جريدة الديار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 01:57 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

هل الجزائر قادرة على تقريب وجهات النظر بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة؟

رمطان لعمامرة
رمطان لعمامرة

قادت دولة الجزائر برئاسة رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، جولة أفريقية لتقريب وجهات النظر بين دول مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة، بدأت من أديس أبابا ثم الخرطوم وأخيرًا القاهرة ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

ويتساءل كثير من المراقبين عن قدرة الجزائر على حل الأزمة المائية العالقة منذ 10 سنوات بعد توقف المفاوضات منذ جولة مفاوضات كينشايا برعاية الاتحاد الأفريقي في أبريل الماضي، ولجوء دولتي المصب إلى مجلس الأمن بهدف وضع منهج جديد واضح للتفاوض والوصول إلى حل مُرضٍ.

 

إثيوبيا تُعوّل على خبرة وزير الخارجية الجزائري الطويلة في القضايا الإفريقية، حيث إنه كان مفوضًا للشئون السياسية والأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي، وأسهم بشكل كبير في حل أزمة النزاع بين إثيوبيا وإريتريا التي استمرت سنوات طويلة في عام 2000؛ لذلك أصرّت حكومة آبي أحمد الإثيوبية على الوساطة الجزائرية خلال الفترة الماضية، بل هي مَن اقترحت هذا الأمر.

 

ويبقى سؤال مهم لماذا تصر إثيوبيا على الوساطة الجزائرية؟ وهل الأمر مرتبط بشكل كبير بعلاقاتها الجيدة بالجزائر أم أن الأزمات الداخلية هي التي دفعتها للمناورة السياسية؟

 

الجزائر تدرك أهمية دور مصر في المنطقة

 

وزير الخارجية الجزائري، خلال جولتها إلى الدول الثلاث، جاءت تصريحاته متشابهة للغاية، إذ تتمحور حول ما أسماه بـ«ضرورة توصل مصر والسودان وإثيوبيا إلى حلول مرضية في ملف سد النهضة الإثيوبي وأن الجزائر جزء من حل المشكلات التي تتعرض لها الدول العربية والإفريقية وعلى رأسها مشكلة السد».

 

رمطان لعمامرة، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره وزير الخارجية المصري سامح شكري بعد لقاء مطول بينهما استمر لساعات طويلة، قال فيما يتعلق بملف سد إثيوبيا الآتي:

  • قضية سد النهضة عالمية وتنال اهتمام المجموعة الدولية.
  • الوضع المتعلق بالعلاقة بين دول حوض النيل يمر بمرحلة دقيقة.
  • حريصون على ألا تتعرض العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين العربي والإفريقي لمخاطر.
  • نرغب في أن نكون جزءًا من الحل بكل الملفات الكبيرة التي تهم أشقاءنا حين تكون الظروف ملائمة.
  • نرى أن تصل إثيوبيا ومصر والسودان إلى حلول مرضية تحقق لكل طرف حقوقه.
  • نحن في حاجة إلى الاطلاع على الأمور ولا نكتفي بمعرفة سطحية لملف «سد النهضة» الحيوي.
  • ما زلنا في اهتمام بهذا الموضوع لأنه مهم للدول الشقيقة والصديقة، ونحن حريصون على أن تظل العلاقة بين الدول الأفريقية والعربية متميزة.

 

ولم تكن تصريحات رمطان لعمامرة قاصرة على الاكتفاء بتأكيده البحث عن حلول مُرضية لجميع الأطراف، ولكنه في أكثر من مناسبة ولقاء صحفي يشدد على أن ملفات المغرب والمشرق العربيين وملفات القارة الإفريقية تتطلب التنسيق والتشاور مع مصر؛ ما يؤكد أن دولة الجزائر تدرك جيدًا أهمية الدور المصري في المنطقة.

 

لجوء إثيوبيا إلى الجزائر في عيون المحليين

 

يرى المحللون أن إثيوبيا تطلق تصريحات بصفة مستمرة من حين لآخر بشأن العودة لمفاوضات السد في ظل أزماتها الداخلية التي تعاني منها؛ لذلك تسعى أديس أبابا إلى الحصول على طوق نجاة من قبل أي طرف عربي أو أفريقي للخروج من الأزمات الراهنة منها أزمة حدودها مع السودان في منقطة الفشقة وقضية إقليم تيجراي.

 

ورأى البعض الآخر أنه لا يمكن للجزائر أن تلعب دور الوساطة في ملف سد النهضة، لعدم امتلاك الجزائر الخبرة الكافية للوساطة في أزمات المياه، ولكن لجوء إثيوبيا إلى الجزائر مجرد ورقة دبلوماسية لبث رسائل إلى دولتي المصب توحي بأن أديس أبابا ليست لديها ما يمنع من وجود وساطة أفريقية لحل القضية العالقة.

 

عوامل نجاح الوساطة الجزائرية وماراثون المفاوضات

 

الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير راغب قال إن المبادرة الجزائرية بشأن أزمة سد النهضة تتوقف على توفير حسن النوايا بين جميع الأطراف، فإن لم تتوفر الإرادة السياسية الواضحة من الجانب الإثيوبي فإن القيادة السياسية الجزائرية لن تكون قادرة على حل هذه القضية، فالموقف الإثيوبي لديه 70% من حل الأزمة.

 

اللواء سمير راغب أكد، في تصريحات تلفزيونية، أن هناك علاقات تاريخية تجمع بين مصر والجزائر ولا يوجد بها أي صخب، فالعلاقات يمكن وصفها بالمتميزة؛ لذلك تأتي المبادرة في وقت يوصف بالفرصة الأخيرة؛ ولكن الأمر يتوقف على أن يكون هناك سقف زمني محدد (6 أشهر) والالتزام الإثيوبي بالتوقيع على بنود الاتفاق؛ حتى لا يصبح الأمر مجرد ماراثون مفاوضات كما حدث خلال 10 سنوات الماضية.

 

وشدد الخبير العسكري على أن إثيوبيا سعت خلال الفترة الماضية إلى إضاعة الوقت على الطرفين والمناورة السياسية بفضل سوء نيتها؛ لذلك يعزز هذا الأمر من فشل الوساطة الجزائرية في ظل تكرار التصريحات الإثيوبية التي لا توجد بها أي مصداقية.

 

ورأى سياسيون أن الوساطة الجزائرية قد تنجح إذا توافرت الإرادة السياسية من جميع الأطراف خاصة أن الجزائر لديها خبرة في فض النزاعات فهي جزء من القارة الأفريقية وعضو بجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، وقد تُقرب وجهات النظر؛ ولكن لا بد من وجود اتفاق ملزم له شقان فرض الحقوق التاريخية على الجميع في المياه، والشق الآخر منع إثيوبيا من ألا تقيم أي سدود ومشروعات في المستقبل تضر بدولتي المصب.