في ذكري اغتياله.. ما لا تعرفه عن الأديب يوسف السباعي
18 يناير 1978 بالتحديد من قبرص، داخل الفندق كان يجلس يوسف السباعي يقرأ الصحيفة في هدوء بعد أن انتهى من اجتماعاته الرسمية ضمن الوفد المصري المشارك في مؤتمر التضامن الأفرو آسيوي، وبصفته أمين عام منظمة التضامن الآسيوي، هاجمه مجرمان من منظمة أبو نضال وأطلقا عليه الرصاص اعتراضا على توقيع السادات لاتفاقية السلام مع دولة الإحتلال، كما تبني السباعي موقفا معاديا للقضية الفلسطينية حسب إدعاء القتلة.
أدى هذا الحادث على قطع العلاقات بين مصر وقبرص على خلفية نزول طائرة مصرية تحمل قوات خاصة للقبض على القتلة دون التنسيق مع السلطات القبرضية، حيث تجمع عدد من أعضاء الوفود و حاصروا القتلة داخل الفندق والذين أطلقوا القنابل المسيلة للدموع لتفرقة أعضاء الوفود في محاولة للهرب، ثم تفاوضوا مع القوات القبرصية من أجل الهروب خارج البلاد وهو ما وافقت عليه السلطة القبرصية، وبعد خروجهم رفضت أكثر من دولة استقبالهم.
وبعد هبوط الطائرة المصرية حدث تبادل إطلاق الرصاص يين القوات المصرية والجيش القبرصي ونتج عنه وقوع خسائر من الطرفين.
وفور عودة جثمان السباعي أٌقيمت جنازة رسمية له لم يحضرها السادات وأناب عنه الرئيس الأسبق حسني مبارك والمشير الراحل الجمسي.
وُلد يوسف محمد السباعي في الدرب الأحمر القاهرة في 17 يوليو 1917 ، تخرج من الكلية الحربية عام 1935 وعمل مدرسا بها ثم قائدا لفرقة من الفروسية في سلاح الصواري، بدأ الإتجاه للكتابة والأدب في بداية الأربعينات، وفي عام 1952 مديرا للمتحف الحربي و كان له الفضل في إنشاء سلاح المدرعات.
انشأ نادي القصة وتولى رئاسة مجلس إدارة ورئاسة تحرير عدد من المجلات والجرائد منها روز اليوسف، آخر ساعة، الهلال، الأهرام، وفي عام 1977 اصبح نقيبا للصحفيين، كما أصبح وزيرا للثقافة في نفس العام.
ورغم المناصب وانشغاله و حياته العسكرية إلا أن كل هذا لم يشغله عن الكتابة والأدب، وكتب أول قصة له وعمره 17 سنة وكانت بعنوان "فوق الأنواء" نشرها للمرة الألوى عام 1934 ومن حبه لها أعاد نشرها ضمن مجموعة قصصية "أطياف" عام 1946.
وأما قصته الثانية جاءت بعنوان (تبت يدا أبي لهب وتب) نشرها له "أحمد الصاوي محمد" في المجلة التي كان يصدرها باسم (مجلتي) عام 1935 إلى جانب أسماء الدكتور طه حسين وغيره من الأسماء الكبيرة وعام 1945 كانت تصدر في مصر كل يوم سبت (مجلة مسامرات الجيب) صاحـبها "عمـر عبد العـزيز أمين" صـاحب (دار الجيب) التي كانت تصدر أيضا روايات الجيب.
وترأس تحرير (مسامرات الجيب) "الأستاذ أبو الخير نجيب" الذي عرف بمقالاته الساخنة، وكان يوسف السباعي ضابطا صغيرا في الجيش يكتب قصة كل أسبوع.
ومن أشهر أعماله " إني راحلة، أرض النفاق، نائب عزرائيل، السقا مات، الأطلال، أم رتيبة، رد قلبي، نادية، نحن لا نزرع الشوك، جفت الدموع، العمر لحظة، يا امة ضحكت " وغيرها من الأعمال المتميزة والخالدة.
وأطلق نجيب محفوظ على السباعي لقب "جبرتي العصر" لأنه سجل بكتاباته الأدبية أحداث الثورة منذ قيامها حتى بشائر النصر في حرب أكتوبر المجيدة عبر أعماله: رد قلبي - جفت الدموع - ليل له آخر - أقوى من الزمن - العمر لحظة، وفي كتاب صدر بيروت بعنوان " الفكر والفن في أدب يوسف السباعي " وهو مجموعة مقالات نقدية بأقلام أجيال مختلفة على رأسهم طه حسين وقد أشرف الكاتب غالي شكري على تقديم هذا الكتاب وإعداده وأعلن أن أدب يوسف السباعي في مجمله ظاهرة اجتماعية فمن هنا تنبع الأهمية القصوى في إصدار هذه النماذج بين دفتي كتاب حول أدب يوسف السباعي.
أما توفيق الحكيم فيصف أسلوب السباعي بأنه سهل عذب باسم ساخر ويحدد محور كتبه بقوله أنه يتناول بالرمز والسخرية بعض عيوب المجتمع المصري ويتفق فريد أبو حديد مع توفيق الحكيم فيعلن أن أسلوب السباعي سائغ عذب سهل سليم قوي متين.
ويعرض الدكتور محمد مندور لرواية " السقا مات " فيعلن أن يوسف السباعي أديب من أدباء الحياة بل من أدباء السوق التي تعج بالحياة والأحياء وتزدحم بالأشخاص والمهن.