إسرائيل تسبب أزمة بالاتحاد الأفريقي.. وخبير أمني يكشف لـ«الديار» مخططات تل أبيب
حالة من الانقسام الداخلي داخل الاتحاد الأفريقي باتت واضحة للجميع خلال الفترة الماضية ولعل آخرها موقف الاتحاد من انضمام إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، ففي الوقت الذي يؤكد فيها موسي فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، أن هذا القرار يقع ضمن اختصاصه الكامل، وجهت سفارات مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا، المندوبيات الدائمة لدى الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، مذكرة شفهية لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، أكدت فيها اعتراضها على قرار قبول إسرائيل عضوًا مراقبًا في الاتحاد.
ومنذ أيام أعلنت إسرائيل، ممثلة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أنها سوف تنضم إلى الاتحاد الأفريقي كعضو مراقب، وردًا على ذلك علّقت الخارجية الجزائرية ببيان شديد اللهجة؛ واصفةً المساعي الإسرائيلية بأنها ضجة إعلامية "بلا حدث" الغرض منها دبلوماسي في المقام الأول، وأنها لن تؤثر في القضية الفلسطينية، وأن القرار لا يمكنه الإضرار بالمتطلبات الأساسية لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
الاتحاد الأفريقي يرى أن هذا القرار يأتي في ضوء اعتراف أغلبية الدول الأعضاء بالاتحاد بإسرائيل كدولة وإقامة علاقات دبلوماسية معها التي تتخطى ثلثي الدول الأعضاء للاتحاد الإفريقي، وبطلب صريح من عدد من هذه الدول، وعلى الجانب الآخر رأت بعض الدول داخل الاتحاد مثل الجزائر أن القرار اُتخذ دون الرجوع إليها.
وفي خضم الأزمة التي سببتها إسرائيل داخل الاتحاد الأفريقي وتجلي انقسام أعضائه وتماهي هذه الدول مع القضايا العربية خاصة قضية سد إثيوبيا والصراع العربي الإسرائيلي؛ بحثًا عن مصالح هذه الدول الاقتصادية والسياسية مع تل أبيب، من المهم التحدث مع اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والشئون الإفريقية، حول هذه الأمور.
انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي كعضو مراقب
متخصص الأمن القومي والشئون الأفريقية أكد أن إسرائيل كانت منضمة لمنظمة الوحدة الأفريقية كعضو مراقب كذلك فلسطين، ووجود إسرائيل في هذا الوقت أمر غير مستحب وبات أمرًا واقعًا للأسف، موضحًا أن الاتحاد الأفريقي يعتمد في ميزانيته على الدول المانحة من الدول الأوروبية وغيرها فهو ليس سيد قراره، فقرار الاتحاد الأفريقي نابع من الخارج، فهو غير قادر على أن يكون قراره نابعًا من أعضائه.
في تصريح خاص لـ«الديار» أكد اللواء محمد عبد الواحد أن الإطار العام في العلاقات الدولية خلال السنوات الماضية يؤكد أن هناك تحركات قوية لدفع إسرائيل نحو الحضور السياسي والدبلوماسي بشكل قوي سواء داخل الساحة العربية، وهذا ما حدث خلال الفترة الماضية عبر ما يسمى بالتطبيع مع بعض الدول العربية خلال معاهدات السلام التي تمت بين الطرفين أو الحضور بقوة داخل الاتحاد الإفريقي؛ ما سيؤثر في القضية الفلسطينية والمصالح المصرية بشكل خاص والعربية عامة، موضحًا أن الحضور الإسرائيلي بهذا الشكل اقتصاديًا وسياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا ليس في مصالح مصر فقط بل الدول العربية كافة.
تغير مفهوم الحضور الإسرائيلي في المنطقة
وعن الصراع العربي الإسرائيلي شدد متخصص الأمن القومي والشئون الأفريقية على أنه لم تعد هناك فكرة للصراع العربي الإسرائيلي؛ فالصراع الآن بات بين العرب وبعضهم كما حدث في ثورات الربيع العربي في ليبيا وسوريا والصراعات الطائفية في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وهناك مَن نظّم هذه الصراعات وفقًا لنقاط ضعف الدول العربية حسب الطائفية أو العرقية أو الدينية، غير أن هناك دولًا عربية تروج للتطبيع مع إسرائيل؛ حتى تغير مفهوم الحضور الإسرائيلي في المنطقة من صراع عربي إسرائيلي إلى تقارب عربي إسرائيلي.
وأوضح أن انضمام إسرائيل سيؤثر بشكل كبير في مصالح مصر الأفريقية والدولية والعربية وأقرب مثال على ذلك التطبيع الذي حدث بين بعض الدول العربية وإسرائيل، حيث أثَّر ذلك في مصالح مصر الاقتصادية والسياسية مثل: نقل النفط الخام والمنتجات النفطية من الخليج إلى الأسواق الغربية عبر خط أنابيب لنقل النفط بين مدينة إيلات الإسرائيلية على البحر الأحمر وميناء عسقلان على البحر المتوسط، بعد توقيع اتفاقية تعاون بين الإمارات وإسرائيل؛ ما يؤثر في إيرادات قناة السويس الاقتصادية.
