خبراء: إعادة ملف سد النهضة للاتحاد الإفريقي مخيب للآمال.. وإثيوبيا تصطاد في الماء العكر
دعا مجلس الأمن في بيان رئاسي أطراف سد النهضة الإثيوبي إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي، معللا ذلك بأن مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار.
وطالب المجلس في البيان الرئاسي الذي أصدره، أمس، أطراف سد النهضة إلى استئناف المفاوضات، مشددا على ضرورة العودة إلى اتفاق المبادئ الموقع في 2015، مشجعا المراقبين الذين سبقت مشاركتهم في الاجتماعات التفاوضية التي عُقدت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وأي مراقبين آخرين تتوافق عليهم الدول الثلاث، على مواصلة دعم مسار المفاوضات بشكل نشط بغرض تيسير تسوية المسائل الفنية والقانونية أو أية مسائل أخرى عالقة.
وبحسب مجلس الأمن يأتي صدور البيان الرئاسي تأكيدا للأهمية الخاصة التي يوليها أعضاء مجلس الأمن لقضية سد النهضة، وإدراكا لأهمية احتواء تداعياتها السلبية على الأمن والسلم الدوليين، ولمسؤوليتهم عن تدارك أي تدهور في الأوضاع ناجم عن عدم إيلاء العناية اللازمة لها.
مصر ترحب ببيان مجلس الأمن
رحبت مصر بالبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، واعتبرت وزارة الخارجية إن تشجيع دول الأزمة الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا على استئناف المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي جاء في إطار مسئولياته عن حفظ السلم والأمن الدوليين، وبغرض الانتهاء سريعا من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك في إطار زمني معقول.
تهديد مباشر لمصالح السودان
واعتبرت الخارجية السودانية أن مواصلة إثيوبيا ملء سد النهضة دون اتفاق يمثل تعنتا من جانبها، لا يليق بدولة تحترم سيادة جيرانها وتحافظ على مصالحهم، مضيفة أن مواصلة الملء دون اتفاق تمثل تهديدا مباشرا لمصالح السودان، معربة عن تقديرها للدور الذي يضطلع رئيس جمهورية الكونغو به الرئيس فليكس تشسيكيدي في إيجاد حل للنزاع القائم حول سد النهضة.
إثيوبيا تصطاد في الماء العكر
فيما، أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانا صحفيا للتعقيب على قرار مجلس الأمن، تشير فيه إلى أن البيان الذي صدر بعد 9 أسابيع من الاجتماع المفتوح لمجلس الأمن الدولي بشأن مسألة السد الكبير جاء بطريقة غير مسبوقة، مؤكدة ترحيب الحكومة الإثيوبية بأعضاء المجلس لتوجيههم الأمر إلى المفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الأفريقي.
وتابع البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية، أنه من المؤسف أن يعلن المجلس بنفسه عن أن مسألة الحق في المياه والتنمية تخرج عن نطاق ولايته، مشيرا إلى أن زلة تونس التاريخية في تقديم قرار المجلس تقوض مسؤوليتها الرسمية كعضو مناوب في مجلس الأمن الدولي على مقعد أفريقي.
وأضاف البيان: تثني إثيوبيا على أعضاء المجلس الذين قاموا بدور في تصحيح الانتهاكات ضد سلامة أسلوب عمل المجلس في تجهيز البيان، توفر موارد المياه العابرة للحدود فرصة لتحقيق الصالح العام والتعاون الإقليمي.
وتابع البيان: موقف إثيوبيا من النيل عادل، فهي تطمح لتحقيق حقها المشروع وبناء صداقة بين شعوب الدول المشاطئة، وحان الوقت الآن لدول حوض النيل لتهيئة وتعزيز التعاون على مستوى الحوض، كما أن البلاد لن تعترف بأي مطالبة قد تثار على أساس البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن.
صلاحيات مجلس الأمن
في هذا الصدد، قال بلال مصطفى أستاذ القانون الدولي: إن صلاحيات مجلس الأمن أوسع بكثير مما تم الإعلان عنه في البيان، مشيرا إلى أن المجلس تجاهل مفهوم الوساطة الدولية، خاصة أن تونس طالبت بدعم استئناف المفاوضات، وتحديد مدى زمني للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يراعي حقوق ومصالح جميع الأطراف.
وتابع: البيان يعطي فرصة لحل نقاط الخلاف دون إصدار قرارات تجاه طرف على حساب الآخر، مشيرا إلى أن الخطوات القانونية تجاه إثيوبيا تشترط قبول كافة الأطراف مثل اللجوء لمحكمة العدل الدولية وهو ما ترفضه إثيوبيا بكل تأكيد.
وأشار إلى صعوبة استمرار الوضع الخلافي بين الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا، حيث تعي إثيوبيا أن حرمان مصر من حقوقها شيء لا يمكن قبوله، وأن صبر القيادة السياسية في مصر والسودان له حدود.
زعزعة الأمن والسلم في المنطقة
ويرى عباس أبو الدهب أستاذ القانون الدولي والفقيه الدستوري، أن بيان مجلس الأمن بمثابة تخلي عن دوره المنوط به، مبديا تعجبه مما زعمه البيان من أن مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار.
واستطرد: البيان لم يأت بأي جديد عما كان متوقعا باستئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي في إطار مبادئ سد النهضة، ولم يكن البيان يستدعى كل هذا التأخير في الإصدار، متابعا إن مشروع القرار التونسي لم يطلب من المجلس أي تدخل خارج اختصاصه كما ألمح البيان.
واستنكر أبو الدهب اعتبار المجلس أن قضية سد النهضة فنية فقط، رغم خطورتها في أن تكون سببا رئيسيا في زعزعة الأمن والسلم في المنطقة بسبب التعنت الإثيوبي من جهة ولخطورة مواصفات السد من جهة أخرى حيث أنه سوف يشكل قنبلة مائية سعتها 74 مليار متر مكعب.