جرائم الاحتلال في جنين .. اعنف عدوان صهيوني منذ 20 عاما
تدوي أصوات انفجارات وتبادل عنيف لإطلاق النار، على مدار الساعة في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، في ظل عدوان يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي، يُوصف بأنه الأكثر عنفا منذ 20 عاما، بحسب وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ".
وحتى كتابة هذه السطور، استشهد ثمانية فلسطينيون وأصيب أكثر من 50 آخرين، وصفت حالة 10 منهم بالخطيرة منذ ساعات فجر اليوم الاثنين، في وقت أظهرت الصور المنتشرة من داخل مخيم جنين، دمارا واسعا طال مباني ومنازل سكنية ومركبات ومحال تجارية.
وتحدثت مصادر فلسطينية، عن اشتباكات مسلحة بين المقاومين وقوات الاحتلال في مناطق متعددة من مخيم جنين، في وقت عمد الشبان إلى إلقاء قنابل محلية الصنع على الآليات العسكرية التي دفع بها جيش الاحتلال.
وأفادت المقاومة الفلسطينية، بأنها تمكنّت من تفجير عبوات ناسفة، مع خوض اشتباكات مسلحة وإيقاع إصابات في صفوف قوات الاحتلال، في حين أعلن جيش الاحتلال إصابة جندي واحد بجروح.
كما أعلنت «كتيبة جنين» التابعة للمقاومة، إسقاط ثلاث مسيرات إسرائيلية والسيطرة عليها.
فيما ذكرت تقارير عبرية، أن قوات جيش الاحتلال اعتقلت 20 فلسطينيا في جنين، زعمت أنهم مطلوبون لأجهزة الأمن.
يأتي هذا فيما رصد شهود عيان، نزوح عائلات من منازلها في مخيم جنين خشية من تطور الموقف الميداني هناك.
في السياق، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، إن جيش الاحتلال بدأ عدوانه على مخيم جنين، بقصف منزل وسط المخيم ما أسفر عن استشهاد شاب.
ولاحقًا، أغارت طائرات إسرائيلية مسيرة بالصواريخ على عدة مواقع داخل المخيم وعلى أطرافه، وتبع ذلك اقتحام قوات كبيرة من جيش الاحتلال، تقدر بـ150 آلية عسكرية ترافقها جرافات مدرعة، مدينة جنين من عدة محاور، وحاصرت المخيم.
وقطعت هذه القوات، الطرق التي تربط بين المدينة والمخيم، واستولت على عدد من المنازل والبنايات المطلة عليه، ونشرت قناصتها فوق أسطحها، وقطعت التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من المخيم.
وذكرت وكالة «وفا» أن جيش الاحتلال، استهدف بناية سكنية مكونة من ثلاثة طوابق بصاروخين، وأطلق الرصاص في محيط مستشفى (ابن سينا)، واستخدم السكان كدروع بشرية.
وقال جيش الاحتلال، في بيان، إن طائراته المسيرة أغارت على أهداف ومسلحين في مخيم جنين، ودمرت معملا لإنتاج وتخزين عبوات ناسفة.
كما ادعى جيش الاحتلال، أن قواته عثرت وصادرت منصة إطلاق قذيفة صاروخية محلية الصنع ووسائل قتالية أخرى وستواصل العمل لإحباط ما سماها «التهديدات» في المنطقة.
من جهتها، اتهمت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، قوات الاحتلال بمنع الطواقم الطبية من الدخول إلى مخيم جنين لإنقاذ المصابين، مطالبة بتحرك دولي لوقف ذلك.
كما أفادت منظمة «أطباء بلا حدود»، بأن جميع الطرق المؤدية إلى مخيم جنين مغلقة بما في ذلك أمام سيارات الإسعاف.
فيما قالت وزارة الإعلام الفلسطينية، إن جيش الاحتلال يستهدف بشكل مباشر الصحفيين في جنين ومخيمها، وحاصر الطواقم الإعلامية واستهدفها بالرصاص.
ومن المقرر أن تعقد القيادة الفلسطينية، اجتماعا طارئا مساء اليوم على خلفية العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين.
فيما اعتبرت الرئاسة الفلسطينية، العدوان الإسرائيلي تمثل «جريمة حرب جديدة»، مطالبة المجتمع الدولي بالخروج عن صمته المخجل والتحرك الجدي لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها بحق الشعب الفلسطيني، ومحاسبتها على كل هذه الجرائم.
وأكد الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان، أن الأمن والاستقرار لن يتحققا في المنطقة ما لم يشعر بهما الشعب الفلسطيني.
بدوره، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني سيجر المنطقة إلى دوامة من العنف وعدم الاستقرار.
وبحسب بيان صدر عن الشيخ، فإنه بحث مع الصفدي تطور الأوضاع في جنين، والجهد المشترك على الصعيدين العربي والدولي لوقف العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها.
من جهتها، حملت حركة «حماس»، إسرائيل المسئولية عن تداعيات العملية العسكرية في جنين في الضفة الغربية.
وصرح الناطق باسم «حماس» حازم قاسم في بيان، بأن حكومة الاحتلال تتحمل المسئولية عما يجري من عدوان ضد جنين، مؤكدا أن التصعيد الجاري لن يحقق أهدافه.
أما الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة، فصرح بأن ما يجري في جنين هو مذبحة يقوم بها العدو ضد الشعب الفلسطيني، والمقاومة ستقوم بواجبها لوقف هذه المذبحة.
ووصف الفلسطينيون، العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين، بأنه الأوسع منذ عملية «السور الواقي» التي شنتها قوات الاحتلال عام 2002 في جنين ومناطق أخرى في الضفة الغربية.
ويقع مخيم جنين الذي أقيم عام 1953، إلى الغرب من مدينة جنين على مساحة حوالي 473 دونماً، ويقطنه نحو 12 ألف لاجئ فلسطيني.
وقبل أسبوعين، شنت قوات الاحتلال عدوانا استهدف مخيم جنين، تخلله استخدام الطيران المروحي للمرة الأولى منذ عدة سنوات، وخلّف استشهاد سبعة فلسطينيين وعشرات الجرحى.
وفي يناير الماضي، نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها أدت إلى استشهاد نحو 10 فلسطينيين بينهم سيدة مسنة، وإصابة العشرات بجروح.
وعقب التطورات في جنين اليوم، اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وجيش الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، خلفت استشهاد شاب وإصابة عشرات آخرين بالرصاص المطاطي والاختناق.
وبحسب مصادر فلسطينية رسمية، استشهد 188 فلسطينيا منذ بداية العام الجاري غالبيتهم العظمى في الضفة الغربية المحتلة، برصاص جيش الاحتلال، في أكبر حصيلة منذ سنوات.
وتسود مخاوف من إتساع دائرة التصعيد في الأراضي الفلسطينية على خلفية ما يجرى في جنين لاسيما احتمال إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه إسرائيل.
وحذرت «الغرفة المشتركة» للفصائل الفلسطينية في غزة، من التصعيد الإسرائيلي في جنين وتوعدت بالرد في كل الساحات.
وأعلن بيان للغرفة المشتركة، أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة العدوان الهمجي على جنين، وأن المقاومة في كل الساحات لن تسمح للعدو بالتغول على الشعب الفلسطيني في جنين أو الاستفراد بهم.