون التطرق لتفاصيل الخلافات الزوجية التي تنتهي بالانفصال، نجد نفسنا أمام قانون يمنح الأم صك الملكية المطلقة للأطفال، اللذين هم من المفترض يُنسبون لأبيهم شرعاً وقانوناً، إلا أن القانون منح الأم حضانة الأبناء منفردة، واستمد من الشرع ولاية الأب عليهم ليصبح مُكلفاً بالإنفاق، مع استبعاد حقوقه التي تترتب على ولايته.
منح القانون الحق للمرأة في حضانة الأبناء حتى سن الـ١٥ برغم أن الأصل في الشرع هو سن التمييز (٧ للذكر و ٩ للأنثى)، واعتمد المُشرع وقتها على إرهاصات بعض الفقهاء الأندلسيين اللذين خالفوا فقهاء العرب والأئمة الأربعة شكلاً وموضوعاً وكأنهم حاكوا ديناً جديداً؛ ثم منح ذات القانون الأم الحق في الولاية التعليمية ثم الوصاية وكافة أوجه الولاية الآخرى، لتصبح بذلك الأم مالكة لحقوق الولي في القانون، ولم يبقى من الولاية للأب سوى الواجبات (الإنفاق).
يُلاحظ ملامح مشروع التدجين الرجالي في المجتمع المصري، في القمع للرجل تحت مسميات النسوية الشهيرة (المساواة)، ليتحول المجتمع المصري من مجتمع ذكوري لمجتمع قامع للذكور، طارد لهم، ويحثهم على العزوف عن تكوين أسر.
فكيف لرجل أن يأمن على نفسه في مجتمع يُطبق قانون يمنح طليقته الحق في مسكن الزوجية، ويلزمه بنفقات في أغلب الأحيان تزيد عن دخله الحقيقي، وإن تعثّر يُسجن، وينزع منه كافة أوجه الولاية على أبناءه، ويمنعه من تسمية أبناءه، وحتى من رؤيتهم بطريقة أدمية، ثم نتسائل عن سبب عزوف الذكور عن الزواج!!.
ولعل ما واجهه المجتمع خلال الفترة الماضية كان سبباً في توجه الدولة لمحاولة ضبط الموازين مرة أخرى، بصياغة مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، إلا أن المجلس القومي للمرأة والجمعيات النسوية التي لا يعلم أحد ما مخططها الحقيقي، بدأوا حرباً جديدة يحاولون فيها الإملاء على الدولة والمجتمع، مجموعة جديدة من الأفكار الدسيسة التي تخالف شكلاً وموضوعاً الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد المجتمعية، تحت شعار (حقوق المرأة المقهورة)، إلا أنها في الحقيقة تمثل مشروعاً ممنهجاً لتدجين الرجل وإخضاعه لسلطة نسوية مطلقة -خشية الاستنزاف والسجن والحرمان-.
سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلنا ثقة أن الدولة لن تنساق في مخططات دسيسة تجرد المجتمع المصري من خلفيته الدينية، ونتمنى عليك النظر للقضية بشكل موضوعي، فللأسف أصبح الرجل يحتاج لمجلس قومي للدفاع عنه أسوة بالمجلس القومي للمرأة، ويحتاج عدالة حقيقية تنصفه، وتحمي أبناءه المختطفين بإسم القانون؛ سيادة الرئيس، القوامة لم تعد للرجل، وأطفال الشقاق أصبحوا خطراً محدق في قلب المجتمع، ولكن الأمل لازال قائماً في تدارك ما وصلنا إليه من خراب مجتمعي وتفكك لمفهوم الأسرة.
نهاية.. نتمنى على كل من هو بصدد المساهمة في صياغة قانون الأحوال الشخصية الجديد أن يضع مصلحة الطفل نُصب عينه، ويضع أحكام الشريعة الإسلامية إطاراً لما يقدمه، حتى لا نزيد الطين بلة، ويتحول الرجل المصري لدجاجة بحكم القانون.