جريدة الديار
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 08:56 مـ 23 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
استقبال كلية السياحة والفنادق زيارة اعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد للتقدم للاعتماد المؤسسي واعتماد برنامج بكالوريوس الارشاد السياحي مجلس جامعة الأزهر يقدم التهنئة بحلول العام الجديد 2025 ويؤكد على أهمية تهيئة المناخ المناسب مع قرب امتحانات الفصل الدراسي الأول محافظ الجيزة يهنئ الكنيسة الكاثوليكية بعيد الميلاد المجيد الرئيس السيسي يوفد مندوبين لحضور احتفالات عيد الميلاد المجيد ولي عهد مملكة البحرين يستقبل وزيرة التضامن الاجتماعي سقوط شهيدين في قصف إسرائيلي لمواطنين بمنطقة تل الهوا جنوب غزة حملة تنشيطية لتنظيم الأسرة بمدن خليج السويس بجنوب سيناء محافظ جنوب سيناء يعقد اجتماعا موسعا لمناقشة ملف التصالح *مشروعات رائدة لتطوير محميات الفيوم والأقصر.. حماية الطبيعة وتشجيع السياحة البيئية محافظ الدقهلية والقيادات الأمنية والعسكرية والتنفيذية يقدمون التهنئة للأخوة الأقباط الكاثوليك والروم الأرثوذكس الإمارات تمنح وزيرة البيئة المصرية وسام زايد الثاني من ”الطبقة الأولى” وكيل تعليم الدقهلية يفتتح فعاليات المؤتمر الثالث لريادة الأعمال و الذكاء الاصطناعي

الكاتب الكبير صلاح الإمام يكتب عن ميدان العباسية

ميدان العباسية .. تاريخه وحكاويه

فى الأصل كانت صحراء "الريدانية" التى شهدت المعركة الشهيرة

 بين العثمانيين والمماليك عام 1517

أعاد اكتشافها "عباس الأول" فشيد فيها قصرا منيفا وعمائر كثيرة وسميت "العباسية" نسبة إليه

جموع المصريين قرأوا فى كتب التاريخ عن موقعة "الريدانية" التى وقعت أحداثها عام 1517 بين جيش المماليك الذين كانوا يحكمون مصر منذ العام 1260، حتى تمكن السلطان العثمانى سليم الأول من فتح مصر وهزيمة المماليك بقيادة السلطان طومان باى، لكن الذى قد لا يعلمه الكثيرون أن الريدانية هذه هى نفسها منطقة العباسية، التى تسمت بهذا الإسم نسبة إلى "ريدان الصقلى" أحد أفراد حاشية الخليفة الفاطمى العزيز بالله، الذى يعد أول من استصلح صحرائها وأنشأ فيها بستانا كبير، فسميت المنطقة التى كانت حتى ذاك الحين مجرد صحراء جرداء باسم "الريدانية" نسبة إلى ريدان هذا، وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين منها للقاهرة، أهملت هذه المنطقة، ثم تغير اسمها إلى"الحصوة"، حتى أعاد اكتشافها "عباس الأول" ثالث حكام الأسرة العلوية.

   عباس حلمى الأول، هو ابن "أحمد طوسون" ابن محمد على باشا مؤسس الأسرة العلوية، وتولى حكم مصر بعد وفاة عمه ابراهيم باشا فى 14 نوفمبر عام 1848، وكان مقر إقامته بالقلعة، وكثيرا ما كان ينزل من القلعة إلى صحراء الريدانية، فأعجب بتلك المنطقة، وأمر بتشييد قصرا له فيها، وحكى المهندس فرديناند ديليسبس عن هذا القصر فقال أن نوافذه بلغت ألفى نافذة، وقال عن هذا القصر أنه مثل مدينة فى الصحراء، ثم أمر ببناء ثكنات الجيش فى تلك المنطقة، وفى عام 1851 أصدر عباس الاول إرادة سنية تقضى بأن تسمى هذه المنطقة باسم "العباسية".

   كانت السراى التى بناها عباس تعرف باسم "الخمس سرايات"، وأقيمت حولها القشلاقات فوق ربوة عالية لا تصل إليها مياه الفيضان، ثم أقام عدد من المدارس العسكرية، وشق طريقا ممهدا بين العباسية والقاهرة.

   وبعد مقتل عباس باشا فى 14 يوليو سنة 1854 فى بنها، تولى من بعده محمد سعيد باشا (الإبن الرابع لمحمد على باشا)، فتوسع فى إنشاء ثكنات الجيش بالحى الجديد، واقام المدرسة التجهيزية عام 1863 التى نقلت عام 1868 (فى عهد الخديوى اسماعيل) إلى درب الجماميز وعرفت باسم "المدرسة الخديوية".

