« زي اليوم ده» مقتل نوري السعيد آخر رئيس وزراء للعهد الملكي العراقي
نوري السعيد شخصية مثيرة للجدل ،فهو من أبرز السياسين في العراق والعالم العربي خلال تلك الحقبة ،كما أنه آخر رئيس وزراء في العهد الملكي العراقي.
ولد "نوري السعيد" في بغداد١٨٨٨م، حيث كان من الطبقة الوسطى، وعمل والده سعيد أفندي مدققاً في إحدى دوائر ولاية بغداد العثمانية، وجداه "صالح" و"ملا طه" من خطباء جامع الأحمدية.
تخرج "نوري السعيد "من المدرسة الحربية في إسطنبول، وخدم في الجيش العثماني وساهم في الثورة العربية وانضم إلى الأمير فيصل في سوريا، وبعد فشل تأسيس مملكة الأمير فيصل في سوريا على يد الجيش الفرنسي، عاد إلى العراق وساهم في تأسيس المملكة العراقية والجيش العراقي.
ولقد اضطر إلى الهروب مرتين من العراق بسبب انقلابات حيكت ضده.
و شغل " السعيد"منصب رئاسة الوزراء للمملكة العراقية ١٤مرة،
من أهم القرارات السياسية الذي كان له دورا رئيسي في تشكيل حلف بغداد 1954 والاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن 1958،كما كان له دور في تأسيس الأمم المتحدة ولاحت له أفكاره برئاسته .
وبعد قيام الثورة العراقية بقيادة "عبد الكريم قاسم" قرروا ملاحقة كل عناصر النظام الملكى.
و بعد سماع" نوري السعيد" بتفاقم الأحداث المتلاحق بعد إعلان الجمهورية- فإنه لم يكن لديه الوقت الكافي للمقاومة ولا للهرب- لذا حاول الاختباء لمدة يومين كاملين تمهيدا للهرب ومقاومة النظام الجديد.
فتنكر بزي امرأة ليتمكن من الفرار، واستقل سيارة انطلق بها إلى بيت صديقا له يدعى "الحاج محمود الأسترابادي" وهو التاجر الكبير.
وهنا أدرك قادة الثورة العراقية أن هروب" نوري السعيد" المعروف بدهائه وحنكته سيسبب لهم مصاعب جمة، وربما ينجح في إقناع الإنجليز بالإطاحة بالحكم الجمهوري الجديد.
لذا فخصصوا مكافأة مالية لمن يدل على مكانه،وتوالت إعلانات هرب "نوري السعيد "من خلال بيانات أذاعتها وزارة الداخلية العراقية، مما وجه اهتمام الشارع نحو البحث عن السعيد.
وفي الوقت الذي سعي فيه" السعيد "للخروج من العراق لتكوين حركة مقاومة ضد النظام الجديد ضاقت حلقة تحركاته.
وفي يوم 15 يوليو انطلق" السعيد" على وجه السرعة نحو بيت صديق له وهو" الشيخ محمد العريبي" عضو مجلس النواب وأحد المقربين في منطقة البتاويين وسط بغداد التي كانت تنتشر الفوضى بها جراء سقوط النظام الملكي وانهيار الدولة.
وفي بغداد تعرف إليه أحد الشبان وهو يحاول ركوب سيارة بعد أن انكشفت ملابسه التنكرية، وأبلغ الشاب السلطات برقم السيارة المنطلقة.
فنجحت قوات الأمن العراقية في تحديد مكانه.
ما لبث أن تطورت المواجهة إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة بين نوري السعيد وعناصر القوة الأمنية
في حين حوصر السعيد ولم يتمكن من دخول البيت أو الهرب عبر الأزقة المجاورة.
وهنا اختلفت الروايات حول مصرع السعيد ،فإحدى الروايات تذكر بأنه أصيب بعدد من الطلقات من قبل عناصر القوة المهاجمة والتي أدت إلى وفاته.
وتذكر رواية أخرى وردت في مذكرات الدكتور "صالح البصام" أحد أصدقاء نوري السعيد الشخصيين، بأنه عندما وجد نفسه محاصرا أطلق على نفسه رصاصة الرحمة، كي لا يعطي فرصة لخصومه للإمساك به وإهانته وتعذيبه.
وهنالك رواية أخرى ضعيفة أوردتها بعض المراجع أنه عند وصول قوات الأمن وجدت السعيد بالفعل ميتا.
وفي النهاية فإن قتل نوري السعيد يعتبر حلقة من حلقات إعدام العائلة المالكة في العراق من قبل حكومة الثورة العراقية.
وعرف عن" نوري السعيد "بأنه رجل الغرب في العالم العربي، ومات السعيد بعد 38 عاماً في السلطة ولم يمتلك داراً باسمه أو رصيداً في البنوك، وقامت الحكومة البريطانية
بتخصيص مبلغ قليل لزوجته يكاد يكفيها.
ومن الجدير بالذكر أن نوري السعيد دفن في مقبرة الكرخ.
ويذكر أن بعض الغوغائيين اخرجوا جثمانه وقاموا بالتمثيل به وسحله في شوارع بغداد، ثم سكب البنزين عليه وإشعال النيران، ليصبح رماد مبررين تلك الفعلة الشنعاء بأنه كان عميلا لبريطانيا والغرب.