التطبيع سيؤثر في مصالح مصر
وأكد أن التطبيع أثر بشكل قوي في مصالح مصر السياسية وهذا ما حدث في ملف سد إثيوبيا فهناك دول عربية لها استثمارات كثيرة داخل إثيوبيا ولم تمارس أي دور كورقة ضغط على الجانب الإثيوبي للوصول إلى اتفاق ملزم لحل هذه القضية، موضحًا أنه في ظل هذا الحضور الإسرائيلي ستتأثر مصالح مصر الاقتصادية، حيث إنه هناك منافسة قوية وتحريض على الدول العربية كافة، فوجودها داخل أفريقيا بمنزلة الخطر المستمر، غير أن الدول الأفريقية تمتلك 54 صوتًا داخل مجلس الأمن ففي جميع المحافل الدولية ستدعم هذه الدول الكيان الإسرائيلي انطلاقًا من المصالح المشتركة بينهما.
وعن مساعي إسرائيل المستمرة للانخراط في الاتحاد الأفريقي، قال إن إسرائيل تسعى إلى إقامة علاقات ثنائية وفتح أسواق جديدة إلى منتجاتها خاصة الناحية التكنولوجية والعسكرية، فالعلاقة بين الجانين قائمة على المصالح؛ حتى إن تل أبيب تستفيد من الثروات الأفريقية مثل المواد النفيسة كالبلوتونيوم واليورنيوم والكولتان التي تحصل عليها حتى لو كانت في المناطق المعارضة.
إسرائيل تدعم الأنظمة والمعارضة في أفريقيا
وفي هذا الشأن أكد أنه عاش في أفريقيا لمدة 23 عامًا ورأى مدى استفادة إسرائيل من المواد النفيسة الأفريقية سواء من الأنظمة الحاكمة أو الأحزاب المعارضة، ففي الكونغو كانت إسرائيل تشتري مادة الكولتان النادرة التي تستخدم في صناعة رؤوس الصواريخ والأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف النقالة، فهذه المادة نادرة الوجود ولا بديل لها حتى اليوم لصناعة أجهزة مثل الهاتف النقال والكمبيوتر، مشددًا على أن إسرائيل لا تحترم خصوصية الدولة، حيث إنها تساعد الأنظمة الحاكمة الأفريقية وفي الوقت نفسه تدعم المعارضة بالأسلحة، ودائمًا ما تتدخل في القضايا التي تمس الأمن القومي العربي لا سيما المصري.
وما يساعد المساعي الإسرائيلية الدول العربية التي ليست لديها رؤية موحدة تجاه قضاياها فكل دولة عربية لديها أجندة خاصة بها تجاه أفريقيا تتعارض مع القضايا العربية نفسها أو ربما تتعارض مصالحها مع مصالح مصر في أفريقيا مثل ما حدث في ملف سد إثيوبيا، ففي الوقت الذي تسعى مصر لحل القضية المائية تتداخل مصالح دولة عربية الاقتصادية مع مصالح مصر، وفق ما يرى اللواء محمد عبد الواحد.
وأوضح أن ملف ليبيا تعارضت فيه جميع مصالح الدول العربية، فالجزائر وتونس والمغرب في اتجاه وقطر في اتجاه ثانٍ ومصر والسعودية والإمارات في اتجاه ثالث؛ ما يؤكد التباين العربي الواضح في القضايا العربية المختلفة وكذلك الوضع في اليمن وسوريا؛ ما يُضعف الأمن القومي العربي.
وفيما يتعلق بالأضرار الإعلامية على مصر والدول العربية بعد انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي كعضو مراقب، أكد متخصص الأمن القومي والشئون الأفريقية أنه دائمًا ما تروج إثيوبيا إلى أن هناك صراعًا مسيحيًا إسلاميًا بينها وبين الدول العربية المحيطة بها، وما يساعدها على ذلك الإعلام الإسرائيلي الذي يروج للأفكار ذاتها، وهذا ما حدث بعد اجتماع جامعة الدول العربية الأخيرة بدولة قطر مايو الماضي؛ حيث روّج الإعلام بدولة إثيوبيا إلى أن هناك صراعًا بين الدول الأفريقية (ذات البشرة البيضاء السمراء) والدول العربية (ذات البشرة البيضاء)، كما تروج إلى أنها جزيرة مسيحية منعزلة وحولها دول عربية تحاول قتل شعبها، ولا تريد هذه الدول البقاء لها؛ وهذه الرؤية تناولها الإعلام الإسرائيلي.
اقرأ المزيد:
محلل عراقي يكشف لـ«الديار» أسباب زيارة وزير دفاع بلاده إلى مصر
الأحواز لـ«الديار»: سلمنا قضيتنا لمسئولي الجامعة العربية وننتظر الرد
حرب السفن.. ومحللون لـ«الديار»: مواجهة مفتوحة قد تتحول لحرب شاملة