   وبعد وفاة سعيد باشا، تولى حكم مصر اسماعيل ابن ابراهيم باشا فى 18 يناير 1863، وهو أول من حاز لقب "خديوى"، وأدرك موقع حى العباسية، فى تسكين الجيش لقربها من الصحراء حيث يتمكن الجنود من التدريب، وأنشأ بها مدرسة البيادة (المشاة) عام 1864، وكان عدد تلاميذها 490 تلميذا، ثم مدرسة السوارى (الفرسان) عام 1865، ثم مدرسة الطوبجية (المدفعية) ثم الهندسة الحربية، ثم مدرسة أركان الحرب، فمدرسة الرى والعمارة عام 1866 بسراى الزعفران، وهو الذى أنشأ قصر الزعفران، وتسمى بهذا الإسم نسبة إلى المنطقة التى كان يكثر بها زراعة نبات الزعفران الطيب الرائحة.

   وفى عام 1865 مد الخديوى اسماعيل السكك الحديدية من القاهرة إلى العباسية، ثم من العباسية إلى منطقة القبة (خط المرج فيما بعد)، وأنشأ ميدانا لمسابقات الخيول بالعباسية، وكانت السباقات تجرى فيه وسط حشد كبير، وتنشر الوقائع أخبارها، وتحولت العباسية إلى ميدان للرماية والإحتفالات الشعبية.

   ويرتبط حى العباسية بالثورة العرابية، التى وقعت احداثها عام 1881 فى عهد الخديوى توفيق ابن اسماعيل، ففى 18 فبراير 1879 اجتمع 600 ضابط ثم خرحوا فى مظاهرة عسكرية إلى شوارع القاهرة،  ثم توجهوا إلى مقر وزارة المالية فى قصر اسماعيل المفتش، وأمسكوا بنوبار باشا رئيس النظار (الوزراء) والوزير الأجنبى "ويلسون"، وأوسموهم ضربا، احتجاجا على التدخل الأجنبى فى شئون البلاد، وفى اليوم التالى سقطت وزارة نوبار أول رئيس للوزراء فى مصر الحديثة.

   وبعد احتلال الإنجليز لمصر، استولت سلطات الاحتلال على العباسية، وحولته إلى ثكنة عسكرية بريطانية، وانتشرت قشلاقات الجيش الانجليزى بالعباسية، واقاموا بها نادى الجيش البريطانى.

   تحول حى العباسية خلال الاحتلال الانجليزى إلى مستعمرة انجليزية، وأطلق الإنجليز أسماء أجنبية على شوارع الحى، وهذه الأسماء تم استبدالها بعد ثورة يوليو 1952.

   ويرتبط بحى العباسية مستشفى الامراض العقلية، التى أصبحت مرادفا للحى، ويرجع تاريخها إلى عهد الخديوى اسماعيل، حيث أنشأت هذه الاستبالية فى جزء من السراى (الصفراء) التى أقامها الخديوى اسماعيل، ثم احترقت هذه السراى، وأعاد بنائها الخديوى توفيق، وعرفت باسم "سراى المجاذيب"، ولأن تلك المنطقة كانت تتميز بهواء صحى نقى، فقد توالى بناء المستشفيات بها، فأمام مستشفى الأمراض العقلية أقيم مستشفى الحميات، وجنوبا أقيم المستشفى الإيطالى (أمبرتو الأول)، ثم المستشفى اليونانى بجواره، ثم المستشفى الاسرائيلى فى غمرة، ثم المستشفى القبطى، ثم المستشفى الفرنساوى الذى اصبح مستشفى مصر للطيران.

   فى منطقة السرايات أقيمت مدرسة الصناعة والزخرفة، التى أصبحت بعد ذلك كلية الهندسة، وبجوارها كثرت البنايات والعمارات الكبيرة التى تهافت عليها الأثرياء لسكناها، وظهر فى تلك الفترة رجل خير من أصل فارسى، هو "عبدالرحيم الدمرداش باشا" الذى تبرع وزوجته من مالهم لبناء مستشفى خيرى عام 1928 مازال يحمل اسمه (مستشفى الدمرداش)، تطور فيما بعد لأن يصبح كلية طب عام 1947، وأمام مستشفى الدمرداش يوجد قبر أحمد ماهر باشا رئيس وزراء مصر الذى اغتيل فى 24 فبراير 1945، وأيضا قبر رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى الذى اغتيل فى 28 ديسمبر 1948.

   بعد ثورة يوليو 1952 احتفظت الثورة بمقار الجيش الإنجليزى، وخصصتها لوزارة الحربية (الدفاع) فيوجد فى دائرة العباسية مقر وزارة الدفاع، ومبنى الكلية الفنية، والمعهد الفنى للقوات المسلحة، وجميع الهيئات والإدارات والنوادى التابعة للجيش، واختار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الإقامة بها فى منزل كان يخص ناظر المدرسة العسكرية، ثم باتت مقصدا لألوف الأسر من كافة الطبقات استوطنوا هذا الحى.